في يوم كنت زائرا لإحدى مدارس البنات الثانوية بالمحافظة الوسطى، رأيت عاملة وهي امراة كبيرة في السن، في الغالب لم نجد امرأة في مثل سنها لا يخلو جسمها من أمراض كثيرة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الأمراض المزمنة، قد أرسلتها إحدى الإداريات بالمدرسة إلى الدور الثالث من مبنى المدرسة، لتأتي بإحدى الطالبات إلى غرفة الإدارة ، بطبيعة الحال المدرسة من المدارس التي لم يكتب لها أن يوجد فيها مصاعد لتسهيل انتقال الطالبات من دور إلى آخر، على رغم أن عدد الطالبات اللاتي أبتلين بأمراض مزمنة ليس بالرقم الذي يستهان به في تلك المدرسة، وشعرت أن ذلك الموقف هز مشاعر الطالبات الإنسانية بقوة، ولم يخطر ببالهن مشاهدة مثل هذا الموقف الشديد على النفس الإنسانية، بقي ذلك الموقف في مخيلتنا طوال ذلك اليوم، لم نستطع إزاحته عن ذاكرتنا، رغم محاولاتنا الكثيرة، بقيت تلك الصورة غير الجميلة تتحرك أمامنا ولم تفارق أذهاننا، وأخذنا نسال أنفسنا، ما الأسباب القاهرة التي تجبر هذه المرأة الكبيرة لترك بيتها والمجيء إلى المدرسة ليطلب منها أمور لا تتناسب مع سنها الكبير؟
ألم تكن الحاجة الماسة هي التي أجبرتها وجعلتها في هذه المواقف العصيبة ؟ أقول مثل هؤلاء قد لا تعلم عنهن الجهات المعنية بوزارة التربية والتعليم، وقد لا تدري أنها تكلف في المدرسة بأعمال قد تكون اكبر من قدرتها الجسمانية والصحية والنفسية بكثير، ولم يصل إلى علم الجهات المعنية بوزارة التربية والتعليم، أن هذه المرأة المسنة قد يطلب منها الصعود إلى الطابق الثاني عدة مرات وإلى الطابق الثالث مرات كثيرة في اليوم الواحد، أقول لكم بصراحة، ما أراحنا وخفف على أنفسنا، ما شاهدناه من بعض الطالبات، لقد رأيتهن يتعاملن مع تلك المرأة العجوز ان صح التعبير برفق وبإنسانية منقطعة النظير، كن يسهلن عليها عملها من خلال إيصالها إلى الفصول التي لو تركوها لوحدها لما وصلت إليها إلا بشق الأنفس كما يقولون، ما نطلبه لهذه العاملة ولقريناتها الكبار أن توصي الجهات المعنية بوزارة التربية والتعليم إدارات المدارس، التعامل مع هذه الفئة من العاملات بأسلوب خاص يتناسب مع قدراتهن الجسمانية وسنهن المتقدم ، ولا يكلفونهن القيام بأعمال ثقيلة على نفوسهن، وأن لا يتعبونهن من كثرة الطلبات ولا يرهقونهن بالطلبات التي تحتاج لتلبيتها بأن يقطعن مسافات طويلة ، فليكن عملهن أفقيا وليس عموديا، يكفي أن يطلب منهن العمل بين الإدارة وغرف المعلمات.
لا نعتقد أن هذا المطلب صعب المنال ولا نتصور أنه مستحيل، أكثر ما نطلبه لهذه الفئة من العاملات، أن يعاملن بإنسانية ليس إلا، ونحن على ثقة بإنسانية من نخاطبهم، ونحن على يقين أن هذه الفئة ستنال من وزارة التربية والتعليم كل تقدير واحترام، هذا ما لمسناه منهم في قضايا تربوية كثيرة، لم نجد ما يمنعنا من طرح هذه القضية الإنسانية أو غيرها على أحبتنا في إدارة التعليم الثانوي للنظر فيها وعمل ما يرونه مناسبا في مثل هذه الحالات الإنسانية .
