العدد 2647 - الجمعة 04 ديسمبر 2009م الموافق 17 ذي الحجة 1430هـ

في الأمازون... بحث عن علاج السرطان يلقى الكثير من العقبات

تقع مهمة حصد أسرار غابة الأمازون المطيرة الشاسعة في البرازيل للمساهمة في المعركة مع مرض السرطان بدرجة كبيرة على أوسمار باربوسا فيريرا.

في غابة كثيفة الأشجار لا تصل أشعة الشمس إلى أرضها يحمل فيريرا (46 عاما) مقصه الكبير وحبلا ويتسلق شجرة رفيعة مسلحا بخبرة اكتسبها من عمله الدائم طوال حياته في الغابة.

يقوم فيريرا بحرفية كبيرة بقص عدة أفرع لتنتهي في أيدي مجموعة صغيرة من الباحثين وطبيب يقوم بدأب برحلة شهرية إلى نهر كويراس في ولاية الأمازوناس إيمانا منه بأن الثروة النباتية المذهلة في الغابة يمكن أن تكشف عن وسائل جديدة لعلاج السرطان.

وربما يكونون على حق. فنحو 70 في المئة من أدوية السرطان الحالية إما انها منتجات طبيعية أو مستخرجة من مركبات طبيعية.

وتعتبر أكبر غابة مطيرة في العالم بوتقة للتنوع الحيوي الذي بدأ بالفعل في إنتاج أدوية لأمراض مثل الملاريا. لكن التوصل إلى المادة المناسبة ليس بالمهمة السهلة في غابة يمكن أن تضم ما يصل إلى 400 نوع من الأشجار وغيرها من النباتات في منطقة لا تتعدى مساحتها 2.5 فدان تقريبا وفي بلد ما زالت تسوده الريبة تجاه أي تدخل خارجي في منطقة الأمازون.

وقال الطبيب دراوزيو فاريلا بمزيج من الحماس والإحباط إذا كان لدينا قواعد واضحة تماما

لكنا اجتذبنا العلماء من جميع أنحاء العالم... يمكن أن نحول جزءا كبيرا من الأمازون إلى مختبر هائل.

لكن في الوقت الراهن الأجانب ممنوعون من مساعدة فاريلا خبير علم الأورام والباحثين من جامعة بوليستا في ساو باولو وهم بين عدد محدود للغاية من مجموعات برازيلية مصرح لها بدراسة عينات من الأمازون. يعتقد فاريلا (66 عاما) أن مكانته الرفيعة كانت مصدر عون. فهو كاتب معروف وشخصية تلفزيونية قفزت للشهرة العام 1999 بكتاب وفيلم ناجح تدور قصته عن عمل فاريلا كطبيب في سجن كارانديرو الذي يلقى فيه المساجين معاملة وحشية في ساو باولو.

لكن الخطوة التي قام بها فريقه في التسعينيات للشراكة مع المعهد الوطني الأميركي للسرطان أثار عاصفة من اتهامات بالقرصنة البيولوجية ولسنوات منعت تلك المجموعة من التعاون الدولي والتمويل الذي يمكن أن يزيد من فرص التوصل إلى العلاج السحري للسرطان.

كما أن عملهم يتعطل من حين لآخر بسبب متطلبات بيروقراطية أدت في احدى المرات إلى توقف جمع العينات لمدة عامين. وعلى مدى أكثر من عشر سنوات من البحث نقلت المجموعة 2200 عينة من منطقة ريو نجرو (النهر الأسود) إلى مختبرها في ساو باولو.

وأظهر نحو 70 عينة منها بعض الفاعلية في مكافحة الأورام. وقال فاريلا الذي توفي شقيقه الأصغر بالسرطان إن تلك العينات كافية لتجعل الفريق يعكف على القيام بتحليلات لنحو 20 عاما قادمة. ومن المفارقات أن أجنبيا هو الذي أوحى لفاريلا ببدء أبحاثه.

فقد سأل روبرت جالو وهو باحث أميركي وخبير رائد في مجال مرض نقص المناعة المكتسب (الايدز) شارك في اكتشاف فيروس (اتش. آي. في) المسبب للمرض فاريلا خلال رحلة إلى الأمازون في أوائل التسعينيات عما إذا كان هناك من يجري أبحاثا حول الإمكانيات الطبية لتلك الغابة. ومن المنتجات الطبيعية المستخدمة في مكافحة السرطان في الوقت الراهن مادة تاكسول وهو دواء يستخدم في العلاج الكيميائي يستخرج من لحاء شجرة الطقوس وهي من الفصيلة الصنوبرية.

وقال رئيس فرع المنتجات الطبيعية في المعهد الوطني الأميركي للسرطان ديفيد نيومان إن عددا من أدوية السرطان الواعدة مشتقة من مصادر طبيعية متنوعة منها اسفنج يوجد في المياه العميقة ويجري حاليا اختبارها إكلينيكيا. وأضاف نيومان انها مثل قصة بوليسية او أحجية.

فملعقة صغيرة واحدة من تربة الأمازون تحتوي على آلاف الميكروبات التي لم يتم عزلها. ومن بين ما يقدر بنحو 80 ألف نبات مزهر في الأمازون تم تعريف نحو خُمس هذا العدد فقط. وقال نيومان إن التقدم في البرازيل يواجه معوقات نتيجة عجز الشركات عن الحصول على حق تسجيل براءة اختراع إنتاج مادة طبيعية بموجب تشريع صدر في التسعينيات مما لا يشجع على الاستثمار في الأبحاث. وضرب مثلا بسم أفعى برازيلية اتضح أنه فعال في تطوير دواء كابتوبريل لعلاج ضغط الدم في السبعينيات وهو اكتشاف كان من الممكن ألا يتم بموجب القوانين السارية في الوقت الحالي. وتعطل إجراء المزيد من التحاليل للمركبات الواعدة التي عثر عليها فريق فاريلا بينما تنتظر الجامعة الحصول على جهاز للتصوير بالرنين المغناطيسي الذي يمكن أن يعزل المواد الفعالة.

وقال خبير النباتات البالغ من العمر 34 عاما ماتيوس باسينسيا ما زلنا بعيدين عن اكتشاف دواء فعلي يمكنه علاج نوع من السرطان، لكن لدينا مؤشرات قوية على أن بعض النباتات بها مواد مثبطة لنمو الأورام.

ويأمل الفريق أن يقلب تزايد الاهتمام بالبيئة وجهود الحكومة للتصدي لانشطة أصحاب المزارع وقاطعي الأشجار التي تدمر الأمازون الموازين لصالح أنشطة أخرى أكثر ديمومة تعتمد على الغابات أيضا وهم يقولون إن نشاطهم مثال لذلك.

وقال باسينسيا ليس هناك شيء أكثر ديمومة من هذا... يمكننا أخذ عينات تزن كيلوجراما من شجرة وزنها طن ونحصل على مستخلص يدوم عشر سنوات.

العدد 2647 - الجمعة 04 ديسمبر 2009م الموافق 17 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً