العدد 2654 - الجمعة 11 ديسمبر 2009م الموافق 24 ذي الحجة 1430هـ

هَلْ أَفَلَت «الرَّفْسَنْجَانِيَّة» مِنْ إِيْرَان؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل اثني عَشَرَ عاما خَرَج هاشمي رفسنجاني من مبنى رئاسة الجمهورية، بعدما قَضَى ثمانية أعوام رئيسا للبلاد، تسمّى خلالها برجل الإعمار والبناء. وفي عهده، خُلِّصَت الدولة الإيرانية من بين فَرَثِ الثورة ودمها، وبدأ عهد البراغماتية الدينية.

بعد خروج الرجل من القصر الجمهوري بشارع فلسطين لم يَعُد (هو ومريدوه وناقدوه كلّهم مجتمعين) يعلمون أين المَهْجَع التالي له بعد الرئاسة. بل حارَ الجَمْع في كيفية استواء المشروع الجديد للرفسنجانية بعد دورتين رئاسيتين، وبعدما كانت تَتَمَقْيَسَ على حجمها المؤسسات.

رَافَقَ ذلك الخروج تحيّن أعداء كُثُر للرجل. بعضهم كان يضمر ندّيته له، وآخرون يُجاهرون بها. في حين أبقاها البعض حتى يحين ما يحفظ نارها وأوارها لكي تحرق الهدف أكثر. جزء كبير من أولئك الخليط كانوا في السلطة منذ بداية انتصار الثورة. وبعضهم كان قد ظَهَرَ في عقدها الثاني.

دَفَعَ ذلك الأمر لأن يبقى وضع هاشمي رفسنجاني رجراجا، يضرب هامته بَنْدُول الأحزاب الإيرانية المتعاكِسة في كلّ موسم انتخابي، أو حَدَث كبير، وبالتحديد منذ العام 1999 وحتى أزمة الانتخابات الرئاسية الأخيرة والتي فازَ فيها محمود أحمدي نجاد بـ 62 في المئة.

كانت أسهمه الضعيفة بين الإيرانيين (حَضَرَا وريفا) لأسباب شتّى مدعاة لأن تبقى هاجسا له ولتيار عريض من المحافظين المحيطين به. لذا فقد توسّل طرقا كثيرة لرَتْق ذلك الفَتق في حضوره الشعبي. فحاوَل دعم حكومة محمد خاتمي لنيل دعم أنصارها المُمتدّين على طول وعرض الفُتُوّة الإيرانية.

بل إنه وخلال رئاسته (ولازال) لمَجْمَع تشخيص مصلحة النظام انتصر إلى الحكومة الخاتمية الأولى في سبعين في المئة من خلافها مع البرلمان الخامس (المحافظ) والذي تُحال إلى المَجْمَع بسببها مشروعات القوانين محلّ الخلاف لثلاث مرّات، بحسب الدستور.

ثم حاول أن يُحلحِل قضية وزير الداخلية الأسبق (الذي عَزَله البرلمان) عبدالله نوري، ثم تدخّل لتسوية قضية عُمدة طهران والأمين العام لحزب كوادر البناء غلام حسين كرباستشي (1988 - 1998) والذي كان قد أدانه القضاء الإيراني بسبب سوء الإدارة وتضييع ستة ملايين دولار من الموازنة، وحُكِمَ عليه بالسجن لمدة خمس سنوات ثم خُفّف الحُكم لعامين.

بل إنه التقاه في إحدى إجازات الأول السِّجْنِيَّة، واستشفع له عند المرشد الأعلى للثورة لإطلاق سراحه. كان كلّ ذلك لبث مزيد من الرسائل للتيار الإصلاحي الذي كان كرباستشي ينتمي إليه تحت عنوان تحالف كوادر البناء مع جبهة المشاركة الإصلاحية المتطرفة.

لم تشفع كلّ تلك الممارسات الرفسنجانية في أن تُحيّد الهجوم الإصلاحي عليه من جانب جبهة المشاركة المتطرفة. بل إن الحرب ضدّه بدأت باكرا واستمرت أكثر بُعيد اغتيالات العام 1998 التي طالت خمسة من المثقفين الليبراليين الإيرانيين.

