في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت تم اختراق سيرفر وحدة أبحاث المناخ في جامعة شرق انجليا البريطانية وقد تم خلال هذا الاختراق سرقة الآلاف من الوثائق الإلكترونية لبحوث المناخ بالإضافة لآلاف من الرسائل الإلكترونية لعلماء الوحدة ومن ثم قام المخترق - لغرض في نفس يعقوب - بإصدار الوثائق على صفحات الشبكة الإلكترونية وبالتالي رفع الخصوصية عن تفاصيل المعطيات المحفوظة. لاشك أن الغرض الرئيس من هذا الاختراق ومن ثم لاحقا إصدار هذه المعلومات على الإنترنت هو محاولة تخريب القرارات المزمع الاتفاق عليها في مؤتمر كوبنهاغن للمناخ في بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول.

لكن ما هي أهمية وحدة أبحاث المناخ في الجامعة البريطانية المذكورة؟ تعتبر الجامعة البريطانية من أفضل 200 جامعة في العالم حسب تصنيف شنغهاي المعروف، وتحتضن وحدة أبحاث المناخ منذ عام 1972 في كلية علوم البيئة. رئيس الوحدة هو البروفيسور فيل جونز وهو أحد الكتاب الرئيسيين لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) وهو مسئول عن حفظ قياس تقلبات درجة حرارة الهواء والمحيطات بواسطة مجسات حرارية وهو مؤلف عدة أوراق علمية عن إعادة رسم درجات الحرارة قبل 1000 عام في مجلات علمية مرموقة. هذا الموضوع مهم لأن المعطيات الظاهرية لتسجيل درجة الحرارة بدأت منذ عام 1850 وبالتالي فإن الأبحاث ركزت على كيفية إعادة خارطة درجة حرارة الهواء الجوي لمدد زمانية أطول وبالتالي الوصول إلى نتائج علمية تؤكد فعليا الارتفاع في درجة الحرارة لكوكب الأرض ومن ثم ربطها بتركيز غاز ثاني أكسيد الكربون كما شاهدناها في الفيلم الوثاقي لنائب الرئيس الإميركي السابق آل جور «الحقيقة المزعجة».

أهداف نشر الرسائل الإلكترونية بين أعضاء مجتمع علماء المناخ في الوحدة البريطانية هي إلقاء الشبهة أولا على مسئولية ودور الإنسان في قضية الاحتباس الحراري بواسطة التشكيك في مصداقية الأرقام والمعطيات المعلنة ومن ثم الإعلان بان الارتفاع التدريجي لدرجة حرارة الكرة الأرضية هو ظاهرة طبيعية. ثانيا، التشكيك في مصداقية علماء المناخ وخاصة في مجال مراجعة أبحاث زملائهم الذين لا يشاركونهم الرأي وبالتالي محاولة منعهم من نشر نتائج أبحاثهم وهذا يؤثر في مصداقية وأخلاقيات البحث العلمي في المجتمع الأكاديمي.

توقيت الاختراق ومن ثم نشر المحتويات على الإنترنت لا يخفى على المحايد، فقمة كوبنهاغن على الأبواب وهناك أجندة سياسية تحاول بعض الجهات استغلالها لإلقاء ظلال الشك على بروتوكولات المعاهدة الجديدة. ردود الأفعال العالمية تباينت حسب رؤية الجهات المتورطة فجمعية الأرصاد الأميركية أعلنت عن وقوفها مع منطق العلم وأن الأدلة التي تم الإعلان عنها في المنشورات العلمية كافية لتبديد أية شكوك بأن الأنشطة الإنسانية هي المسئولة عن ظاهرة الاحتباس الحراري وبالتالي فإن آثار السلوك الخاطئ لبعض العلماء في الوحدة البريطانية محدودة.

سيكون في القريب العاجل تحقيق أكاديمي من قبل شخصيات مستقلة للتحقيق في وحدة المناخ في جامعة شرق انجليا لتوضيح ملابسات القضية وسلوك بعض الأكاديميين والتأكد من جودة بحوث المناخ.