العدد 2650 - الإثنين 07 ديسمبر 2009م الموافق 20 ذي الحجة 1430هـ

المواطنة ركيزة الأمن القومي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

على هامش اللقاءات الثنائية المصرية الكويتية التي تمت مؤخرا، أكد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط تمسك مصر بأمن المنطقة العربية، بما فيها أمن منطقة الخليج العربي. ولم يكن تصريح أبو الغيط استثناء شذ عن موجة التصريحات التي تجتاح الساحة السياسية العربية التي لم يعد يخلو أي لقاء احتضنته أي من العواصم العربية مؤخرا، عن إشارة من بعيد أو قريب، بشكل مباشر أو غير مباشر حول الأمن العربي وضرورة توفير كل العوامل التي تضمنه، وبمستويات تلبي الاحتياجات المنظورة.

هذا يطرح أمام المواطن العربي، وعلى وجه التحديد الخليجي، علامة استفهام كبيرة حول مفهوم الأمن المطلوب تأمينه لحماية «البلاد» ككل أولا، والمواطن، كفرد ثانيا وليس أخيرا.

بالطبع، تعود نشأة مفهوم الأمن بعيدا في التاريخ إلى لحظة تأسيس المجتمع الإنساني، وتطور ذلك المفهوم وأزداد تعقيدا مع تطور تلك المجتمعات وتداخل العلاقات الدولية فيما بينها على المستويين العالمي والإقليمي؛ ما أدى إلى ارتقائها من مجرد إجراءات حماية ووقاية يسودها الكثير من العفوية والتلقائية، كي تصبح، كما هي عليه اليوم، أنظمة متكاملة تحقق أهدافها تقوم أساسا على تحقيق واحد من مطلبين أمنيين أساسيين:

1. متطلبات الأمن الخارجي، وهو الذي ينطلق من الحرص على تأمين الحماية المطلوبة لحدود سياسية معينة تهدد أمنها قوة أو مجموعة من القوى الخارجية.

ولعل الأمن العربي المطلوب تحقيقه إزاء التهديد الإسرائيلي أفضل مثل يشخص هذا النوع من الأمن. ولعل الثمن الباهظ الذي دفعه المواطن العربي كضريبة لتأمين الحدود العربية يعد من الأرقام القياسية بالمعيار الدولي في تأمين متطلبات هذا الأمن، رغم هشاشة أنظمة الأمن العربي الخارجي.

2. متطلبات الأمن الداخلي، وهو عندما تشعر الدولة، لأسباب ذاتية مختلفة، بأن أمنها الوطني مهدد من الداخل، إما من قبل جهات خارجية نجحت في زرع عناصر محلية للإخلال بالأمن الوطني، أو نظرا إلى تمزق ذلك المجتمع وافتقاده لمتطلبات «المواطنة» الأمر الذي يدفع حفنة من عناصره إلى تهديد الأمن من الداخل.

تحقيق هذين المطلبين لأمنيين يمكن أن يتم من خلال أحد أشكال الأنظمة التالية:

1. الأمن الذي توفره قوة حليفة خارجية، وهو ذلك النظام الأمني الذي توافق فيه دولة معينة، أو مجموعة من الدول، أو ترغم، نظرا إلى ظروفها الذاتية، على الاعتماد على قوة خارجية من أجل تأمين أمنها الوطني.

تتشكل من أجل ذلك الأحلاف، وتوقع الاتفاقيات. ولعل الوجود العسكري الأميركي، ومما ترافقه من قوات حليفة، ولأسباب مختلفة، في كل من العراق وقبل ذلك في أفغانستان، أمثلة حية على اعتماد البلدين على قوات خارجية لتأمين أمنهما الداخلي والخارجي على حد سواء.

يعاني هذا النوع من الأنظمة الأمنية من هشاشة واضحة مصدرها عدم كفاءة القوى الخارجية، مهما بلغت استعداداتها الفنية وحجمها البشري من جهة، وعدم تطابق مصالح الدول المحمية مع الدولة أو الدول التي توفر هذا النوع من الأنظمة الأمنية من جهة ثانية. ومجريات الأحداث في البلدين وتطوراتها فيهما، أكبر دليل على تلك الهشاشة.

2. الأمن المبني على القوة الذاتية الداخلية: وهو الذي تبنيه دولة معينة معتمدة على إمكاناتها الذاتية المتاحة بين يديها، مهما كانت محدودية تلك الإمكانات. حينها تحرص تلك الدولة على تجييش القوى الداخلية التي بحوزتها من أجل بناء نظام أمني يضمن حماية حدودها، من الداخل أو الخارج، من أي اختراق يهدد ذلك الأمن. ولعل أفضل من نجح في تحقيق هذا النمط من الأمن، وللأسف الشديد، هو دولة «إسرائيل»، التي مارست ظروف نشأتها، وطبيعة التحالفات التي نسجتها منذ العام 1948، على الانكفاء نحو الداخل، والاعتماد بشكل كبير على القوة الداخلية الذاتية، دون إهمال أو رفض أي شكل من أشكال الدعم الخارجي، ولعل هذه المعادلة المعقدة التي حرصت «إسرائيل» على التقيد بكل حذافيرها، كانت من أهم أسباب قدرة «إسرائيل» على مواجهة التهديدات العربية.

