استمرار اعتصامات العاطلين عن العمل على رغم تقديم وزارة العمل أكثر من ثلاثة آلاف فرصة عمل دليل على أن الحكومة مازالت بعيدة عن الاقدام على المعالجة الواقعية والمتكاملة لمشكلة البطالة، وان محاولات اقناع العاطلين بقبول التوظيف والتدريب وبأدنى أجر لم تعد تجدي.
ان حل مشكلة البطالة لايمكن أن يكون مجزأ، كما لايمكن انتقاء الأجزاء التي تناسبنا منها وتجاهل الأجزاء الأخرى المكلفة ماديا أو المغضبة لأطراف أخرى، وأن كل علاج لهذه المشكلة أو قدم في هذا الاطار فشل، واستمرت مشكلة البطالة تتفاقم وبغض النظر عن تغير الوزراء المختصين أو السياسات التي يضعها هؤلاء الوزراء لمواجهة مشكلة البطالة.
ان أولى متطلبات حل مشكلة البطالة هو قرار سياسي يتخذ على أعلى المستويات، ويكون قرارا ملزما، ويرتفع الى مستوى القانون، ويعطي المواطن وحده الحق في الحصول على الوظائف، ويجعل توظيف الأجانب استثناء نادرا، ويتم تطبيق ذلك بصرامة على القطاعين العام والخاص في الوقت نفسه وبذات الدرجة، ويعتمد على معيار الكفاءة وليست المحسوبية.
وثاني هذه المتطلبات ان يرتبط توفير الوظائف والتدريب المجاني وعلى رأس العمل بتوفير الزجر المناسب الذي يحفظ للموظف العامل كرامته، ويمكنه من تلبية احتياجاته المعيشية، ويحقق له الاستقرار العائلي والاجتماعي، وبما يعني وضع حد أدنى للأجور.
ذلك أن الحد الأدنى للأجور كان ولا يزال أحد المطالب الرئيسية للباحثين عن عمل، ولكل الذين تصدوا إلى حل مشكلة البطالة، ولسنوات طويلة تصدت الحكومة بدورها لهذا المطلب بالرفض أو التجاهل بحجة ان وضع حد أدنى للأجور لابد أن يشمل البحرينيين وغير البحرينيين وبلا تمييز، وأن هذا من شأنه الاضرار بمصالح الشركات والمؤسسات، واضعاف قدرتها على المنافسة مع الشركات المماثلة في منطقة الخليج التي لا تأخذ بلدانها بنظام الحد الأدنى للأجور.
وأنه عندما وافقت الحكومة على وضع دراسة عن الحد الأدنى للأجور، وظهرت النتيجة الواقعية بتحديد الأجر المناسب والأدنى لمعيشة المواطن العادي، تم رفضها، وأصدر مجلس الوزراء قراره قبل حوالي ثلاثة شهور بوضع دراسة أخرى للحد الأدنى للأجور في قطاعات اقتصادية منتقاة، وبعيدة عن التأثير على مصالح القطاع الخاص ومنافسة مؤسساته لمثيلاتها في منطقة الخليج.
وأي كانت النتائج التي ستخرج بها هذه الدراسة الجديدة، فالنتيجة الأهم أن هناك التفافا ملحوظا على الحل الجذري والواقعي لمشكلة البطالة
العدد 341 - الثلثاء 12 أغسطس 2003م الموافق 13 جمادى الآخرة 1424هـ