يشهد العالم بوادر تقدم في عكس مسار وباء الإيدز (متلازمة نقص المناعة المكتسبة) في بعض البلدان، فالاستثمارات التي جرى توظيفها في مجال مكافحة الإيدز باتت تؤتي ثمارها وتنقذ الأرواح، غير أن معدلات الإصابات الجديدة تتجاوز في الوقت نفسه، على الصعيد العالمي، المكاسب التي تحققت من توفير العلاج للناس، ولا يزال الإيدز واحدا من الأسباب الرئيسية للوفاة المبكرة على الصعيد العالمي.
وفي يوم الإيدز العالمي هذا العام، يبدو التحدي الذي يواجهنا واضحا: فلا بد أن نواصل ما نقوم به، ولكن علينا أيضا أن نفعل ما هو أكثر من ذلك، بصورة عاجلة، للتمسك بالتزامنا بكفالة وصول الجميع إلى سبل الوقاية والعلاج والرعاية والدعم بحلول العام 2010.
ولن يكون من الممكن تحقيق هذا الهدف إلا إذا قمنا بتسليط الضوء الكامل لحقوق الإنسان على فيروس نقص المناعة البشرية. وهذا يعني التصدي لأي شكل من أشكال الوصم والتمييز فيما يتصل بفيروس نقص المناعة البشرية. كما يعني القضاء على العنف ضد النساء والفتيات.
وهو يعني أيضا ضمان الوصول إلى المعلومات والخدمات المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية. وإنني أحث جميع البلدان على إلغاء القوانين والسياسات والممارسات العقابية التي تعوق الاستجابة لمرض الإيدز، بما في ذلك القيود المفروضة على سفر الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.
فالاستجابات الناجحة للإيدز لا تعاقب الناس؛ بل توفر لهم الحماية. وفي كثير من البلدان، تضفي الأطر القانونية طابعا مؤسسيا على التمييز ضد الفئات الأكثر عرضة للخطر.
غير أن التمييز ضد المشتغلين بالجنس، ومدمني المخدرات، والرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، إنما يغذي هذا الوباء فحسب، ويعرقل التدخلات ذات المردود العالي.
ويجب علينا أن نكفل أن تتأسس مكافحة الإيدز على الأدلة، وليس على الايديولوجيات، وأن تصل إلى الأشد احتياجا والأكثر تضررا. ويمكن لمن يعيشون وهم مصابون بفيروس نقص المناعة البشرية أن يكونوا قدوة قوية في توجيهنا إلى النهج الأفضل للوقاية والصحة والكرامة الإنسانية.
ويجب علينا الاعتراف بإسهاماتهم وتعزيز مشاركتهم النشطة في جميع جوانب مكافحة الإيدز.
وفي هذا اليوم العالمي للإيدز، دعونا ندافع عن حقوق الإنسان لجميع الناس المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، وللأشخاص المعرضين لخطر العدوى، وللأطفال والأسر المتضررة من هذا الوباء.
ودعونا، ولا سيما في هذا الوقت من الأزمة الاقتصادية، نستفيد من مكافحة الإيدز في توليد التقدم نحو بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية.
والأهم من كل ذلك، علينا أن نعمل الآن فورا.
إقرأ أيضا لـ "بان كي مون"العدد 2644 - الثلثاء 01 ديسمبر 2009م الموافق 14 ذي الحجة 1430هـ