العدد 339 - الأحد 10 أغسطس 2003م الموافق 11 جمادى الآخرة 1424هـ

«خريطة الطريق» لعبة محسومة بالعبري بنتيجة صفر/ صفر

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

شغل الصحف العبرية، التطورات الميدانية التي تضع «الهدنة» الفلسطينية في مهب «المزاج الوطني الإسرائيلي» الذي «يتزلج على طبقة رفيعة جدا من الجليد» وبالتالي فهو معرض للسقوط بما انه يقف على أرض غير صلبة... بحسبما وصّف يوئيل ماركوس في «هآرتس» تطورات الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. فعلى رغم الانتقادات الأميركية المستمرة لسياسة «إسرائيل» الاستفزازية تجاه الفلسطينيين، واصلت «إسرائيل» خرقها لخطة «خريطة الطريق» مع ما ذكرته «يديعوت أحرونوت»، من ان 60 مهاجرا يهوديا فرنسيا استقروا قبل أيام في عدد من مستوطنات الضفة الغربية في عملية أحيطت بتكتم شديد. وقالت «معاريف»، إن شارون يدعم مشروعا يكلف 95 مليون دولار لجلب المزيد من المستوطنين إلى وادي الأردن في الضفة الغربية. وأضافت ان المشروع الذي لم تصادق عليه الحكومة بعد سيقدم سكنا مجانيا للأزواج الشبان إذا وعدوا بالإقامة أربع سنوات على الأقل في مستوطنات وادي الأردن. وأضافت ان المشروع يعد أيضا بتقديم منحة قيمتها 2700 دولار للأزواج الشبان إذا وجدوا وظيفة في المنطقة. وعلى رغم ضغوط الإدارة الأميركية على شارون فيما يخص الجدار الأمني، دعم استطلاع جديد للرأي أجرته إذاعة «إسرائيل» العامة موقف رئيس الوزراء الاسرائيلي إزاء عملية السلام، إذ أظهر انه لايزال يتمتع بتأييد غالبية الإسرائيليين. وأظهر الاستطلاع ان 57 في المئة قالوا إنهم راضون عن أداء شارون مقابل 43 في المئة قالوا إنهم غير راضين. ولاحظت افتتاحية «هآرتس»، ان ثمة إشارات تفيد بأن مصير «خريطة الطريق» لن يكون مختلفا عن مصير غيرها من خطط السلام السابقة... أي انها ستلقى مصير تقرير ميتشل وخطة تينيت. لافتة إلى انه بدلا من بث الأمل في نفوس المواطنين الفلسطينيين والإسرائيليين عبر اتخاذ إجراءات تدعم الثقة بإمكان حلول السلام، فإن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، يتصرفان بطريقة سيئة. فالتقارير الصادرة عن رام الله وعن القدس (المحتلة) تظهر ان أصحاب القرار من كلا الطرفين يهتمون بالحفاظ على الوحدة السياسية الخاصة بكل منهما بدلا من الاهتمام بمصالح مواطنيهم على المدى الطويل. واعتبرت الصحيفة الإسرائيلية، ان مسألة إطلاق الأسرى الفلسطينيين الـ 334 تظهر ان حكومة شارون لم تغير نظرتها إلى مسار السلام واعتبارها إياه مجرد لعبة محسومة بنتيجة صفر/ صفر. كما لاحظت «هآرتس»، ان الحكومة الإسرائيلية، تتراجع أيضا عن عدد من التزاماتها. موضحة ان معظم الحواجز غير الشرعية مازالت في مكانها والأمر سيان بالنسبة إلى الحواجز الأمنية التي تزيد من صعوبة حياة الشعب الفلسطيني. وختمت بالقول إن قبول «خريطة الطريق»، قد وضع الإسرائيليين والفلسطينيين على مسار المصالحة، ويجب ألا يسعى الطرفان جاهدين إلى فقدان هذه الفرصة.

ولاحظ يوئيل ماركوس في «هآرتس»، ان الهدوء النسبي الراهن الذي تم التوصل إليه بعد اتفاقات العقبة هو هدوء هش وخاضع للمزاج الوطني الإسرائيلي الذي «يتزلج على طبقة رفيعة جدا من الجليد» وبالتالي فهو معرض للسقوط بما انه يقف على أرض غير صلبة... وإذ رأى ان وقف إطلاق النار المؤقت الذي وافقت عليه الفصائل الفلسطينية، قد ساهم بشكل كبير في انتعاش الاقتصاد الإسرائيلي، أقر بأنه لابد من الاعتراف بانه ما كان للاقتصاد الإسرائيلي أن يشهد تحسنا لولا قرار الهدنة. لكن ماركوس، لاحظ ان الهدوء النسبي الراهن الذي تم التوصل إليه بعد اتفاقات العقبة، هو هدوء هش وخاضع للمزاج الوطني الإسرائيلي. وأوضح ان السبب في ذلك هو بشكل رئيسي عدم رغبة رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) في الالتزام بتعهده نزع سلاح المنظمات «الإرهابية» الفلسطينية بالقوة، علما بأن هذا الالتزام هو نقطة رئيسية في «خريطة الطريق». لكن ماركوس، رأى ان شارون، يخطئ في عدم تقديم المزيد من الأعمال التي تثبت النية الحسنة تجاه الفلسطينيين أو عرضه خطة تثبت ان ثمة بصيص نور في نهاية النفق المظلم الحالي. وعزا ماركوس، ذلك إلى ان شارون خبير في التكتيكات وليس في الاستراتيجيات. وهو لم ينظم برنامجا سياسيا يؤدي إلى إنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وقال إن معادلة شارون الأساسية في حل المشكلات هي: احرث ازرع وانتظر.

ولاحظت الناقدة الإسرائيلية، ياعيل غفيرتس في «يديعوت أحرونوت» انه حتى في الوقت الذي تحلق فيه الكثير من ملفات التحقيق المزعجة فوق مزرعة «هشيكميم» (المكان الذي يتهم مكتب شارون بأنه تدخل في عملية شرائها) يحظى شارون بنسبة عالية من الثقة، في أوساط الجمهور الإسرائيلي، رئيسا للحكومة. لافتة إلى انه يتم تجديد هذه الثقة في كل مرة يعلن فيها اضطرار «إسرائيل» إلى القيام بلفتات معنوية لتدعيم حكومة أبو مازن ودفع الحل السلمي إلى الأمام كإطلاق سراح أسرى وتفكيك مواقع استيطانية، وتسليم المسئوليات الأمنية، ووقف العمليات الهجومية وعمليات الاغتيال، وتحويل الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية. ورأت انه حتى عندما تشهد الحلبة الداخلية نقاشا مؤلما عن مسألة إطلاق سراح الأسرى، يتم التعامل مع كل كلمة يقولها شارون، كما لو كانت محفورة في الصخر. لكن غفيرتس، لاحظت أيضا ان الكثير من الأسئلة تطرح فجأة، عن استقامة السياسة الإسرائيلية ونواياها الحقيقية، عندما يقوم شارون بتحطيم هذه الصخرة بهراءاته. واعتبرت انه حتى إذا لم تفهم هذه الكلمات في سياقها الكامل، فإنها تعبر عن «الرأس الملتوي» الذي يحرك السياسة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني، كما تعبر عن التركيز على مسألة «من لم يعط أي شيء للآخر» و«من خدع الجانب الثاني»، التي يشتم منها وكأن الإسرائيليين يعتبرون خاسرين عندما يقدمون أي شيء، بدل التركيز على ما الذي يمكن لإسرائيل أن تربحه لقاء القيام بلفتة سياسية مناسبة. وختمت بالقول إن عدم تقديم أي شيء مقابل لا شيء يعني اعترافا بالتعادل بنتيجة صفر/ صفر، ونتيجة لتسجيل «أهداف ذاتية» في مباراة موسم خطير، يتوق إلى الحسم الحقيقي.

