كان العاملون في المجال السياسي يحسدون العاملين في المجال الرياضي، ويقولون لهم أن مجال عملكم خال من التعصب والتطاحن والدسائس، ومن يعمل فيه خالي البال من مشكلات جمة. وكنا نحن الرياضيين نفتخر بأن المنافسة الشريفة لا تؤثر على علاقات الود التي تربط بين اللاعبين المتنافسين سواء كانوا يمثلون فرقهم او منتخباتهم او أية جهة رياضية اخرى. واكثر من ذلك كان الكثير من اللاعبين المتنافسين تربط بينهم علاقة وثيقة تصل الى التضحية والتعاون الوثيق. ولكن - للاسف - ما يحدث حاليا على الساحة الرياضية قلب كل هذه المفاهيم الجميلة الماضية والموازين الحضارية التي كان يتحلى بها الرياضيون او الوسط الرياضي ان صح التعبير. فأصبحت الرياضة اليوم مجالا خصبا للعداوة التي تصل الى حد القطيعة، بل اكثر من ذلك حينما نشاهد شعبين شقيقين تربط بينهما روابط الدين واللغة والمصير الواحد، اصبحا خصمين لدودين يضرب كل منهما مصالح البلد الآخر، لدرجة ان المباراة الاخيرة بين مصر والجزائر باتت تهدد العلاقه العربية برمتها والرياضة الافريقية والعربية بالفشل الذريع بعد أن تعددت الاعتذارات من قبل البلدين في تنظيم اية بطولة عربية او افريقية او المشاركة فيها!
وفي المجال نفسه، كنا قد اجتمعنا كعائلة واحدة على غداء العيد، وقبل ان ينسل بيننا كلام الذكريات الحلوة التي لا تخلو منها مثل هذه المناسبات السعيدة، اذ بنفر من الشباب يفتح لنا ملف فريقي «البارشا» و»الملكي»، وبدلا من ان يجول الحديث بشكل شيق عن نجوم الفريقين ونتائجهما الباهرة والمنافسة القوية المتوقعة هذا الموسم، انقلب الحديث الى نقاش حامي الوطيس بين مشجعي الفريقين واوشكت جلست العيد ان تتحول الى عداوة وتطاول باللسان والتنغيص على الحاضرين من شخصيات كبيرة في السن كانت حاضرة، ولم تهدأ المعركة الطاحنة التي أدارها باقتدار المشجعون «الجهال» إلا بوضع صحون الغداء والاكل السريع والخروج من البيت الذي جمعنا على المود والمحبة.
فاذا كان هذا حال الرياضة في وطننا العربي، فهو وضع اسود لا خير فيه، ويدل دلالة قاطعة على اننا نجهل معنى الرياضة الصحيح ونعطي مجالا لمن يريد ان يستغل الرياضة استغلالا سيئا لذر الرماد في العيون، لان ما حدث بين الشعبين العربيين مصر والجزائر لم يكن مجرد مباراة، ولكنه استغل من قبل رجال السياسة لتوجيه الشعوب الى مقاصد اخرى. اما تطاحن شبابنا من اجل عيون «البارشا» او «الملكي» فإنني اقول لهم بأن التشجيع والمؤازرة حق مشروع للجميع شريطة أن لا يخرج عن منهاج الروح الرياضية القويم
إقرأ أيضا لـ "عباس العالي"العدد 2648 - السبت 05 ديسمبر 2009م الموافق 18 ذي الحجة 1430هـ