العدد 2654 - الجمعة 11 ديسمبر 2009م الموافق 24 ذي الحجة 1430هـ

هل حان الوقت للتفكير بإعادة هيكلة الحكومة؟

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

ليس من ثمة سبب مقنع للتضخم غير المسبوق في عدد الأجهزة الرسمية من وزارات وهيئات ومؤسسات حكومية تستنزف الجزء الأكبر من البند الأول من الموازنة وهو (المصروفات المتكررة)، كما تشكل في وجهها الآخر عقبة في وجه الإصلاحات الاقتصادية التي تنوي البحرين المضي فيها بوتيرة مطردة.

العدد المتزايد من المؤسسات الحكومية تستنزف مصروفاتها إيرادات الدولة على حساب الأولويات الحقيقية وهي الصرف على البنية التحتية وتغطية الطلب المتصاعد على الخدمات الإسكانية، ويأتي على حساب جودة التعليم المقدمة لطلبتنا وطالباتنا في المدارس الحكومية.

في دول مجاورة، بل وحتى في دول ثرية متقدمة توكل مهمة إدارة أضعاف عدد سكان البحرين إلى جهاز إداري واحد من دون وجود نصف هذا العدد من الأجهزة الحكومية، وهذه الدول توزع المسئوليات والخدمات بكفاءة وفاعلية وعدالة.

الحكومة ممثلة في ديوان الخدمة المدنية ومجلس الخدمة المدنية بحاجة إلى قراءة متأنية لمعرفة التبعات المالية الضخمة التي تثقل كاهل الحكومة بسبب مؤسسات الكثير منها لا يؤدي الغرض المطلوب منه بسبب البيروقراطية والفساد الإداري والاتكالية.

المعاملة الواحدة التي كان يستغرق إنجازها أسبوعا في السابق أصبحت الآن تستغرق أسابيع وفي أحيان كثيرة تمتد إلى أشهر بسبب تعدد الجهات التي يمر عليها الطلب وأحيانا تعارضها، كما تخضع الكثير من المعاملات لأمزجة المسئولين في المؤسسات.

هل نحن بحاجة فعلا إلى عشرات هذه الأجهزة؟ وعلى البرلمان بغرفتيه المنتخبة والمعينة أن يطلب المهمات التفصيلية لكل جهة حكومية، لأن هناك أجهزة ومؤسسات أنشأت على مقاس أفراد أو لإرضاء جماعات ضغط سياسية أو أصحاب نفوذ، ولكن هذه العملية أدت في نهاية المطاف إلى ترهل الأجهزة الحكومية، ولم يجف بعد حبر التجاوزات الكبيرة في الأجهزة الحكومية التي كشف عنها التقرير السنوي لديوان الرقابة المالية.

لا يمكن أن نصدق التوجه الرسمي لترشيد الإنفاق بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية مع تزايد عدد المؤسسات، التي يمكن للدولة أن تستغني عن الكثير منها أو دمجها، وتخفيض الإنفاق لا يتحقق بتخفيض عدد الصحف للمسئولين أو عدد أوراق آلات التصوير والاستنساخ، ولن يسجل أي نجاح حقيقي على مستوى الإنفاق من دون إعادة هيكلة الحكومة وتقليص عدد مؤسساتها وصولا لـ» الحكومة الرشيقة والفاعلة» التي نتطلع إليها.

الخطوتين الإداريتين الناجحتين التي يجب أن يشار إليها بالبنان هي تجربة المركز البلدي الشامل التابع لوزارة شئون البلديات والزراعة، إذ استطاع الحصول على المرتبة الأولى في سرعة إنجاز الخدمات البلدية لرجال الأعمال من دون الحاجة للوقوف في طوابير الوزارات، والخطوة الأخرى هي مركز البحرين للمستثمرين التابع لوزارة الصناعة والتجارة الذي سجل نجاحا مهما، ويمكن أن يشكل كلا المركزين نموذجين لنمط الإصلاح الإداري المطلوب إنجازه في مؤسسات الحكومة.

من حسن الطالع أن المسئولين معجبون جدا بتجربة سنغافورة، ولا يفوتون أي مؤتمر يقام فيها، ويحج إليها الوزراء وعشرات الوفود الرسمية كل عام لسبب أو لغير سبب، ولكن لا أحد أستطاع أن ينقل إلينا التجربة السنغافورية الناجحة في الإدارة الحكومية واستثمار الموارد الشحيحة في بناء الاقتصاد المعرفي.

الطريق الذي أعلنت البحرين أنها ستسلكه ضمن الرؤية الاقتصادية للعام 2030 سنبلغه فعلا إذا تمت إعادة هيكلة الحكومة، بدلا من الركض خلف إنشاء مؤسسة جديدة بمعدل شهري. وليست العبرة في دخول موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية في عدد الوزراء والمستشارين والوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية والتي تفوق عدد الأجهزة الحكومية في دول مثل كبرى ومتقدمة اقتصاديا مثل بريطانيا وفرنسا.

إذا كان توجه البحرين نحو الإصلاحات الاقتصادية والإدارية حقيقيا فإن الحديث عن تصغير حجم الحكومة من أعضاء وهيئات يجب ألا يكون مستغربا، وبحسب المعطيات الحالية فإن البحرين يمكن أن تدار بفريق حكومي يتكون من عدد معقول من الوزراء والوزارات والمؤسسات، ومن شأن هذه الخطوة أن تساعد على ترسيخ الشفافية في الأداء الحكومي، وترشيد الإنفاق وتحقيق تقدم ملموس على مستوى الإصلاحات الإدارية والاقتصادية التي تنشدها البحرين.

الدور الجديد للحكومات في البلدان المتطورة في ظل التطور الاقتصادي هو تهيئة البيئة الحاضنة للاستثمار من خلال توفير البنية التحتية المتطورة والمواصلات والاتصالات والتشريعات المناسبة، وليس عرقلة الكثير من المشروعات كما يحدث في بعض المؤسسات بسبب البيروقراطية أو المزاج أو الهوى السياسي.

والحل الأمثل أن تقدم الحكومة خدماتها للمستثمرين والمستهلكين تحت سياسية «السقف الواحد»، والتنافسية حينها ستكون على جودة الخدمة وسرعة إنجازها وكلفة تقديمها، وهذا سيفرض بالضرورة ضبط إيقاع عدد الوزارات والمؤسسات والهيئات بجرأة وشجاعة مع الحفاظ على الموارد البشرية وتطويرها لتستوعب المطلوب منها في ظل الإصلاحات الشاملة المرجوة.

مجلس الوزراء ومجلس التنمية الاقتصادية مدعوان للتفكير بتصغير حجم الحكومة، وحان الوقت أن تجرى دراسة مستقلة من أحد بيوت الخبرة العالمية لمعرفة هل البحرين بحاجة إلى أكثر من 60 وزارة وهيئة ومؤسسة حكومية، وهل أن هذه المؤسسات تقوم بالدور المنتظر منها أم لا؟

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2654 - الجمعة 11 ديسمبر 2009م الموافق 24 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 6:14 ص

      ناس ماتعرف تتكلم

      من وين لك هالعبقرية الفذة ماشاء الله عليك ليش ماخذتك أمريكا عضو في الكونجرس ..هههههههههههههههه والا هذا اقتراح ماعليه قلصو الوزارات وهالأمة الي فيه وين يقطونهم بحر أو يطردونهم لالالا راجع عقلك ..

    • زائر 6 | 2:08 ص

      لماذا مكنزي

      الجهات الحكومية وافقت على مكنزي لإعادة هيكلة الشركات الإنتاجية في البحرين فلم لاتوافق على وظائف حكومية غير إنتاجية

    • زائر 5 | 1:36 ص

      أنا بعد مكنزي

      أسمي فلان بن فلان.......آخر شي في مكنزي, أصلح اصير خبير إعادة هيكلة, بس لوني أسمر وعيوني مو زرقاء.

    • زائر 4 | 12:50 ص

      نحتاج الى مكنزي

      البا و بابكو إحتاجتا الى مكنزي لإعادة الهيكلة فلم لا توجد حلول جذرية في الحكومة .. يبي لنا مكنزي في الحكومة

    • زائر 1 | 9:42 م

      لقد اسمعت لو ناديت حياً .. ولكن لا حياة لمن تنادي

      وبخصوص الإصلاحات بعدها لم ترى النور،،، وعلى مجلس الوزراء النظر بعين الاعتبار للوضع العام، حينها إذا فات الفوت لا ينفع الصوت، ودبي خير دليل.. نبيل حبيب العابد

اقرأ ايضاً