افتتح رئيس جمعية البحرين للفن المعاصر الفنان البحريني راشد العريفي المعرض المشترك الأول الذي تشهده الجمعية لتوأم فني هما الفنانان أحمد عنان ومحسن غريب في صالة مركز الفنون في 13 يناير/ كانون الثاني الجاري برعاية من وزارة الثقافة والإعلام.
وسيستمر المعرض نحو 10 أيام، إذ يتضمن مجموعة من الأعمال للفنانين يبلغ عددها 89 عملا بواقع 42 عملا للفنان أحمد عنان، تم تنفيذها بواسطة الإكريليك والألوان المائية، و47 عملا للفنان محسن غريب نفذت بواسطة الأحبار والإكريليك.
وكان غريب قد ركز في أعماله على كلاسيكيات الخط العربي، عبر تكوينات مختلفة يلعب فيها على إمكانات الأبيض والأسود، بطريقة تحول على روحية المنمنمات التي اشتهر بها الفن الإسلامي، وقد قدم تلك اللوحات بمختلف الأحجام والموضوعات، فتجد بعضها يحمل الحروفيات العربية وبعضها الآخر يحمل جزءا من الأحاديث الإسلامية.
كما تضمن الجانب الذي قدمه غريب عددا من اللوحات التي تصور المشهد العدواني في غزة، من خلال إنطلاقة للتعبير عن الواجب الإنساني وأهمية طرح هذا الموضوع من خلال اللوحة التشكيلية.
وتلاعب غريب في التكوينات المختلفة على إمكانات الأبيض والأسود من خلال استخدامه للحبر الصيني في تجربته التي ارتكز فيها على كونه خطاطا قبل أن يكون رساما، ومن خلال تجربته في الخط وتجربته في الرسم، حاول أن يقدم تشكيلا للخط، دون أن يعتمد على قواعده، بل تعدى ذلك وحاول محورة الخط وتشكيله وتركيب الكلمات بطريقة فنية أخرى خلاف المتعارف عليها، جاعلا من كلمات وتراكيب الكلمات ككتل في اللوحة لها وزنها.
وكان غريب قد وجد في تقديمه الخط الأسلوب في تطويع الرموز كي لا تكون مقروءة، ولكنها مستغلة كتشاكيل للخط تتكون من الفتحات والكسرات وبعض الحروف، تختبئ في ثناياها التشكيلات والكلمات التي كان يريد قولها، فيما يبقى المشاهد أمام قدراته على الإخفاء محاولا اكتشافها، وقد لا يستطيع.
التجربة الخاصة بمحسن اعتمدت على اختزال الألوان مثل الأسود والأبيض إلى جانب بعض الألوان الأساسية، وقد وجد غريب أن تجربة هذا المعرض الثنائي فكرة قديمة، تولدت من خلال العمل المشترك مع الفنان أحمد عنان في مجال التصميم إلى جانب الفن، وكان أوانها قد حان لكي تبرز للعلن من خلال معرض مشترك، بطريقة وفكرة خاصة دون أن تحمل عنوانا محددا، كون التجربتين مختلفتين ومغايرتين بالكامل، ولا تربطهما صلة أو موضوع خلاف كونهما فن، ومن خلال الفن يقدم كل شخص تجربته بطريقته الخاصة.
أجساد عنان
في حين كان محسن غريب منشغلا بتطويع الخط العربي وإعادة تركيبه، كان أحمد عنان الفنان التوأم لغريب قد جال في جسدي الرجل والمرأة، مستجليا ضمن كثافة لونية الملامح الممحوة والمبعثرة، في إطار موضوع الانتظار بملامح الأجساد العارية الممحوة التفاصيل.
وكانت انطلاقة عنان في هذه التجربة التي هي تجربتان في آن واحد من خلال رسم الشخصيات في معرضه الأول الذي أقامه مع الكاتب إبراهيم بشمي، والذي احتوى كلمات وشعرا ولوحات، فكانت الشخوص التي رسمها العام 2002 في ذاك المعرض بداية ومدخلا للتجربة الجديدة، التي أحب عنان أن يواصل فيها، حتى تطورت بين يديه من خلال التكرار والمحاولات والبحث، فتلاشت معها الملامح، إلا أن القالب ظل موضوع المرأة، والمرأة والرجل بعدة خامات منها الإكريليك وكذلك المائيات.
عنان ألغى الملامح، ولكن بقيت الشخوص، فهي كانت واضحة تنتظر شيئا وشخصا ما، وأوحت جميعها بالجسد المغيب، الذي كان عاريا لا توجد فيه تفاصيل، فيما كانت لوحات منبعثة من تقاطيع الجسد كالصدر والقدم، تميزت بزخم الألوان والخامات المختلفة.
عنان قال: «لي أعمال سابقة في التجريد، لكنني أحب أن أشخّص، وفي المعرض الأول كان هناك تشخص، لكن أحببت في هذا المعرض أن ألغي معظم التفاصيل واعتمد على ضربات الفرشاة السريعة والخاطفة ومزج الألوان بطريقة سريعة متهورة لتعطي إحساس أصدق من التفاصيل».
ووجد أحمد خلال حديثه مع «الوسط» أن الرسم ليس مفروضا على الفنان، ولكنه حاجة في داخل الفنان تجنح لتخرج بالعمل، أما ما يرسم فهو بتعبيره «ما يأتي وقت الرسم من خلال الثقافة والاطلاع والاحتكاك بالفنانين والمحترفين، والذي يكوّن لدينا ثقافة بصرية مختلفة عن الثقافات الأخرى، وفي أثناء العمل يكون هناك مخزون، تتجسد معه الأعمال بمزاوجته مع الخبرة»، إذ أكد أنه أثناء عمله «يكون اعتمادي على اللحظة، وأرتجل الأمور أثناء العمل، وأحب هذه اللحظات الخاطفة من الفرشاة وعفوية التفكير، كأنني أخطف فكرة أو حركة أثناء العمل، فلا أحب وضع اسكتشات سابقة أو التخطيط».
بذلك، تكونت في جانب أحمد عدد من الدفقات الشعورية تجسدت في كل مجموعة من الأعمال، ويتميز ذلك بالألوان المختلفة المائية منها والإكريليك، مرورا بالفترة الزمنية التي استغرقها في إعداد المعرض والتي قاربت العام الكامل
العدد 2330 - الأربعاء 21 يناير 2009م الموافق 24 محرم 1430هـ