لامني عدد من الأصدقاء والقراء حول العمود السابق الذي تطرقت فيه لمشروع «نورانا» واحتجاج أهالي القرى القريبة منه, وكيف امتدحت هذا المشروع الذي سيقضي على آمال سكان القرى في الحصول على مشروعهم الإسكاني.

ربما لم يفهم البعض مقدار السخرية التي تعمدت أن أوردها عبر تصريحات القائمين على المشروع من كونه سيكون «عنوانا للفخامة والرقي لاحتوائه على الفلل والمكاتب المطلة على البحر بكلفة تصل إلى مليار دولار» في قرى تُعَدُّ من أفقر قرى البحرين وتحوي أكبر عدد من البيوت الآيلة للسقوط.

ربما لم تصل الفكرة بالشكل الذي قصدته من تصوير الوضع وكيف سيكون عليه, بعد اكتمال المشروع وهل سيستفيد منه أهالي القرى أم أنه سيكون مجرد مشروع استثماري آخر على هذه الأرض لا يستفيد منه غير المصرف الاستثماري وعدد من المستثمرين الخليجيين على حساب أصحاب الأرض الأصليين الذين يتابعون اجتثاث المزارع التي تربّوا فيها الواحدة بعد الأخرى ويدفن البحر الذي كانوا يلعبون على شواطئه ويحجز عنهم ليحول إلى شواطئ برمال ذهبية لا يدخلها إلا الأغنياء فقط.

ربما لم تصل فكرة المراد من وضع تصريح المسئول في المصرف عندما قال: «نحن سعداء للغاية بالحصول على الموافقة البيئية من الجهات المختصة في البحرين للبدء بالإجراءات اللازمة لأعمال دفن موقع المشروع» وكيف يمكن أن يفرح أي شخص من القضاء على ما تبقى من سواحل البحرين وثروتها السمكية رغم أنه لم يبق غير 3 في المئة فقط من السواحل للمواطنين وصار البحارة يجازفون بالصيد خارج المياه الإقليمية للبحرين بعد أصبحت مياهنا الإقليمية خالية من الأسماك.

المشكلة ليست فقط في الاستحواذ على الأرض التي وعد بها الأهالي لبناءٍ هم أولى به, وإنما أكبر من ذلك بكثير عندما تتحول المناطق المطلة على البحر إلى «مدن راقية» و «حدائق مغلقة» لا يمكن للمواطنين حتى النظر إليها. بجانب قرى فقيرة لا تتمتع بأبسط مقومات البنى التحتية من شوارع وإنارة ومجاري.

وبعد كل ذلك هل يمكن لأي مواطن ألا يفهم ما الذي يزعج أهالي قرى كرباباد والحلة وكرانة وباربار والدراز وجنوسان والمقشع من مشروع «نورانا»؟