العدد 338 - السبت 09 أغسطس 2003م الموافق 10 جمادى الآخرة 1424هـ

بوش ودكتاتورية السلطة

علي محمد جبر المسلم comments [at] alwasatnews.com

في كثير من دول العالم وخصوصا الدول العربية تُكتسب السلطة اما عن طريق التوارث أو الانقلابات العسكرية وتدوم إلى أن يغير الله من حال إلى حال؛ لأن الناس ارتضت بهكذا حال والمولى عز وجل لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. اما الدول الأخرى التي انعم الله عليها بنعمة احترام النفس البشرية واكرامها فاختارت الديمقراطية اساسا لحياتها ومنهجا لانجاز تعاملاتها فرأي الغالبية هو الرأي النافذ وأساس الحكم في البلاد وعماد دستورها.

في الولايات المتحدة الأميركية وصل بوش إلى السلطة من خلال الاقتراع وصوتت الغالبية التي رفعته إلى منصب رئيس جمهورية الولايات المتحدة الأميركية كما ان منافسه آل غور ومؤيديه احترموا رأي الغالبية على رغم الفارق البسيط في نتائج الانتخابات وسلموا بالأمر الواقع.

الرئيس بوش الذي يعتبر رمز الديمقراطية الغربية انتقد دكتاتورية بعض الزعماء العرب والمسلمين الا انه لم يكن أقل سوءا منهم في الاستبداد بالرأي ودكتاتورية اتخاذ القرار، وخصوصا في الشأن الخارجي مع علمه التام بأن تأثير ذلك ينعكس بشكل مباشر على الشأن الداخلي الأميركي.

صحيح أن بعض الانظمة العالمية والعربية خصوصا لا تأخذ برأي شعوبها وتسطوا على المال العام في دولها إلا أن تلك الجريمة تظل محصورة في بلدانها ويمكن لكل شعب - بمساعدة الآخرين - التعامل معها بإحداث إصلاحات عامة أو اجتثاث بؤر الفساد بأقل كلفة من دون أن يلحق بالمال العام أو البنية التحتية وافراد الشعب بالدولة المعنية أية كارثة انسانية. ما حدث في العراق هو نتيجة استخفاف الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا بالرأي العام العالمي تحت غطاء العمل الإنساني إذ قامتا بالسطو المسلح على العراق اعتمادا على القوة الهائلة لديهما من دون اعتبار لرأي مجلس الأمن أو صوت الغالبية في العالم.

والآن لننظر ماذا حققت تلك السياسة الخرقاء؟ وماذا حقق بوش الأب والابن للعراقيين؟

1- قصف شامل للبنية التحتية من محطات كهرباء وماء وجسور ومطارات.

2- قصف المصانع والمعامل والمدارس والجامعات.

3- حصار شامل دام 13 سنة هدفه هدم الصحة العامة وتقويض أسس العلم وتجهيل وابتلاء جيل كامل بالأمراض السرطانية.

كل ذلك حل بالعراق ولم يستفد العراقيون في الداخل والخارج من دعوة الاجنبي غير الحريص على مكتسباتهم انما خسروا كل شي إذ عم الدمار الشامل وهجرة العقول وبدأ الشعب حياته من الصفر وربما أقل من ذلك لكون الدولة مكبله بديون ستثقل كاهل حتى الجنين الذي في بطن أمه.

إن ما حل بالعراق من نهب وتخريب يجب ألا يعتبر مصيبة العراق وحده بل هي مصيبة العالم بأسره ولسوف تتكرر هذه المأساة مع دول أخرى ما لم يقف العالم ضد هذه الهمجية ويحاسب مرتكبيها.

هتلر الأمس بدا هكذا معتمدا على قواته من دون اعتبار للرأي العام العالمي، غزا دول العالم الواحدة تلو الأخرى وصادر ثرواتها كغنائم حرب لتمويل اندفاعاته لغزو العالم والهيمنة على دوله، فماذا كانت النتيجة؟ في البداية حقق هتلر انتصارات على جماجم الملايين من البشر بين قتيل وجريح ومعوق اما النهاية فكانت اسوأ كارثة لحقت بالجيش والمدنيين من الشعب الألماني لانهم لم يوقفوا اندفاعات رئيسهم فطالهم الأذى ولاقوا مصير الآخرين نفسه إذ قتلوا اما رميا بالرصاص أو سحقا تحت انقاض المباني إذ تحولت ألمانيا إلى خربة مهجورة، فإلى هكذا حال انتهى هتلر وشعبه فكان ذلك ما حصل، فهل يتمنى بوش واعوانه ذلك المصير لأميركا وشعبها؟

لا اعتقد ان احدا يتمنى ذلك انما يتمنى ان يستمع بوش للعقل ومنطق الغالبية من الساسة والخيرين من شعوب العالم وان يكف عن التمادي في نزواته وغزواته، فمن أفغانستان إلى العراق والآن يهدد إيران وسورية وكوريا الشمالية فكأنما راق له خط السير على الطريق الهتلري الذي ارجو الا تدور عليه عجلاته حتى لا تنتهي أميركا وشعبها رمز الديمقراطية والحرية إلى مصير ألمانيا النازية نفسه

إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"

العدد 338 - السبت 09 أغسطس 2003م الموافق 10 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً