العدد 2642 - الأحد 29 نوفمبر 2009م الموافق 12 ذي الحجة 1430هـ

لسنا قطيعا أيها السادة

الشيخ محمد الصفار mohd.alsaffar [at] alwasatnews.com

أسوأ شيء هو أن تفعل الفعل أو تهيئ ظروفه ومقدماته ثم تتهم الآخرين به، وتبالغ في تقريعهم على غبائهم وسذاجتهم.

لقد وصفتنا بعض الجهات الصحية بأننا اتبعنا الجهل وانخدعنا بالإعلام الساذج الذي وصلنا عبر منتديات ليست ذات اختصاص، وقبلنا بكلامها واندفعنا لموقف سلبي من لقاح «H1N1».

الغريب أن بعض الأطباء (وليس كلهم) الذين تحركوا يروجون للقاح أنفلونزا الخنازير (H1N1)، بدافع الحب والخدمة والعمل التطوعي لم تخل بعض ندواتهم ومحاضراتهم من تهكم واضح على عقول الناس، ووصفها بأوصاف ليست محبذة.

أقول هذا محتفظا لهم بالشكر والتقدير على ما قدموه من بيان مهم لحقائق غابت عنا، ونحن حتى اللحظة أحوج ما نكون لها، وادعوهم للمزيد فثروتهم العلمية والمعرفية لا تقل من وجهة نظري عن أي مختص آخر تتاح له الفضائيات ويفتح أمامه الإعلام.

مزعج وركيك كان التحقيق الذي قرأته يوم الأربعاء 18/11/2009 في صحيفة «الرياض» السعودية بعنوان «ثقافة القطيع.. ضعفاء الشخصية ساروا بجهلهم خلف محترفي الشائعات على النت»، أعوذ بالله من عقلية القطيع التي كرر ما يشبهها أكثر من مسئول في وزارة الصحة.

1. أعتقد أن ثقافة الصمت التي تحلت بها وزارة الصحة بامتياز هي التي دفعت الناس لتتخذ هذا القرار الرافض للتعاطي مع اللقاح في كل المدارس والمؤسسات، وقد أشرت لذلك منذ خمسة أشهر في مقال بعنوان «أصبحنا بحمد الله 43»، وكتبت «فبعض دول العالم أخذت موضوع الوباء بجد، فخصصت تحذيرات وتعليمات ومطويات، وعممت في مدارسها ولموظفيها العديد من التوصيات، وتحركت وزارات الصحة فيها على قاعدة القلق ومسابقة الزمن، لوصول الثقافة والمعلومة التوجيهية للمواطن قبل وصول المرض، وأعدت مراكز للاستقبال وحثت الناس على التوجه إليها حال الشعور ببعض الأعراض.

لكن وزارات الصحة في العالم العربي لا تزال في سبات عملي، تتحرك بالبركة، دون أن تفكر في الاستنفار التوعوي والتثقيفي حول المرض، فعالم الطلاب بعيد عن الموضوع تماما، والمحطات الفضائية لا تنشغل بالموضوع إلا بذكر إحصائيات المصابين في نشرات الأخبار، والصحف إيجابية لا تريد تعكير صفو استمتاع الناس، وإن شاء الله ما يصير إلا الخير» 20/6/2009 (صحيفة «اليوم» السعودية).

2. أما الميزة الثانية لوزارة الصحة والتي أنتجت ما يسميها البعض بثقافة القطيع فهو عدم الجدية التي لمسناها في مدارس أبنائنا وفلذات أكبادنا، فالمعقمات التي يتحدثون عنها هي مجرد كلام للإعلام، ولا وجود لها في أغلب المدارس، وتأخير بدء الدراسة لمدة أسبوعين لبدء تنسيق تدريبي بين الصحة والتعليم، لم ينتج عنه في أغلب مدارسنا سوى أقل من حصة واحدة شرح فيها بعض المعلمين - جزاهم الله خيرا - تعليمات حول النظافة وطريقة غسل اليدين.

وبالمناسبة كنت عائدا بالطيران إلى مطار الدمام فقدمت لي كبقية المسافرين ورقة لتعبئة بعض البيانات حول أنفلونزا الخنازير، وحين وصلنا لأرض المطار قدمت الورقة مع جواز السفر، فقال لي الموظف: «أنا أختم الجواز والورقة لا حاجة لي فيها»، وحين استفسرت منه أخبرني أن مجموعة من وزارة الصحة كانت هنا لكنهم ذهبوا، وليس من مسئوليتي استلام أوراق الصحة، سألته هل ذهبوا الآن؟ أجاب منذ فترة سبقتكم رحلة طيران وهم ليسوا هنا، والآن الطائرة الثالثة هبطت بعدكم وهم غائبون.

3. لا بد من مراجعة حقيقية تكشف لنا السبب الكامن وراء بحث الناس عن معلومات واتخاذهم مواقف صحية بعيدا عن وزارة الصحة في بلادهم، ليصل الأمر إلى أن وزير الصحة يلقح فلذة كبده أمام الفضائيات ولا ينعكس لذلك أثر إيجابي في مزاج الناس.

فهل ضعف الثقة بسبب الشهادات الطبية التي يكتشف تزويرها بين الفينة والأخرى وهي بالمئات؟

أم بسبب الوضع الحزين للمستشفيات والمراكز الصحية المهملة؟

أم بسبب الضعف في مستوى العلاج الذي يُلجئ أغلب الناس للعلاج خارج البلاد؟

لست أدري لكن البحث أجدى من اتهام عقول الناس.

إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"

العدد 2642 - الأحد 29 نوفمبر 2009م الموافق 12 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • zahraa nasr | 5:26 م

      بل هي وزارة الكحه

      صح كلامك المولى
      فهذي الوزارة ما اعتادت الا القاء المسؤوليات على بعضها البعض خوفا من تطبيق سياسات لايسمح لهم بتطبيقها بس اوامر عليا
      الغريب انها مرة تحذر ومرة تهدىء واذا الستاف مب عارفين الي ليهم والي عليهم بلوة بعد
      الدكاترة يشيلون روحهم من المسؤولية اي احد دزو عليه تامي فلو وسكليف والوزارة جابت اللقاح وتبي تصرفه ولناس ضايعه وانا اقول ماعليكم من القاح الهرار ولا عليكم من اليمبزة والله كريم

    • زائر 1 | 4:26 ص

      الصحة _ المتاجرة_ الانطباع السلبي

      لايمكن لوم الانسان الخائف من وجود تشكيك في نظرته لما يحدث، فلا وزاراة الصحة كلها اثبتت بما لايدعو للشك من أن اللقاح ذو تاثير إيجابي بحت ولن يكون ذو اي اثر سلبي لا الان ولا في المستقبل. الجميع مشبع باخبار الاستغلال العالمي للدول النامية وغير النامية ووجود مافيا الادوية ليس بجديد. أما تبيعية وزاراة الصحة العربية فهي ايضا حالة غير إستثنائية ووجود اشخاص غير مؤهلين في مناصب قيادية يعني قراراة غير مسؤلة او إنقيادية وهذا مايبرر عدم إقتناع الناس باخذ اللقاح من وجهة نظري

اقرأ ايضاً