ولاحظ داني رابينوفيتش في «هآرتس»، ان لدى الفلسطينيين والإسرائيليين آراء متعارضة بشأن ما يمكن أن يجري في حال حصل اللاجئون الفلسطينيون على حق العودة. ولفت إلى ان الإسرائيليين مقتنعون بأن هذه الخطوة ستتسبب بموجة هجرة كبيرة للفلسطينيين إلى الأراضي الفلسطينية ما قد يؤثر سلبا على التوازن الديمغرافي الفلسطيني الإسرائيلي. أما الفلسطينيون فهم يستندون إلى استطلاعات رأي أجريت أخيرا، وهم مقتنعون بأن الفلسطينيين يريدون الحصول على حق العودة، لكن عددا كبيرا منهم لا ينوي أبدا العودة إلى الأراضي الفلسطينية بل سيبقى حيث هو موجود. ورأى رابينوفيتش، ان هذا التعارض قد يدمر أية فرصة في التوصل إلى اتفاق في هذا الصدد، على رغم ان الحقيقة هي انه في حال حصل الفلسطينيون على حق العودة، فإن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي سيربحان. وقال إنه بما ان الفلسطينيين مقتنعون بأن ليس جميع الفلسطينيين يريدون العودة فعلا وبما ان الإسرائيليين يخافون من أن يكون عدد العائدين خياليا، فالأرجح انهم قد يقبلون بأن يحدد سقف العائدين بـ 200 ألف لاجئ. كما رأى رابينوفيتش، انه يمكن لـ «إسرائيل»، أن تعلن انها ستمنح الجنسية الإسرائيلية لأي لاجئ فلسطيني ولد ضمن الخط الأخضر قبل 1948 وهذا العدد لن يزيد عن 200 ألف علما ان عمر معظمهم يزيد عن 55 سنة وهم لن يتمكنوا من الإنجاب. معتبرا ان هذا الأمر سيخفف من مخاوف الإسرائيلي من حدوث خلل ديمغرافي. وختم بالقول إن إعطاء حق العودة، بهذه الصيغة سيزيد من الثقة المتبادلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويزيل الطابع السياسي عن مسألة اللاجئين.

وعالج ألوف بن في «هآرتس»، إحدى الأزمات التي يرى انها تعوق فتح آفاق التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فرأى ان إصرار الدولة العبرية على محاصرة عرفات ورفضها الاجتماع بأي مسئول أجنبي يقابل عرفات هي أمور تسيء للدبلوماسية الإسرائيلية وتؤخرها. وأوضح بن، ان مبعوث الاتحاد الأوروبي الجديد إلى الشرق الأوسط مارك أوتي، مازال «عالقا» في بروكسل، لا يعرف متى يأتي إلى المنطقة لأنه يعرف انه بالاستناد إلى سياسة الاتحاد الأوروبي، فهو مضطر إلى لقاء عرفات. كما ان أوتي، يعرف، انه بمجرد لقائه عرفات، فهو لن يتمكن من مقابلة أي مسئول حكومي إسرائيلي ومن بينهم ارييل شارون، ووزير الخارجية سيلفان شالوم، وغيرهما من الذين يعتبرون ان عزل عرفات، هو أشبه بجوهرة ثمينة موضوعة على تاج السياسة الخارجية الإسرائيلية. ورأى بن، ان إصرار الجانب الإسرائيلي، على موقفه هذا يسيء الى «إسرائيل» فعلا ذلك لأنه يحول دون مجيء عدد من المسئولين رفيعي المستوى إلى الشرق الأوسط لإجراء محادثات مع القادة الفلسطينيين والإسرائيليين الأمر الذي يعوق حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. ونقل الكاتب الإسرائيلي توقع مصادر حكومية إسرائيلية، أن تزداد المشكلات الناجمة عن الاجتماع بعرفات، في سبتمبر/أيلول المقبل، ذلك لأن جميع العطل الصيفية تنتهي وتعود الجداول الدبلوماسية للتسارع. ونقل أيضا عن مصادر في مكتب شارون، انه على رغم ان الأوروبيين يصرون على لقاء عرفات، ما يزيد من مخاطر إبعادهم عن المسار السياسي إذا لم تغير «إسرائيل» مواقفها في ما يتعلق بلقاء من يلتقون عرفات، فإن الحكومة الإسرائيلية لا تجد أي سبب يدعوها إلى تغيير رأيها وإلى تغيير سياستها في ما يتعلق بهذا الموضوع

العدد 339 - الأحد 10 أغسطس 2003م الموافق 11 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً