ثلاثة أيام والمطر لم يتوقف في البحرين وكذلك هو حال الشعر فقد انطلقت قافلة الشعر الشبابي في ثلاثة أيام مخصبة بأمطار عابقة ربما يبقى أثرها طويلا في المشهد الثقافي البحريني وفي ذكريات شعراء لهم من الألق ما سيتركونه في المكان وأهله ولنا فيهم ما سيحملونه معهم من تذكارات ربما تبقى عالقة في قصدائدهم الآن أو بعد حين.
فمع زخّات المطر العابقة التي استبشرت بها سماء البحرين بدا المشهد الشعري هذه الأيام الثلاثة مخصِبا عبر مهرجان الشعراء الشباب العرب الذي تنظمه أسرة الأدباء والكتاب البحرينية في نسخته الأولى بالتعاون مع الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في الفترة 7 - 9 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
ومع تلبُّد السماء بالغيوم في الأيام السابقة شرعت البحرين تستقبل وفود الشعراء الشباب العرب زرافات ووحدانا، واكتمل العدد 38 شاعرا وشاعرة بالإضافة للإداريين الممثلين لاتحادات الأدباء من مختلف الدول العربية، بعد أن تخلّف من تخلّف وحضر من حضر والبركة دائما فيمن حضر ومن غاب فاته خير كثير.
وإلى ذلك نفى رئيس أسرة الأدباء والكتاب علوي الهاشمي في تصريحه لـ «الوسط»، اعتذار أي من الوفود، وبالنسبة إلى ما تناقلته بعض الأنباء من اعتذار الوفد الموريتاني أشار الهاشمي إلى أن الأمر عائد لظنهم أن التذاكر تتحمّلها الجهة الراعية في حين أنها على الجهة المدعوة باتفاق اتحاد الكتاب العرب، أما بخصوص عدم حضور أمين الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب محمد السلماوي، فأشار الهاشمي إلى أن السلماوي بعث رسالة يعتذر فيها عن عدم حضوره هذا الحدث الشعري الكبير لظرف إنساني «ونحن نقدر له هذا التواصل وإن كنا نعتقد بأن عدم مشاركته خسارة، إلا أن الدور الآن للشعراء الشباب المنتمين لاتحادات الأدباء والكتاب والممثلين لمختلف الدول العربية، فمرحبا بهم في بلدهم الثاني مملكة البحرين».
وحول التساؤلات المتلاحقة عن دعم وزارة الثقافة الإعلام للمهرجان أكد الهاشمي حرص وزارة الثقافة الإعلام على دعم المهرجان، مشيرا إلى أنها شريك أساسي في صناعة الحدث بل هي شريك استراتيجي دائم للأسرة.
وأضاف العلوي « أرى أن التحديات التي يقف الشعراء الشباب أمامها ليست قليلة ولا صغيرة وقد تكون من طبيعة أعقد من المرحلة التي واجهها الشعراء الأوائل ممن سبقهم. فهؤلاء الشباب يأتون في مطلع الألفية الثالثة، ويحملون معهم نبع المستقبل وهي تحديات كبرى تنتج أحلاما تتأملها البشرية وتفتح بهم مدنا فاضلة تتجه لجنّة الدنيا في حلم شعري كبير يحتاج للغة مخصوصة، والتحدي الأكبر أن العملية عادة تأتي ضمن روافع سياسية أو اجتماعية على النحو الذي كان موجودا في المراحل السابقة فنحن نعرف أن من سبق آن ذاك صعد كما كانت تتسلق أشجار اللبلاب على سقّالات سياسية واجتماعية ابتداء من مراحل الالتزام بالمد الثوري العربي إلى المد الأيديولوجي، ولذا على الجيل الجديد أن يبتكروا روافعهم وسقالاتهم الشعرية بعيدا عن الشيفونية أو الروافع بالتيارات الفئوية الضيقة فالتشرذم لا يخلق الشعر».
وفي ختام تصريحه للوسط تمنّى العلوي للشعراء الشباب أن يقضوا «فترة جميلة في أرض طرفة والحارث بن حلزة وإبراهيم العريض إبراهيم الخليفة وسلمان التاجر، وصولا إلى شعرائنا في المرحلة الراهنة قاسم حداد وعلي عبدالله خليفة وحمدة خميس وعلي الشرقاوي، وصولا إلى راعي الحفل رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية ورئيس مجلس أمناء المؤسسة الخيرية الملكية الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة».
وتابع الهاشمي سيبقى هذا المهرجان ذكرى جميلة في مخيلة الشعراء الشباب بعد أن فتحوا فسحة مضيئة قدّموا فيها قصائدهم لجمهور متعطش سيذكرون هذه المناسبة وهذه البلاد بلاد الصف الطويل من الشعراء التي صدحوا على أرضها بشعر المستقبل».
وتتابعت اللقاءات في قافلة شعرية شبابية متنقلة من العدلية إلى الصخير إلى الزنج وإلى باربار، ولاحق الجمهور حروفا شابة ينعة خضرة، وشنَّف آذانه برنينها وضجيجها وصراخها وهمسها، وهي تتطاير من دولة لأخرى، ومن تقليعة لأخرى بين الاستهواء لاكلاسيكيات العمود ورصانته، والانجذاب لدفقات التفعيلة وتقليعاتها، والاستغواء لحداثات النثر وتماهياتها في باقة لا يسيغها إلا من انفتح قلبه لكل هذا التنوع وألقى السمع وهو شهيد للقادمين من مكان بعيد عن العين قريب من القلب دائما.
حيث دشنت الأسرة المهرجان بأمسية افتتاحية شارك فيها 8شهراء هم حيدر النجم (العراق)، مهدي سلمان (البحرين)، إسحاق الخنجري (عمان)، شيخة المطيري (الإمارات)، محمد اللوزي (اليمن)، سوسن دهنيم (البحرين)، مؤمون مباركة فلسطين أبوعقلة إدريس وذلك يوم الإثنين الساعة السابعة والنصف في قاعة الشيخ عيسى بنادي الخريجين في العدلية، وخلال ذلك تم توزيع كتيب خاص بالمهرجان يحتوي على جدول الفعاليات وأسماء الشعراء المشاركين من كل دولة بالإضافة إلى نماذج من نصوصهم ومقالات بهذه المناسبة.
فيما تكفلت جامعة البحرين بطباعة كتاب في (صحة الفراغ أنطلوجيا شعر الشباب بأسرة الأدباء والكتاب) يعرِّف بهم ويضم مجموعة من نصوصهم، حيث تم توزيعه على هامش المهرجان.
فيما سبق التدشين أصبوحة شعرية استضافتها كلية الآداب بجامعة البحرين في مقرها بالصخير في 7 ديسمبر/ كانون الأول عند 11 صباحا، شارك فيها 9 شعراء هم زينب المسجِّن (البحرين)، عمر الأرياني (اليمن) أيمن مسعود (مصر)، إدريس أبوعاقلة (السودان)، نوال العلي (الأردن)، مهدي منصور (لبنان)، عفاف فنوح (الجزائر)، حسن العندليب (الكويت)، عبدالرحيم محمد (فلسطين) بحضور مجموعة من أساتذة وطلاب الجامعة والمهتمين بالشعر حيث كانت الأصبوحة هي اللقاء الأول للشعراء الشباب العرب مع جمهورهم البحريني الذي لاحقهم من مكان لآخر.
وعقدت الأسرة في مقرها بالزنج 8 ديسمبر لقاء آخر للشعراء الشباب الساعة 7 مساء بمشاركة 10 شعراء، هم: وضحى المسجِّن (البحرين)، خالد درويش، عصام فرجاني (ليبيا) مايا كامل فلسطين ، علاء خضارو (لبنان)، علاء موسى (الأردن)، هيام عبدالأسد (السودان)، محمد عبدالسلام (فلسطين)، جعفر الديري (البحرين) نزار لحميدي ( تونس ).
وفي لقاء آخر، توزَّع الشعراء الشباب بمجمع جواد في باربار على طاولات الكوفي شوب مع أكواب القهوة وهم يقرؤون قصائدهم على الجمهور العابر 8 ديسمبر10 صباحا وشارك في هذه القراءة العابرة (8 شعراء) أحمد الستراوي (البحرين)، سناء ناصر (السعودية)، سلوى الرابحي (تونس)، طلال الصابري (الإمارات)، عائشة السيفي (عمان)، قحطان بيرقدار (سورية).
فيما كان بعض الأصدقاء يلاحقون الشعر حتى العتمة وحتى آخر يقظة في فندق السفير حيث مهجع الوفود ومناهم الهانئ فلا يغدرونهم إلا مع آخر كلماتهم وقد سردوا حكايات الثقافة وشجونها في بلادانهم وسالت بأعناق الحكايا ساعات وساعات.
يذكر أنه ستعقب المهرجان فعاليات أيام القدس التي تستضيف الأسرة فيها ثلاثة أدباء هم سميح القاسم وحنان عواد، والمتوكل طه بالإضافة للفرقة الفلسطينية (أصايل).
العدد 2652 - الأربعاء 09 ديسمبر 2009م الموافق 22 ذي الحجة 1430هـ