أعلنت إيران أمس الأول عزمها بناء عشر محطات جديدة لتخصيب اليورانيوم في خطوة من شأنها أن تعطي دفعة لمحادثات القوى الكبرى بشأن فرض عقوبات جديدة.
وإذا ما حدث هذا التوسع الطموح فإنه سيزيد من احتمال شن هجوم عسكري على الجمهورية الإسلامية. وإعلان إيران بمثابة تحد للقوى الكبرى بعد يومين من توجيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية توبيخا لطهران لبنائها محطة لتخصيب اليورانيوم سرا قرب مدينة قم. وقال رئيس معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن، ديفيد أولبرايت «إنها فكرة مجنونة... لكن علينا النظر إلى الأعماق. لقد جن جنونهم بسبب قرار وكالة الطاقة الذرية... إنه تصرف صبياني نوعا ما».
وقالت المحللة في المعهد، جاكلين شاير إن إعلان طهران من المنظور السياسي سيزيد من تفاقم التوترات القائمة. وكان مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي قد حذر في الأسبوع الماضي من أن إيران ربما ترد بإجراءات مضادة أكثر حدة إذا ما انتقدتها الدول الست الكبرى، وقال إن قرار الوكالة ربما يضر بالجهود الدبلوماسية.
وتعهدت إيران بالفعل بخفض مستوى تعاونها مع الوكالة. وقال دبلوماسي كبير قريب من الوكالة التي تتخذ من فيينا مقرا إن الوكالة لم يكن لديها علم بأحدث خطط لإيران.
وكانت وكالة الطاقة الذرية قد طلبت من طهران توضيح ما إذا كان لديها المزيد من المنشآت النووية أو خطط لإقامة المزيد بعد تسليط الضوء على الموقع السري لمحطة التخصيب. وتقول إيران إنها اختارت بالفعل خمسة مواقع للمحطات الجديدة ما يشير إلى أن بعضها على الأقل كان في مرحلة التخطيط منذ فترة وإن هذا الإعلان ليس مجرد تهديد أجوف للغرب. لكن الأمر سيستغرق سنوات قبل أن تتمكن إيران من تشغيل تلك المحطات كما أن حجم النشاط الذي تتحدث عنه طهران يبدو مبالغا في طموحه نظرا للقيود الفنية المفروضة على نشاطها النووي. وقال كبير محللي شئون الانتشار النووي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، مارك فيتزباتريك «إعلان عشرة مواقع جديدة هو تبجح في أوضح صوره. وقالت شاير إن هذا الإعلان أشبه بالاستعراض وإن إيران ليس لديها ما يكفي من اليورانيوم الخام لتنفيذ برنامج تخصيب بالحجم الذي تتحدث عنه. وقال أولبرايت إن إيران غير قادرة على بناء عشر محطات جديدة لتخصيب اليورانيوم.
وأضاف ليس لديهم المقدرة. وتواجه إيران مسائل فنية أخرى... فقد ثبتت عدد أجهزة الطرد المركزي التي تعمل في محطة نطنز للتخصيب والمفترض أن تكون المواقع الجديدة مماثلة لها كما أنها تواجه صعوبة في الحصول على المواد والمكونات من الخارج لبرنامجها النووي بسبب العقوبات الحالية التي تفرضها الأمم المتحدة. وقال فيتزباتريك من غير المرجح أن يكون لدى إيران القدرة على تزويد المنشآت الإضافية التي تعمل على نطاق صناعي بالمعدات وتشغيلها لبعض الوقت. غير أن تحدي إيران والتهديد بتوسيع برنامج تخصيب اليورانيوم ربما ييسر على القوى الغربية وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا إقناع روسيا والصين بتأييد مجموعة جديدة من العقوبات الصارمة على قطاع الطاقة في طهران الذي يمثل عنصرا حيويا. ولا ترغب روسيا والصين اللتان تعتبران إيران شريكا تجاريا مهما في تأييد فرض عقوبات أكثر صرامة على طهران في المحافل الدولية.
لكن موقفهما بات أقرب إلى موقف القوى الأربع الأخرى منذ الكشف عن المحطة السرية قرب محطة قم ورفض طهران لاتفاق توسطت فيه وكالة الطاقة الذرية لتزويدها بالوقود النووي بهدف منعها من تحويل مخزوناتها من اليورانيوم المنخفض التخصيب لاستخدام عسكري محتمل. وتفتقر طهران حاليا إلى منشأة لتصنيع الوقود لتحويل اليورانيوم المنخفض التخصيب لديها إلى وقود يستخدم في المحطات النووية المدنية وستزيد خططها التوسعية من ارتياب الغرب في اعتزامها صنع قنبلة نووية تحت ستار برنامج نووي مدني.
وتقول طهران إن برنامجها النووي أغراضه سلمية محضة. وإذا ما استمر توسيع أنشطة تخصيب اليورانيوم دون قيود وإذا تمكنت طهران من بناء المزيد من المواقع فربما تواجه عملا عسكريا من «إسرائيل» التي تعتبر أن برنامجها النووي يمثل خطرا على وجودها نظرا للتصريحات الإيرانية التي تدعو إلى تدميرها. ولم تستبعد «إسرائيل» شن ضربات عسكرية تستهدف هذه المواقع.
وقال فيتزباتريك يؤسفني القول إن إعلان إيران يجعل الهجوم العسكري على المنشآت أكثر ترجيحا.
العدد 2643 - الإثنين 30 نوفمبر 2009م الموافق 13 ذي الحجة 1430هـ