سلمان سالم
الناسُ في هذا الوجود أصناف، فمِنهم صنفُ الذبابة التي تنتقلُ مِنْ مكانٍ إلى مكان في القذارة ألا وهيَ مجالس الغيبة والشيطان، ومِنهم صنفُ الفراشة التي تخرج من الصباح حتى الليل في الحدائق هنا وهناك ثمّ تعود خالية الوِفاضْ ألا وهم فئة البطالين والذينَ لا يسعونَ في هذهِ الدنيا وليسَ لهم هدف ولاهم بضآرينَ ولا نافعينْ ، وأخيرا صنفُ النحلة وهو الأسمى إذ تخرج النحلة منذُ الصباح حتى الليل تنتقلُ مِن زهرةٍ إلى زهرة وتشقُ طريقها في العمل بكل جدٍ واجتهاد فتعود بالغذاء والعَسَل وهُم الناس الجادون و الساعونَ في هذا الوجودْ .
الوجود اللطيف هو ذلكَ الوجود البشري المرتبط بخالقهِ والمتخلّق بأخلاقه الرحمانية إذ تراه إنسانا لطيفا جميلا طيبَ النفس نقي السريرة وصافي القلب يؤثرُ كلّ شيءٍ على نفسهِ للآخرينْ، مضحيا لأجلهم ومواسيا لهم و معينا في الشدائد والمِحَنْ.
فما ألطفَ بالإنسان وأجملهُ أن يكون وجودهُ هادفا نافعا يجوع ليطعمَ الآخرين ويشاطرهم همومهم وأحزانهم ويكون سببا في هدايتهم ورَشادِهم ويعينهم على الوصول إلى السبيل، أوليسَ الخلقُ جميعهم عيالُ اللهْ ...؟! أولَمْ يكن أهل البيت (ع) خيرَ قدوة وأسوةٍ حسنةٍ لنا في هذا الشأن وفي كلِ ضروبِ الحياة ؟!إذ كانَ لهم تعاملهم ورفقهم الخاص بالحيوانات، فكيفَ بأشرفْ مخلوقات الله !
سألَ كليمُ الله ربّه ذاتَ يومْ باستحياءٍ شديد قائلا: «ياربي !ماذا لو كنتُ مخلوقا ...ماذا كنتَ تصنع ؟ فأجابهُ الله عزّوجَل : لخدمتُ العباد»! وهذهِ دلالة كُبرى على أهمية أن يكون الإنسان ذا وجودٍ نافِع للآخرين مما يعزّز العلاقات الاجتماعية ويوطّد التكافل الاجتماعي فيما بينهم، حيثُ يقول أحد المعصومينْ (ع) :لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يُحِبَ لأخيهِ ما يُحِبَ لنفسه»! هكذا ارتبطَ الإيمان بحب الخير للآخرين كما نحبهُ لأنفسنا معَ تطهير الباطِن مِنْ الحقد والحسد والبُغض والتكبّر والاحتقار .
في زمانِنَا هذا رحلَ أصحابُ هذا المعنى والمقامْ على رغمَ أنّه أمرٌ فطرّي و«يجب» تواجدهُ بكلِ إنسان يعيش الإنسانية لولا الأنانية والأمراض النفسانية !ماذا لو كانَ الإنسان يتعامل بِفطرته وطبيعته «ومَنْ أحسنُ مِنَ اللهِ صِبغَة ».
إذ يرى كبيرَ السِنْ فيوصلهُ ويرى العجوزْ فيحملُ عنها أمتعتها ويعطي الفقير ويبعد الحِجارة عن الطريق ويسلّمْ على الجميع صغارا و كِبارا مسلمينَ وغيرَ مُسلمين كما كانَ يفعل رسول الله ( ص ) إذ أثنى عليه الباري قائلا : وإنّكَ لعلى خُلُقٍ عظيم،ويكون وجه المؤمن بسّاما بشوشا ويخدمُ الناس بما يستطيع ويعلمهم مِن علمه وإن كانَ قليلا ويتواضع لهم ويوقّر الشِيَبَة والعجائز ويحترِم الكِبار ويعطِف على الصغار وينسى خيرهُ للآخرين وينسى شرّ الآخرينَ له وعندَ سماعهِ مدح الآخرينْ لشخصٍ ما يحاول إيصال هذا المديح لصاحب الشخص ليسعدَ بذلك بعكس مَن يكون نمّاما وكذلكَ يكون أمينا صادِقا شجاعا كريما طيّبا لطيفا وهاديا ...بكل هذهِ الصِفات والأفعال يكون إنسانا حقّا ويُسمى «الوجود اللطيف».
لو تعامل الجميع في الحياة على هذا المنوال والنمط لما نَشَبَت الحروب و زُرِعَتْ البغضاء والكراهية والاعتداءات بينَ الناس ! ولعاشَ الإنسان في ظلِ السلام والإسلام تسودُهُم المحبة والمودة والرحمة والتسامح فيما بينهم ولحُلّت جميع المشاكِلْ والخِلافات بينَهم حيثُ يقول الحديث الشريف :(المسلم مَنْ سلِمَ الناس مِن يدهِ ولِسانه) وفي حديثٍ آخَر :(من أصبحَ ولم يهتم بأمور المسلمين فليسَ مِنهم ).
لأنّهُ وعلى هذا الحال ترى الناس حذِرَة وخائفة مِنْ بعضها البعض لِما يعيشهُ الغالبية مِن حالات النِفَاق والتلوّن والخِداع ...لأنّهم أناس مادييون وأصحابْ دُنيا المال والشهوات رضوا بالمَتَاعْ الزائِل وتناسوا المعاني الروحية والمعنوية في هذا الوجود الذي يوصِلُنا إلى العالم الآخر «قد أفلحَ مَنْ زكاها ( أي طّهرَ الروحَ وصفّاها و )خابَ مَنْ دسّاها « إذ الأنانية واللإنسانية التي تخلقُ الحُجُبْ وتزيد الموانِعْ مِن القُربْ والوصول إلى الخالق سبحانهُ وتعالى .
أحبّتي في الله لنحب في الله ولنعمل لله ولتكن حياتنا وعباداتنا ومعاملاتنا كلها لله الواحِد الأحد ...حينها نعيش في هذا العالَم المادي بالوجود المعنوي السامي بأمان وسلام حتى نصلَ إلى عالمِ السلام وهوَ فردوس الروح وهيهاتَ لا يدخلهُ إلا ذلكَ الوجود اللطيف الذي تجرّدَ مِنَ الأمراض والشوائب(يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنونَ إلا مَنْ أتى اللهَ بقلبٍ سليم ) ...جعلنا الله وإياكم ممن طهّرَ نفسهُ فطهرهُ الله وقرّبهُ منه وأدناهُ إليه فتأتيهِ بِطاقة الرِضَا مِن الحي الذي لا يموت .
محمد عبد الله رضي
إن إشعال الحريق يعتبر جريمة مادية من جرائم الضرر لأنها حتى إذا حدثت في نطاق ضيق فإنها قابلة للانتشار السريع في المكان والزمان أي أن ضررها قابل للتضاعف والامتداد وكون الضرر مصحوبا بخطر امتداده فإن الجريمة تقع تامة حتى لو تم إطفاء النار. والركن المادي فيها هو سلوك إيجابي مادي بحت يتمثل في إشعال النار بأي وسيلة ويستوي أن يكون إشعال النار في الثابت والمنقول مملوكا لمشعلها أو لشخص آخر. والركن المعنوي في الجريمة هو القصد الجنائي من إشعال النار عمدا والقصد يعني انصراف الإرادة إلى إشعال النار التي من شأنها تعريض حياة الناس أو أموالهم للخطر في مال ثابت أو منقول ولو كان مملوكا للجاني فلا عبرة بالباعث أيا كان فقد يكون الباعث هو الحصول على قيمة الأشياء المحترقة المؤمن عليها أو قد يكون الباعث إخفاء معالم جريمة أو أي باعث آخر سواء التخريب أو الإتلاف، المهم هو الإشعال الذي من شأنه تعريض حياة الناس أو أموالهم للخطر وسوف نتحدث اليوم عن الحريق الذي ينتج عنه وفاة الذي عاقبت عليه معظم التشريعات العربية والخليجية بعقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة ومنها المشرع البحريني.
ولا شك أن هذه العقوبة تتناسب مع كون هذه الجريمة من الجرائم ذات الخطر العام، فلم يتهاون المشرع في هذه الجريمة حيث نصت على ذلك الفقرة الثالثة من المادة 277 من قانون العقوبات البحريني (تكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد إذا أفضى الحريق إلى موت شخص) ومن الجدير بالذكر أن المحرض على جريمة الحرق المؤدي إلى الوفاة سينال نفس عقوبة الفاعل الأصلي وهي عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة وفق المادتين 44 و45 من قانون العقوبات البحريني. إذا كان التحريض هو السبب المباشر إلى الوفاة نتيجة الحرق الذي تسبب فيه الجاني فأشعل النار على أثر التحريض باعتباره شريكا في الجريمة.
ولا يشترط أن تتجه نية الفاعل الأصلي أو المحرض إلى إزهاق روح إنسان أو قتله طالما توفر لديه التوقع المنطقي للأمور وهو عنصر العلم بأن من شأن هذا الفعل إحداث الوفاة فإذا حدثت الوفاة فعلا كان العقاب الإعدام أو السجن مدى الحياة، وبشكل أبسط للقارئ لا يمنع من تطبيق العقوبة أن يكون الجاني قد تحقق من خلو المكان من الناس أو أنه لم يكن ينوي إزهاق روح كل هذه البواعث لا تعفي الجاني من العقوبة إذا ما أدى إشعال الحريق إلى موت المجني عليه حتى لو لم يقصد إحداث الموت طالما أن إشعال الحريق قد تم عمدا بهدف إشعال الحريق وأن القصد الجنائي هو قصد احتمالي يقتصر على توجه إرادة الفاعل اختيارا إلى وضع النار سواء كان الغرض إحراق المكان ذاته أو أي غرض آخر نتج عنه موت شخص والقول بغير ذلك أي بضرورة العلم اليقيني من شأنه أن يلغي إمكانية العلم مطلقا لأن العلم اليقيني درجة يشك في وجودها أصلا كثير من فقهاء القانون ولا يمكن قياسها إلا بعد وقوع الوفاة فعلا أما قبل وقوعها فهو علم قائم على التدليل والتسبيب الشخصي- ( قضاء الموضوع)- ،ولا يلزم العزم والتصميم على إزهاق الروح في هذه الجريمة لأن النية تكون قائمة بدون جدل إذا تم إشعال النار وكان من شأنه تعريض حياة الناس أو أموالهم للخطر والموت هي النتيجة المحتملة لذا يعاقب القانون على النتيجة لا الباعث.
ولا شك أن لهذه الجريمة ركنين ركن مادي وركن معنوي الركن المادي هو فعل إشعال الحريق ويلاحظ أن الجاني في هذه الجريمة يسأل أمام القانون عن القتل العمد إذا نشأ عن الحريق موت شخص ويسأل ولو لم يتوقع بالفعل هذه النتيجة فهي نتيجة كما ذكرنا سلفا محتمله وفقا لما تجري عليه الأمور متى كان تعمد إشعال النار ناشئ عن علم وإرادة بكافة النتائج الاحتمالية الناشئة عن فعله.
ولا تقوم الجريمة إلا عمديه فإذا نتج الموت بسبب حريق غير متعمد فلا تقوم هذه الجريمة وإذا جاء شخص بعد اشتعال الحريق وجازف بإطفائه وتوفي نتيجة عدم مراعاته الحيطة والحذر لا تقوم الجريمة لانتفاء صلة السببية بين الحريق والوفاة ولا شك أن الوفاة التي تنتج عن الحرق قد تطول أو تقصر فلا يمنع من إنزال العقوبة أن المجني عليه المتوفى نتيجة الحرق قد مات في يوم أو شهر أو سنة طالما أن العلاقة السببية قائمة بين الفعل والنتيجة الإجرامية وطالما أن الطب الشرعي اثبت أن الوفاة نتيجة الحرق الجنائي.
أما إذا أسفر البحث والتحري عن أن الجريمة قد ارتكبت بغرض إرهابي وأخذت النيابة العامة في تحقيقاتها بالاتجاه الإرهابي وأقرت محكمة الموضوع أن الوفاة الناتجة عن الحريق كانت بسبب إرهابي في جريمة الحرق فإن المشروع جعل العقوبة الإعدام حينما تكون نتيجة الحرق الإرهابي هي الوفاة وهو ما يوضح للجميع خطورة هذه الجريمة وجسامة العقوبة المقررة عليها إذا ما نتج عنها وفاة شخص أو أكثر وفقا لأحكام قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية.
وزارة الداخلية
لا شك أن قرار حظر بناء المآذن في سويسرا شكل صفعة قوية في وجه المسلمين في الوقت الذي يعانون فيه من التمييز و الاضطهاد في المجتمعات الغربية.إن تصويت غالبية الشعب السويسري لصالح القرار يناقض استطلاعات الرأي التي أجريت قبل هذا الاستفتاء و التي ظهرت فيها معارضة كبيرة ضد القرار.
