العدد 2642 - الأحد 29 نوفمبر 2009م الموافق 12 ذي الحجة 1430هـ

اسمحوا لطيران الخليج بالتحليق!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

الفرصة كبيرة ومواتية الآن وأكثر من أي وقت مضى أمام إصلاح جذري وحقيقي ومؤسسي في شركة طيران الخليج، الناقلة الوطنية لمملكة البحرين، وذلك بعد هزات عميقة مرت بها الشركة طوال المرحلة الماضية.

اليوم على رأس الجهاز القيادي توجد كفاءة بحرينية مشهود لها وهو الخبير الاقتصادي طلال الزين بجانب الشركة المهندس سامر المجالي الذي يدير منذ أغسطس/ آب الماضي العجلة التنفيذية في الشركة، وهو كفاءة عالية وخبرة خصبة جدا في قطاع الطيران، وسبق أن قاد بنجاح الملكية الأردنية للطيران، وشغل مواقع مختلفة في بيوت الخبرة العالمية في الملاحة الجوية.

ومما لا ريب فيه، بأن نجاح سامر المجالي في مهمته الصعبة والطموحة، وهو أكبر تحدٍ يواجه هذه الشركة التي يتم تشغيلها من أموال الدولة، ويمكن أن تعود لسكة الربحية والتنافسية في حال منحت جرعات من الثقة والمراقبة والجرأة والهدوء.

فترة تسلم المجالي لقيادة طيران الخليج، فترة ليست مثالية من حيث الظروف المحيطة، لأنها متزامنة مع ذروة الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت على قطاع الملاحة الجوية على نحو غير مسبوق.

ولكن باعتقادي، أن ثمة ثلاث نجاحات مهمة حققها المجالي حتى الآن، النجاح الأول هو إعادة الثقة للناقلة الوطنية، فالرجل جاء بعد المرحلة الأصعب من تاريخ الشركة من حيث الخسائر المليونية اليومية وكذلك الفساد الذي كان مستشريا بسبب مجموعات نفعية أجنبية كانت تمسك بزمام الأمور في ناقلتنا الوطنية.

الثقة السمة الأكثر أهمية بالنسبة لنجاح أي قطاع اقتصادي على مستوى طيران الخليج، ويكفي القول إن الصورة النمطية المعتادة عن الشركة بأنها بؤرة للفساد والمحسوبية قد بدأت تتلاشى تدريجيا لصالح الصورة الإيجابية.

ومن حسن الحظ أن المجالي يدرك البيئة الثقافية في المنطقة الجغرافية التي تعمل الشركة في نطاقها، فلو توافرت أفضل شخصيات الطيران عالميا فإنها قد تخفق، لأنها لا تدرك بالضرورة أثر العامل الثقافي والنمط الاجتماعي المحيط بهذه الشركة.

النجاح الآخر الذي يسجل في رصيد سامر المجالي، بأنه أنجز وفي وقت قياسي مهمة افتتاح أول خط مباشر مع العاصمة العراقية بغداد رغم الصعوبات الفنية والعقبات الأخرى، مستفيدا بذلك من خبرته السابقة، فالآن وبعد أشهر بسيطة من تسلم المجالي للشركة أصبحت طيران الخليج تستثمر في الامكانيات الكبيرة والفرص الاقتصادية الهائلة المتاحة في السوق العراقية.

اليوم، استطاعت طيران الخليج أن تدشن رحلات مباشرة إلى بغداد، وكذلك مدينة النجف الأشرف في إطار تعزيز السياحة الدينية مع العراق، وهذا الخط أضحى من أنجح الخطوط التي تسيرها طيران الخليج، نظرا للإقبال المطرد على هذا الخط من قبل المسافرين على مدار العام ليس من البحرين فحسب وإنما من بقية دولة الجوار، كما نجحت الشركة في التوجه لنقاط أخرى منها أربيل الواقعة في شمالي العراق، وسيكون هذا الخط نقطة وصل مهمة وحيوية بين مختلف الخطوط الجوية التابعة لطيران الخليج.

النجاح الثالث، وهو إطلاق الاستراتيجية الجديدة لشركة طيران الخليج، وهذه الاستراتيجية بقدر ما هي طموحة يجب أن تكون واقعية أيضا، ويجب ألا تغفل عن مسارات ثلاثة أساسية: المسار الأول هو وقف نزيف الخسائر وإعادة الشركة لمربع الربحية مجددا مع جدول زمني يراعي الظروف والتحديات المتنوعة، والمسار الثاني هو الاهتمام بموظفي الشركة، ولا يمكن بأي حال أن يكونوا وقوداَ لأية عملية تغيير هيكلي محتملة في المدى المتوسط أو البعيد، والمسار الثالث هو اتباع أقصى درجات الشفافية في جميع الإجراءات التي تعتزم الشركة اتباعها في النواحي الإدارية والمالية.

غير أن العامل الأكثر أهمية، هو منح مجلس إدارة شركة طيران الخليج والمدير التنفيذي كامل الاستقلالية في تسيير عمل الشركة في هذه المرحلة الحرجة من دون أن نقحم الشركة في حسابات التقاطعات السياسية ومواقع النفوذ والتنافس بين القوى المؤثرة.

وبالعربي الفصيح، إذا أردنا لطيران الخليج أن تسير بخطى ثابتة نحو المستقبل، فلا يجوز أن نحبسها بين رؤيتين متعارضتين، ومن المفروغ منه أن شركة مثل طيران الخليج ليست المرمى المثالي لتسجيل الأهداف بين الفرقاء.

النواب يجب أن يتمتعوا على الدوام بحق الرقابة على الشركة من كونها جزءا من الأموال العام، ولكن في الوقت ذاته فإن المشاكسات النيابية (وخصوصا تلك التي تملك مآرب أخرى) يجب أن تتوقف، ومن واجبنا أن نرفع الكارت الأحمر في وجه التعريض بالناقلة الوطنية في وسائل الإعلام من أجل غايات انتخابية.

وعلى متن الطائرة التي افتتحت الخط مع بغداد، تسامرت والآخرين مع المهندس سامر المجالي بشأن خطط الشركة، والحق يقال إن الرجل يمتلك قدرة إقناع توحي بالثقة والتفاؤل فيما يتعلق بمستقبل الناقلة الوطنية، وما يشجعنا أكثر هو خبرة المجالي في تسلم موقع ريادي متقدم من خلال ترؤسه لمجلس إدارة الاتحاد الدولي للطيران (IATA)، ولهذا السبب فإن منح الرئيس التنفيذي الجديد قدرا من الهدوء داخل الشركة وخارجها أمرٌ من البديهيات حتى نجني ثمار الملايين التي تم ضخها في الشركة.

وللأعزاء في نقابة طيران الخليج نقول: جل ما تطرحونه هو أمر مشروع، ولكن دعونا نختلف معكم بأن الاعتصامات والإضرابات ليس هذا أوانها المناسب، والأفضل أن تضعوا يدكم في يد الإدارة التنفيذية الجديدة، ومنحها الفرصة كاملة، ولديكم الآن فرصة حقيقية للدخول في حوار بناء وصريح وموضوعي من دون ضجيج قد يستغله الآخرون لقطع الطريق أمام فرص إنعاش الشركة.

رجاء... امنحوا الكابتن سامر المجالي فرصة التحليق بطيران الخليج، ومن الحكمة أن نتريث لمنح الناقلة الوطنية فرصة التقاط الأنفاس وحتى نرى ماذا بوسع الرجل أن ينجز، لنصبر قليلا.. إن الله مع الصابرين!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2642 - الأحد 29 نوفمبر 2009م الموافق 12 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • RSG | 5:42 ص

      كلام جميل

      كلام جميل ياسيد حيدر فى حق طيران الخليج والسيد المجالى وبوسع الرجل أن ينجز الكثير حين يراعى أسعار التداكر بنسبة الشركات الاخرى وسوفة ترى مربع الربحية مجددا .

    • زائر 3 | 3:03 ص

      الراكض وراء السراب

      تحياتنا للسيد سامر المجالي ونتمنى له التوفيق في عمله ولكن؟؟
      سوف يواجه هذا الرجل جبال من العقبات, تتمثل في الهواتف والايميلات من الجهات العليا الفاسدة التي وقفت في طريق اصلاح هذه الشركة من قبل الكثير من الرؤساء السابقين, هذه الجهات العليا لديها احباء وحبيبات في الشركة انعمسوا في الفساد والافساد, هؤلاء الاحباء والحبيبات يرتبون القعدات الحلوة والليالي الملاح للجهات العليا, ويوفرون الوناسة وسعة الصدر للجهات العليا, ولايمكن التخلي عنهم, فهم لديهم كل الصلاحيات ليفعلوا ما يشاؤوا

    • زائر 2 | 3:03 ص

      الراكض وراء السراب

      تحياتنا للسيد سامر المجالي ونتمنى له التوفيق في عمله ولكن؟؟
      سوف يواجه هذا الرجل جبال من العقبات, تتمثل في الهواتف والايميلات من الجهات العليا الفاسدة التي وقفت في طريق اصلاح هذه الشركة من قبل الكثير من الرؤساء السابقين, هذه الجهات العليا لديها احباء وحبيبات في الشركة انعمسوا في الفساد والافساد, هؤلاء الاحباء والحبيبات يرتبون القعدات الحلوة والليالي الملاح للجهات العليا, ويوفرون الوناسة وسعة الصدر للجهات العليا, ولايمكن التخلي عنهم, فهم لديهم كل الصلاحيات ليفعلوا ما يشاؤوا

اقرأ ايضاً