العدد 343 - الخميس 14 أغسطس 2003م الموافق 15 جمادى الآخرة 1424هـ

من الذي قتل سالمون اليهودي في البحرين؟

حكايات من زمن البرتغاليين (7)

لا تستغربوا هذا العنوان... فهو ليس بداية لمسلسل تاريخي بوليسي دموي... بل بكل بساطة هو بحث متواضع جدا في إحدى الوثائق العثمانية المتوافرة هذه المرة هنا (في البحرين) بمركز الوثائق التاريخية. وقد عثرت عليها بالمصادفة خلال بحثي عن علاقة البرتغاليين بالعثمانيين في الخليج.

وهي وثيقة تحمل رقم البحث 2097 - دفتر مهمة 69 - الصفحة 200، رقم الوثيقة 400، تاريخ الوثيقة شهر ذي الحجة العام 1001هـ - الموافق للعام 1593م. وهنا لابد من إعطاء نبذة سريعة عن دفاتر المهمة العثمانية وعددها 263 دفترا، فيها تسجيل لجميع الأحكام والأوامر الصادرة من ديوان همايون السلطاني والمتعلقة بمختلف شئون الدولة فيما بين أعوام 961/1323هـ أي (1553/1905م). وتتراوح صفحات كل دفتر بين 300 إلى 400 صفحة. وعلى رغم تسلسل أرقام هذه الدفاتر فإن هناك بعض الأعوام التي لم تسجل حوادثها.

نعود إلى وثيقتنا التي بين أيدينا الآن، وهي موجودة بأرشيف رئاسة الوزراء في استانبول. وقد صدرت في الفترة التي كانت بغداد تحت الحكم التركي، وكان حاكمها آنذاك العام 1593 هو «خادم جعفر باشا» الذي ولي تبريز أيضا لمدة ثماني سنوات وله صولات وجولات في الحرب العثمانية الفارسية. الوثيقة المذكورة هي عبارة عن رسالة بحكم موجه من بغداد إلى أمير أمراء البصرة وإلى قاضيها جاء فيه: «أن الشريكين ابن رجب وسلمون اليهودي ذهبا معا إلى البحرين لشراء لؤلؤ بما لديهما من مال. إلا أن اللؤلؤي (طواشي) المدعو أحمد دراز من سكان البصرة اتفق مع وزير شيخ البحرين الهرمزي على قتل سلمون اليهودي في البحرين واغتصاب أمواله، وفعلا قاما بتنفيذ خطتهما كما يدعيه شريكه ابن رجب، وقد نص الحكم على إحضار أحمد دراز المذكور في مجلس الشرع ومحاكمته».

انتهى نص الوثيقة العثمانية، وبقى أن نعرف بأن اليهود في الخليج خلال فترة الحكم البرتغالي قد ازداد نفودهم وسيطرتهم على موارد التجارة إذ ان البرتغاليين شجعوا هؤلاء ومنحوهم الامتيازات الكبيرة بهدف سحب البساط المالي من أيدي التجار المسلمين وهذا كما هو معروف كان ضمن أهداف الغزو البرتغالي للخليج. ثم لا ننسى للتاريخ والحقيقة أن أحد أهم مستشاري ملك البرتغال (مانويل الأول) في التخطيط لما سمي بالكشوف الجغرافية، هو إسحق اليهودي، والأدهى من ذلك أنه كان ضمن تجار هرمز بل وأحد أهم تجارها، يهودي من أهم المرابين في المنطقة. ويبدو أن الدولة العثمانية تعاونت مع اليهود من أجل الهدف الاقتصادي وسهلت لهم العمل ضمن أراضيها لأن أموالهم تسيل اللعاب لدى سلطان المسلمين في الآستانة حاضرة الخلافة العثمانية الإسلامية!

ولأن لؤلؤ البحرين معروف بجودته وقيمته العالية في ذلك الزمان لذلك جذب اليهود للعمل في أرباحه من خلال مشاركة بعض تجار البحرين وطواشيها آنذاك أمثال ابن رجب. ولكن ما علاقة حاكم البحرين الهرمزي وهو من عائلة وزراء هرمز أيضا أو مساعده (وزيره آنذاك) بأحمد دراز البصري؟ هل كان ذلك ضمن حلقة رفض الوجود اللوبي اليهودي في الخليج في الفترة البرتغالية؟ هذا ما سيكون محل بحث آخر ذات يوم حين توفر المادة الوثائقية التاريخية

العدد 343 - الخميس 14 أغسطس 2003م الموافق 15 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً