يفصل ما بين شهر فبراير/ شباط 2006 وشهرنا الجاري ثلاث سنوات وعشرة أشهر. وهي المدّة الحقيقية التي تفصل بين قراري الوكالة الدولية للطاقة الذرّية (الأول 2006 والثاني 2009) بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وخلال هذه السنوات والأشهر كان مجلس الأمن قد صدّر قراراته الأربعة (1696، 1737، 1747 و1803) لذات الموضوع بعد إحالة الملف للأمم المتحدة. ثلاثة من تلك القرارات الأربعة كانت قد صَدَرَت وفق متطلبات البند السابع.
اليوم نتساءل: ما الذي جَعَلَ الأمور تصِل إلى ما وصلت إليه بعد الانفراجة السياسية؟ باختصار شديد، فإن العالم كان قد تنفّس الصعداء عند غُرّة أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عندما حصَل اتفاق فينا، بين الجمهورية الإسلامية والدول (5 + 1).
نَصَّ الاتفاق في مسودّته الأولى على أن تُسلِّم طهران وقودا نوويا بدرجة 3.5 لروسيا ثم لفرنسا للحصول على وقود مُخصَّب بنسبة 19.75 يُستخدَم في مفاعل طهران النووي لمعالجة 800 ألف إيراني يعانون من أورام سرطانية.
وَقَعَ الخلاف في التالي: أن إيران تحتاج إلى 116 كيلوغراما من اليورانيوم المُخصّب بنسبة 19.75 في المئة وهي كمّية تتطلّب 800 كيلوغرام من يورانيوم مُخصّب بنسبة 3.5 في المئة، في حين أن الغرب يطلب 1200 كيلوغرام، أي بزيادة 400 كيلوغرام عن الكمية الأصلية.
الخلاف الثاني هو أن عملية التخصيب تلك تحتاج إلى مدّة زمنية فعليّة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، في حين أن طَلَبَ الغرب هو مدّة زمنية تصل إلى خمسة عشر شهرا. أي بمضاعفة المدة أربع مرّات تقريبا.
وعليه فقد اقترحت طهران لاحقا أن يتمّ التبادل بين الكمّية المُرحّلة والكميّة المُستلمة بشكل متزامن على أراضيها إن كان الموضوع يُرَادُ له أن يتم، ووفق ضمانات باتت مطلوبة بعد هذه الإشكاليات الفنية بين الطرفين.
هنا حديث مُستفيض. فالموضوع برمّته مُتَعلِّقٌ بمرحلة جديدة من المفاوضات بين الغرب وإيران. وهي مرحلة ذات سقف مُختلف تماما عن السابق، حيث تمّ الاعتراف لطهران بإجراء عمليات تخصيب على أراضيها وفق النسبة المذكورة.
وهو اعتراف ضمني وواقعي لم تحصل عليه إيران إلاّ بعد سبعة أعوام من التفاوض. وبعد انتقال الإيقاف إلى التعليق، ثم إلى التعليق الجزئي، ثم إلى التعليق المٌحيَّن بستة أسابيع إلى الاعتراف بالحقّ في التخصيب.
بطبيعة الحال فإن هذه المرحلة لها آفاق وظروف مختلفة. وغاية الطلب الإيراني تتمثّل في أن تُجرَى مزيد من المحادثات حتى مع التلويح بالعصا. فهم يعتقدون أن المفاوضات أنتجت في السابق عنصر مبدأ «الأوراق المُستَجَدّة» على الطاولة.
فبحسب معهد البحوث (راند) فإن خيارات الاحتواء التقليدية تخلق فرصا جديدة لطهران. فهذه الخيارات تعتمد على القضم الجزئي والتقدم خطوة بحدّ الكفاف، الأمر الذي يجعل الطرف الآخر (إيران) يُصرّ على مبادلتها بالنّد عبر روافد جيوستراتيجية.
هم يرون بأن القيمة الاستراتيجية للمفاوضات قد تُعطيهم (أي الإيرانيين) مِنَحا أكبر وأوسع. ففي الفترة المنصرفة كانت أوضاع العراق وأفغانستان ومناطق أخرى في الشرق الأوسط قد مَنَحَت المفاوضات ميزة «الاستدراك».
واليوم، وحين تعصف بالعالم أزمة ماليّة خانقة، وأزمة طاقة مُستفحلة وخلاف على خط نابوكو وساوث ستريم بين كتلة أوروبية منقسمة وكتلة روسية متماسكة وظروف شرق أوسطية مُعقّدة فإن التفاوض سينتج فرصا جديدة كما قال «راند».
في أمر العقوبات فإن الإيرانيين يرون اليوم أن الغرب أمام خيار واحد فقط وهو خيار العقوبات. وهم في ذلك (أي الإيرانيين) أمام تحدٍ واحد ضمن سلّة العقوبات الذي يُحسَب له حساب، وهو موضوع البنزين المُكرّر.
وحين يضمن الإيرانيون حصولهم عليه فإن درجة الأمان الاقتصادي لديهم ستزداد. وإذا ما عُرِفَ بأن الاستثمارات الأجنبية في إيران منذ مارس/ آذار 2007 ولغاية فبراير 2008 قد وصلت إلى 10.76 مليارات دولار، فإن ذلك معدّل جيد في ظل القرارات الأممية الثلاثة.
وإذا كانت إيران تُنتج يوميا 44.5 مليون لتر من البنزين المُكرَّر وهي تحتاج إلى 79 مليون لتر فإنها قد تُعوّض ذلك من المُصدَّر لها من الأراضي الفنزويلية منذ أكتوبر الماضي. وبما أن سوق النفط هي سوق دوليّة فإنها قد تلجأ إلى دول أخرى في هذا المجال أيضا.
والغرب بدوره أيضا يُحاول أن يخلق نوعا من الفرص التي تُنتجها العقوبات المُشدّدة، على غرار ما تنتجه المفاوضات من فرص لدى الإيرانيين. وهو يسعى إلى دفع إيران للتنفيس عن ذلك الخناق حول عنقها من خلال التنازل عن جزء حيوي من برنامجها النووي.
المشكلة التي يُواجهها الغرب هي في كيفية التخلّص من «حاجة الضّرورة» التي عادة ما تُطلَب من طهران. فإذا كان العراق لن يُحكَم إلاّ بمباركة إيرانية وأفغانستان كذلك، ولن تُشكّل حكومة وفاق وطني لبنانية إلاّ بضوء أخضر إيراني فهذا يعني أن العقوبات لن تكون مستمرّة.
والمعروف أن الاستمرار والديمومة هو الذي يعود بالفائدة المرجوّة من أيّة عقوبات مُغلّظة. وحين تُجمّد (ولو لفترة بسيطة) هذه العقوبات بهدف تمرير حاجة مُحدّدة فهذا يعني أننا سنبقى بحاجة متقطّعة للخصم.
في المُحصّلة فإن العقوبات هي الخيار الأوحد للغرب وليس شيئا آخر. وهذا الخيار أيضا مُحاط بظروف لا يُمكن إنضاجه إلاّ بالتعامل معها بشكل مُحكم. لكن الأمور لا تبدو أنها في طور الإحكام على خيار العقوبات، لتبقى الأمور خاضعة من جديد لميزان القوى والمصالح المشتركة والحاجة المتبادلة.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 2642 - الأحد 29 نوفمبر 2009م الموافق 12 ذي الحجة 1430هـ
السلام عليكم
طاقة نووية تساوي بقاء النظام الاسلامي في ايران وقوته لا اكثر ولا اقل
الثبات
ليعلم الإيرانيون بان ثباتهم للحصول على تقنية نووية ليس جنون ولا سوء تقدير بل هي الفرصة ثم الفرصة لكي يصبحوا ذي شأن امام العالم .. الثبات ثم الثبات
IRAN again
hope that IARN makes it RIGHT this time again.
It is NOT fare to give what it has to the western world without any thing in hand. I wish IRAN will not give its HEAD to them... they will not stick to their word.... we all know that