بغض النظر عن أسباب ذلك التحول من معارضة القرار إلى تأييده، فنتيجة الاستفتاء الأخير تعكس بوضوح مدى تخوف المجتمعات الغربية من الإسلام الذي تزايد انتشاره في أوروبا لعوامل مختلفة من أهمها الهجرة.الحزب اليميني الشعبوي المتطرف يبرر هذا القرار بالخوف من مطالبة المسلمين بالسلطة السياسية الدينية و هي حجة واهية بالطبع، فالمسلمون يشكلون أقلية من تعداد السكان و يبلغ عددهم قرابة الأربعمائة ألف مسلم و من المستحيل أن تكون لهم سلطة سياسية أو أن يكون هناك مظهر من مظاهر «أسلمة المجتمع». قد يقول البعض بأنه ليس من الضروري أن تُبنى المساجد بمآذن، لكن المأذنة -بهلالها- تشكل رمزا للإسلام مثلما يعتبرون الصليب المعلق على الكنائس رمزا للديانة المسيحية، و قرار حظر بنائها - المأذنة - يشكل تمييزا واضحا ضد المسلمين.
لا أعتقد بوجوب إلقاء اللائمة على الحكومة السويسرية، فهي في البداية حثت المستفتين على عدم التصويت لصالح القرار كونه يعارض إحدى فقرات الدستور التي تنص بوضوح على الحرية و المساواة بين الشعب وإدراكا منها بأن ذلك قد يؤدي إلى جلب المشاكل هم في غنى عنها وإلى تشويه سمعة سويسرا على مستوى العالم و هذا ما حدث بالفعل عندما انتقد كبار الساسة في العالم و المنظمات الدولية ذلك القرار. ولا ننسى أن الفاتيكان أيد الموقف الإيجابي للأساقفة السويسريين الذين دعوا إلى احترام حرية الاعتقاد. لكن الحكومة مجبرة على تنفيذ القرار لأن النظام الديمقراطي المباشر للدولة يحتم على الحكومة أن تلتزم بالقرارات التي يصدرها الشعب متجاوزا البرلمان. إن السبب الذي رجح كفة قرار الحظر هو حزب اليمين الشعبي السالف ذكره، فهذا الحزب زرع بذور الكراهية للمسلمين و شجع التمييز ونشر ثقافة التعصب ضدهم من خلال تعليق اللافتات على الأماكن المختلفة والطرقات العامة و التي تظهر فيها إمرأة متشحة بالسواد و مآذن على شكل صواريخ. إن هذا الحزب معروف بعنصريته و كراهيته للأجانب و هو يعتزم طرح مشاريع في البرلمان ضد المسلمين بشأن المساجد نفسها و بناء مقابر خاصة للمسلمين.
بالأمس انتهكوا حق المرأة في لباسها الشخصي عندما منعوا ارتداء الحجاب في فرنسا و بلجيكا، واليوم جاء الدور على المساجد في سويسرا و الموجة التمييزية لن تتوقف. المطلوب من المسلمين سواء كانوا في سويسرا أو في أي دولة أخرى مقاومة تلك القرارات بشتى الأساليب السلمية بعيدا عن العنف و توضيح تلك الحقائق المشوّهة عن الإسلام، كما يجب عليهم الاندماج مع المجتمع و التعايش السلمي معه و تقديم مشاركة سياسية واقتصادية واجتماعية فاعلة و أن يساهموا في بناء مجتمعاتهم أملا بتصحيح تلك المفاهيم الخاطئة عن الإسلام و إزالة الانطباع السائد عند غير المسلمين بإن هذا الدين هو دين إرهاب وتطرف وعنف ونبذ الآخر... إلى غير ذلك.
محمود عباسa
من المفترض أن يكون مشروع تنمية المدن والقرى قد غطى جميع المناطق في مملكتنا الغالية، وشمل بمكرمته هذه جميع بيوت القرى المتهالكة والذائبة في وحل الانغماس الفقري وتآكل البنية التحتية لهذه القرى من جميع النواحي والأصعدة، كالبيوت التي هي إلى الآن لم تشملها مكرمة المشروع على رغم إلحاح أصحابها وتكرار واستمرار مراجعة البلدية وكأن الأبواب موصدة في وجوه المراجعين والذين لا حول لهم ولا قوة، وهم يتساءلون أيضا بمرارة وتبرم: ألَمْ توجد قناة أخرى نلجأ إليها لكي تنتشلنا وتنقذنا من ما نحن فيه وما نعاني منه ونلتمس سعد العيش مع بقية المجتمع.