فقد كَتَبَت صحيفة «صبح» لسان حال جبهة المشاركة حينها بعد طرح اسم علي فلاحيان للاستجواب بصفته وزيرا سابقا للاستخبارات في عهد رفسنجاني «من المُمكن أن يقول رفسنجاني إنه لم يكن مطلعا على أعمال وزارة الاستخبارات لكن عليه أن يقول بأي الأعمال كان مشغولا».

الأكثر من ذلك، فإن حتى الدّينيين في جبهة الإصلاحيين وهم منتسبو تكتّل «روحانيون مبارز» تخلّت عن رفسنجاني على رغم أنه أوّل مَنْ دَعَم وصول عضو مركزيتها محمد خاتمي للحكم. فقد أعلن رسول منتجب نيا الناطق باسم التجمّع حينها بأن روحانيون «لن تُدرج اسم رفسنجاني على لائحتها الانتخابية».

وهكذا جرت الأمور، فخلال موسم ما يُسمَّون بالإصلاحيين المتطرفين وبدءا من انتخابات المجالس المحليّة في العام 1999 ولاحقا في انتخابات المجلس النيابي السادس في العام 2000 اكتوى هاشمي رفسنجاني بسعير الإعلام الإصلاحي بشتّى مراتبه وشخوصه إلى حدّ لا يُطاق.

قُدِّم رفسنجاني للناخب الإيراني (أغلبه من الشباب) على أنه قيصر وإقطاعي وبرجوازي، فتسبّب ذلك في أن يحصل الرجل على المقعد رقم 27 من مقاعد العاصمة طهران الثلاثين، متأخرا بذلك على شباب وشابات حملتهم الموجة الخرداديّة العارِمة.

اليوم (وقبل/ بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة) يتكرّر الأمر ولكن بصورة مختلفة. فالمجموع السابق من الأحزاب والتيارات والشخوص بدا مختلفا تماما. لكن الذي لم يتغيّر هو القضم المستمر للرفسنجانية التي يبدو أنها حَارت في الفرق بين الظُلْم والظَّلَم. (وللحديث صلة).

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2654 - الجمعة 11 ديسمبر 2009م الموافق 24 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 3:19 م

      إيران قوية

      يكفي الشيخ هاشمي رفسنجاني فخراً أن يقتطع السيد القائد الخامنائي مقطعاً من خطاب الجمعة التاريخي بعد أحداث الانتخابات ليدافع عنه , هذه شهادة قلما قلما يحصل عليها أحد ولو لم يكن الشيخ هاشمي يستحق هذه الشهادة لما قالها السد القائد في حقه فنحن نعلم أن السيد القائد لا ينطق عبثاً

    • زائر 4 | 6:28 ص

      كأني بأولاد رفسنجاني مجردين من أملاكهم و ثرواتهم

      المشكوك في طهارتها بعد رحيل والدهم البرجوازي العجوز. بسرعة حولوا ملايينكم على بنوك سويسرا قبل فوات الأوان. ترى المحاكم الثورية في الجمهورية الإسلامية ما عندها لعب مع يلعب بالمال العام و يتكسب من من عرق الفقراء و المساكين. لله درك يا نجاد يا ابن الحداد المؤمن الورع. تخيلوا يا جماعة الدكتور احمدي نجاد يلبس ملابس لا تتجاوز قيمتها 20 دولار! هل رأيتم رئيسا متواضعا مثله؟

    • زائر 3 | 6:17 ص

      الخلاف

      موضوع الخلاف مع رفسنجاني سياسي حزبي وليس له صلة بالخلاف مع ايران أو لصالحها وهل انه معصية أم لا

    • زائر 1 | 2:36 ص

      (1) تحياتي لرفسنجاني

      سماحة الشيخ الرفسنجاني ربما كان متأخرا وهو يدعوا لاحترام الرأي الآخر في الجمهورية الاسلامية ، ومع سلبية ماحدث في الجمهورية من أحداث وتداعيات غير طيبة إلا أن لها إيجابية واحدة على الاقل ، وهي تأكيد أن الاختلاف مع الايرانيين وبين الايرانيين أنفسهم اختلاف مشروع ، وليس بالضرورة يعني اختلافا مع الدين ، من المؤسف أن لدينا أقوام طالما حاولت إظهار أن الاختلاف مع إيران معصية وعمل غير ديني ، وقد دفع مراجع كبار حرياتهم ثمنا لهذا الاختلاف المشروع نتيجة خلل في وعي الامة.

اقرأ ايضاً