ولابد من الإشارة هنا إلى قوة آلة الإعلام الصهيونية على زرع بذرة «المواطنة» و «الولاء» المطلوبين للوصول إلى الكفاءة العالية التي يتمتع بها نظام الأمن الإسرائيلي.

وبالتمعن في هذين الشكلين من أشكال الأنظمة الأمنية، بوسع المتابع أن يرى أن القضية الأمنية، أو بالأحرى كفاءة النظام الأمني، لا تقوم على تخصيص الموازنات الضخمة، ولا الاستنجاد بالقوات الخارجية الكبيرة، ولا الاعتماد على التقنيات المعقدة، بقدر ما هي قدرة الدولة المعنية الباحثة عن نظام أمني كفء، على بناء علاقة ثقة متبادلة متينة راسخة بينها وبين المواطن. فبقدر ما تنمو علاقة الثقة المتبادلة وتترسخ دعائمها، بقدر ما تضيق الثغرات الأمنية التي يمكن أن ينفذ منها أي عدو خارجي، أو أن يستغلها أي عنصر داخلي.

باختصار، يبقى المواطن هو الركيزة التي ينبغي أن تعتمد عليها الدولة في بناء أي نظام أمني، فأمام رسوخ هذا الولاء الداخلي تتهاوى كل الأنظمة الأمنية الأخرى، مهما بدت عملاقة من الخارج، فهي تعاني من تآكل من الداخل. ولعل هذا العامل هو الذي يدفع حكومات البلدان المتقدمة إلى كسب ولاء المواطن قبل التفكير في بناء أي نظام من أنظمة الأمن القومي.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2650 - الإثنين 07 ديسمبر 2009م الموافق 20 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • مواطن مستضعف | 7:53 ص

      يت على الإسم بس!!

      الله يسامحك يا خوك!! مين اللي قالك أن احنا ساكتين ديك الأيام؟!! إنت في ذمتك شفت "عاقل" يحب التخريب والتحريق؟!! بالعكس يا عزيزي, بس كنا ولا زلنا نطالب بالوقوف على أسباب اندلاعها, يعني ليش الحكومة ما توقفها بالطيب؟!!

    • زائر 3 | 7:31 ص

      ردا على مواطن مستضعف

      يا خوي انا اتفهم ان مو كل البحارنه شياطين و لا كل السنة ملائكة ... بس قول لي انت وين صوتك ذيج الأيام؟ انت اتصور من البحارنة الطيبين اللي نحبهم .. بس ما نسمع صوتكم لما ربعكم يقومون بهالبلاوي من تحريق و تخريب. صم بكم عمي و العياذ بالله! شفت ويش سووا في هالفقير علي منصور؟ حرقوا بيته بس لأنه بيحتفل بالعيد الوطني. المجنسين مشاكلهم مشاكل ادري بس جماعتكم الله يهديهم ما خلوا لينا خيار ثاني. وش اقول بس! مشكلتكم يالبحارنة كله تحسون روحكم مستهدفين ... شوف حتى اساميكم مواطن مستضعف!

    • مواطن مستضعف | 6:51 ص

      الأخ الكريم زائر"2"

      إطلاقاً يا عزيزي إطلاقاً ... لسنا مع تجنيس أي فئة (أقولها لك وأنا من "الحورة" السنية الشيعية) ورفضنا قائم لأصل فكرة "التجنيس السياسي" الذي هو دمار للبلد برمته وليس فقط لطائفة دون أختها.
      مع وافر التحية لك عزيزي

    • زائر 2 | 2:13 ص

      بسكم على المجنسين الفقارى يا وسط

      حاطين دوبكم و دويهم هالمساكين ... ابوى ما يقدر الا على امي ... يبى الامام علي يقول اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق! وينكم من الامام علي اللي تدعون انكم تحبونه و تتبعونه؟ اسمع قولك احبك اشوف افعالك استغرب! كل شيء و قلتون وحدة اسلامية .. و الحين ينط لكم عرق لما يصير المجنسين مو من طائفتكم! يعني لو هذولا مو من سوريا بس من جنوب لبنان نجان شفناكم تستقبلونهم بالأحضان .. لو من الإردن بس من البصرة؟ لو مو من صنعاء بس من صعدة؟ اي على من الجمبزة!

    • مواطن مستضعف | 12:28 ص

      بالمقلوب!!

      في البحرين لدينا المواطنة تُطمس و "التجنيس" هو ركيزة الأمن القومي

    • زائر 1 | 10:29 م

      الى متى

      وكيف يصبح شكل المواطنة عندما يستباح الوطن ويضخ ب 700000 مجنس من جنسيات لا تم لا للعروبة ولا للمنطقة وبدون حاجة او مبرر الا تخريب التركيبة السكانية .
      اليوم علينا ان نعيد النظر في هذه الشعارات والعناوين الكبيرة ونركز على واقع مر كارثي

اقرأ ايضاً