يوم دفن جثة عدي ابن الرئيس المخلوع صدام حسين كان يوم ارتفاع راية كرة القدم العراقية من جديد.

في أعالي الجبال الجنوبية في المملكة العربية السعودية، والدولة التي قد تعذب لاعبوها لسنوات من قبل ابن صدام المختل قد أعادوا اكتشاف كبرياءهم والقدرة ليس فقط للفوز ثانية لكن أيضا للعب من دون خوف، والآن هم حتى يحلمون باللعب في الدوري الإنجليزي.

كانت مشاركة المنتخب الأولمبي العراقي في بطولة الصداقة الدولية السابعة والمقامة حاليا في «أبها» أول ظهور للعراق في مناسبة رياضية منذ خلع نظام الرئيس العراقي صدام، إذ فاز المنتخب على نظيره المنتخب السعودي الأولمبي مستضيف البطولة بهدف مقابل لاشيء في المباراة الافتتاحية، وكان للمنتخب العراقي «نجم لامع أشبه بنجم الكرة الإنجليزية مايكل أوين»، وهذا اللاعب هو يونس محمود البالغ من العمر 21 سنة، إذ أختير أفضل لاعب في أول مباراتين للمنتخب العراقي وتألق في الثانية وسجل خلالها «هاتريك».

قبل ساعات قليلة فقط من المباراة الأولى للمنتخب العراقي، كانت جثتي عدي وأخيه الأصغر قصي قد دفنتا في العراق.

يقول المحرر الرياضي بصحيفة «القادسية» علي رياح عن دفن الجثتين كما لو قد أزيح ثقل كبير عن الرياضة العراقية. وكان رياح قد سجن مرة وتعذب لكتابته تقريرا عن مباراة مهمة.

ويقول رياح بكل جدية ومن دون سخرية «لا إرهاب بعد الآن في عيون لاعبينا، لا للآلام والإهانة إذا انهزم لاعبونا».

ويضيف: «نحن الآن أحرار أن نلعب كرة القدم بحرية تامة وكل العراقيين يحبون ذلك»

بعد يومين فقط سحق المنتخب العراقي فريق منتخب عسير 5/1 وهو الآن من المرشحين لنيل لقب الدورة.

كان عدي هو الرئيس المعين ذاتيا لكل من إتحاد كرة القدم وإتحاد كمال الأجسام. بينما كان المنتخب الأولمبي العراقي الحالي صغيرا جدا لأن يعرض عقوبات عدي، ولم يهرب المنتخب العراقي الأول من الضرب على باطن أقدامهم وكسر أصابع أقدامهم بقطع من الحديد بالإضافة الى السجن والتهديد بقطع أرجلهم وتقديمهم للكلاب الجائعة.

هناك الكثير من أعضاء المنتخب العراقي الأول تلقوا مثل هذه المعاملة وذلك عند خسارة المباريات أو اللعب بصورة سيئة أو حتى إضاعة ركلات الجزاء.

يقول مدير المنتخب العراقي سابقا نجاح حريب والذي أصبح الآن رئيسا للاتحاد العراقي لكرة القدم المعاد تشكيله بعد خلع نظام صدام «لقد أرسلوني إلى سجن عدي الخاص وذلك لفترة 20 يوما عندما فشل فريقه في الفوز ببطولة أقيمت في تايلند، وعلى رغم أنهم لم يعذبوني جسديا فإنهم قاموا بحلق شعر رأسي وحواجبي لإظهار المذلة والإهانة لعامة الناس».

وكان رياح والذي أصبح رئيس تحرير صحيفة «القادسية» قد تعذب أسوأ بكثير، إذ يروي ما حصل له بعد أن كتب مقالا عن احدى المباريات «لقد اعترض عدي على أحد تقارير المباريات التي قمت بكتابتها، إذ قام بسجني وضربي حتى أنهم عذبوني بالأقطاب الكهربائية».

ويضيف قائلا: «لم تعرف لقسوة عدي أي حدود، ولم يكن أحد آمنا منه سواء كان ممثلا كوميديا أو رياضيا أو حتى صحافيا، لقد كرهنا جميعا وتمتع بمعاناتنا. أحب المشاهدة وكان شريرا فعلا وأسوأ بكثير من والده».

لدى رياح الآن مشكلات في القلب وأمراض أخرى كثيرة نتيجة التعذيب. هناك أيضا بعض اللاعبين عانوا من التعذيب الجسدي والنفسي. يقول كابتن المنتخب العراقي السابق ياسر عبداللطيف بعد أن تم طرده في احدى المباريات بأنه قد تم إرساله الى معتقل، وقاموا بجلده بالكيبل الكهربائي ثم ألقي به في مستودع مليء بالنفايات والقذارة وجروحه مفتوحة.

ويضيف أيضا أن حكما دوليا عراقيا رفض أن يمنح الفوز لأحد الأندية مقابل رشوة، وقد تم تعذيبه بالطريقة نفسها.

ويعود حريب الوجه الجديد لكرة القدم العراقية قائلا «لقد فقدنا جميع الاتصالات والعلاقات مع جميع دول العالم في مجال كرة القدم بالإضافة إلى ذلك لم يسمح بإقامة أية دورات لصقل الحكام أو حتى المدربين ولم يكن هناك أية كتب لمساعدتنا، أما الآن فنحن أحرار ثانية ويجب أن نهتم بمستقبل كرة القدم العراقية». لكن المشكلة تكمن في ان ذلك المستقبل غير آمن ماليا. إذ أن المخزون الاحتياطي لحساب الاتحاد قد دمر بغارات «كوليشن».

يعرف العراقيون انه قد يجب عليهم أن يبيعوا بعض من أفضل لاعبيهم للنوادي الخارجية.

وفعلا أصبح عباس رحيم أول لاعب عراقي يوقع لناد كويتي منذ غزو العراق 1990 وهناك أيضا الكثير من اللاعبين الذين يمتلكون مهارات وإمكانات عالية وخصوصا اللاعب الناشئ يونس محمود.

ومن المنتظر أن يستأنف الدوري العراقي في أكتوبر/تشرين الأول.

(خدمة الإندبندنت - خاص بـ «الوسط»