ثمة الشوارع التي إلى يومنا هذا وهي تعاني أيضا من القصاص والحفر والتدمير مما خلفه المقاول لشق المجاري وتبعيته، وترك قسما كبيرا في الشوارع والطرقات بلا رصف ولا تبليط، وإذا كان هنالك بعض الرقع هنا وهناك ليس بالمستوى المنشود والذي نطمح إليه وغالبا ما يكون مشوبا بمطبات وغير مستوٍ، ولا نعرف إلى الآن إلى من وأين نتجه ونبث شكوانا وتعقيبنا، تكلمنا في الإذاعة ونشرنا في الصحف ولكن لا آذان صاغية وكأن الأعمال التي ارتكبت وتُركت هكذا لا حسيب ولا رقيب!
ومن جهة أخرى، نلاحظ أن ثمة تفضيلا وتمييزا لبعض المناطق فمثلا رصف وتبليط جوانب الشوارع ومقدمة البيوت بالطابوق الأحمر وتزيينها ناهيك عن تعديلها وإعادة إعمارها، إلا قرية الدير وسماهيج التي تعاني من الإهمال والتقصير في الخدمات والتنمية والصيانة.
وهنالك الإنارة في الشوارع والأزقة والطرقات فحدث ولا حرج وكأنا نعيش في زمن العشرينيات قبل قدوم الكهرباء إلينا وتوجد هنالك بعض الأحياء (الفرجان) تعيش في ظلام دامس!، مقارنة ببعض المناطق التي شملتها التنمية والتطور والإصلاح لبنيتها التحتية، والدير وسماهيج من القرى المنسية واللتان غابتا عن المنظور والمشروع التنموي في مملكة المؤسسات والإصلاح، فإلى المعنيين الكرام الالتفات بعين العدل والمساواة لقرية الدير وسماهيج وإعطائهما حقهما في التحصيل التنموي والخدمي كبقية مناطق المملكة من دون فرق!
مصطفى الخوخي
أهْديكِ وردَ الحبِّ والأشْواق ِ
يا بسمة في قلبيَ الخفّاق ِ
أهديكِ عيني بلْ جميعَ جوارحي
إنْ شئتِ قومي واسْكني أحداقي
يا موجة زرقاءَ تغمرُ شاطئي
وحمامة تزدانُ في آفاقي
بيديكِ أبحرُ في مُحيطِ قصائدي
وأغـوصُ أمخرُ لجَّة الأعماق ِ
وأطيرُ في أفقِ الفضاءِ مُحلقا
لم أخشَ مِنْ ثلج ٍ ولا إحراق ِ
يا حلوتي لوتعلمينَ بلوعتي
لكففتِ عنْ جَرحي وعنْ إرهاقي
أيكونُ هذا الحبُّ سهما قاتلا
يسقي فَؤادي أكْؤُوْسَ الإزهاق ِ؟!
أيكونُ نارا تلتظي بحشاشتي
أيكونُ سجنا محكمَ الإغلاق ؟!
آهٍ... وهلْ يُجدي التأوُّه ُوالبُكا
مِنْ بعدِ جفوِ حبيبتي وفراقي؟!
ماذا أقول وهل تفيدُ مقالتي
إنْ كان قلبُكِ ميِّتَ الإشفاق ِ؟!
أأقولُ إني متعبٌ متحطمٌ
ممَّا أعاني في الهوى وألاقي؟!
ما لي أخاطبُ نجمة فوق السما
فتجيبُني بالصمتِ والإطراق ِ؟!
والذكرياتُ تلوحُ بين نواظري
كشواطئ ٍ مفتوحةِ الآفاق ِ
وتسافرُ الأيامُ بي حيثُ الصدى
والصوت يمتزجان ِ في إشراق ِ
حيثُ النهارات انتظارٌ خافقٌ
ورؤى الليالي أكْؤُوْسٌ وسواقي
ويشدني خيط ُ الحنين ِ فترتمي
صُوَرٌ، فضاءاتٌ من الأشواق ِ
هل تذكرُ الأيَّامُ أنّـي ظامئٌ
لِجمالكِ المتلألئ الدفَّاق ِ
هل تذكرُ الأيَّامُ أني غارقٌ
في نارِ حُبِّكِ والجحيمُ مذاقي
إنْ كانَ ذلكَ محضُ شيءٍ قد مضى
مالي أراهُ يفيقُ مِنْ أعماقي؟!
هو ذا سؤالٌ ما له ضوءٌ ولا
ظِلٌّ سوى ملكوتِ حبٍّ باق ِ
صبواتنا الولهى تُرى هي دورةٌ؟!
بدرٌ، هلالٌ، ثم محضُ مُحاقِ ؟!
عبدالله زهير
العدد 2654 - الجمعة 11 ديسمبر 2009م الموافق 24 ذي الحجة 1430هـ