كانت جزيرة «النبيه صالح» على موعدٍ مع حملة تزيين شعبية يوم الجمعة الماضي، نظمتها جمعية المرسم الحسيني للفنون، بمشاركة 25 من كوادره من الجنسين.

كان صباح الجمعة غير عادي، في تلك الجزيرة الهادئة، فقد كان الأهالي يترقبون هذه الفعالية منذ أسابيع، ومنذ الساعة الثامنة (قبل ساعة من الموعد الرسمي للافتتاح) احتشد في الساحة الصغيرة الأطفال الموعودون بتنظيم مرسم خاص لهم، إذ وفّرت أدوات الرسم والتلوين.

الحملة جرى الترتيب لها منذ شهر رمضان المبارك، إذ تشكلت لجنة خاصة من شباب القرية، لمتابعة الفعالية التي استلهموها من حملة «ارتقاء» بالمحافظة الشمالية. فتم الاتصال بجمعية المرسم الحسيني التي أبدت تعاونها التام مع الأهالي، كما تم الاتصال بالنائب محمد المزعل، الذي قدّم دعمه للفعالية وحرص على الحضور يومها من الصباح حتى المساء.

رئيس اللجنة المنظمة الشاب الجزيري محمود رضي، قال عن هذه المبادرة: «هذه فكرة مجموعة من شباب القرية، لتكون جزءا من تحركات الأهالي لتزيين القرية وتحسين الجو العام، واخترنا مناسبة الغدير لانطلاقتها في مثل هذا الاحتفال الكبير، لتكون باكورة أعمال جديدة. فالقرية التي تعيش حرمانا على مستوى المشاريع والخدمات، بحاجةٍ إلى مثل هذه المبادرات. ففي قريتنا لا يوجد حتى شارع واحد للخدمات، وهو ما يعوق أي تطور ويمنع أية مشاريع قد يرغب في تنفيذها الناس».

مساكن القرية موزعة عمليّا بين منازل للأثرياء فيما يعرف بالبيوت المسورة، وتقع على أطراف الجزيرة، وبين منازل عامة الناس المفتوحة على بعضها في تآلف من الزمن القديم، وهي تعاني من مشاكل كثيرة وإهمال. فالشاب الجزيري رضي يقول: «نريد أن نلفت نظر المسئولين إلى العناية بهذه القرية، فقد كانت هناك وعود بجعلها جزيرة نموذجية منذ 2005، ولكن الأوضاع حتى الآن لم تتغير».

هذا اليأس والاحباط الذي تلمسه لدى الأهالي، هو ما يفسر تلك الفرحة الغامرة التي قابلوا بها ضيوفهم من أعضاء المرسم الحسيني، وكانت خير تعبير عن مشاركة عامة، إذ يتوزع الفنانون على مختلف مناطق البلاد، من المعامير والدراز وسار وسند والرفاع الشرقي وسترة والبلاد القديم وبني جمرة والسقية والماحوز ومدينة حمد وتوبلي والمحرق وعالي والديه. هذا الحراك شجّع عددا من شباب النبيه صالح من طلاب المدارس الإعدادية والثانوية على المشاركة في رسم لوحات أخرى. وقام هؤلاء بالرسم في مجموعتين إحداهما رسمت لوحة تراثية، والثانية رسمت لوحة للبيوت بطريقة هندسية جميلة.

الجداريات توزعت بين فن الرسم والخط، وكانت حصيلة يوم واحد (ما بين التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء) 24 جدارية رسم تدور أكثرها حول تراث القرية ومناظر طبيعية؛ و13 جدارية خطية كبيرة مواضيعها بين الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، بالإضافة إلى 9 لوحات خطية صغيرة الحجم، موزعة على جدران المنازل وبعض المساجد، على الشارع الرئيسي الذي يقطع القرية والمؤدي إلى مسجدها التاريخي القديم. وكانت أول ردود الفعل مع بروز الجانب الجمالي، أن طالب آخرون بتزيين منازلهم أيضا.

أحد المنظمين قال إن الاستعدادات بدأت منذ أسابيع، إذ تم الاستئذان أولا من الأهالي الراغبين في تزيين منازلهم لحصرها، ومن ثم تهيئتها بالطلاء الأولي (البرايمر). فضلا عن ذلك قام الموقع الالكتروني للقرية بإعلان الفعالية مبكرا، ومتابعة تغطيتها، ما أوجد حالة من الترقب والتفاعل الكبير.

ووجه الشكر إلى جمعية المرسم على جهودها التي أظهرت الفعالية بهذا الحجم، وأضافت هذه اللمسات الجمالية على وجه القرية المعروفة بالحياء والخجل.