العدد 2639 - الخميس 26 نوفمبر 2009م الموافق 09 ذي الحجة 1430هـ

مع الحجيج في العيد الأعظم

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يحتفل العالم الإسلامي اليوم بعيد الأضحى المبارك، جعله الله عيد خيرٍ وبركةٍ ورحمةٍ ومحبةٍ وائتلاف.

موسم حج هذا العام كان استثنائيا، فقد سبقته ظروفٌ وخالطته تغيرات طبيعية خارجة عن نطاق التوقعات.

الموسم سبقه تهويلٌ كبيرٌ، نظرا لانتشار وباء «انفلونزا الخنازير» على نطاق عالمي، ما جعل كثيرين يحجمون عن الذهاب للحج، ففي البحرين انخفض العدد السنوي بمقدار النصف تقريبا، وإن كان عدد الحجاج الكلي المعلن رسميا في السعودية لا يقل كثيرا عن العدد المسجل كل عام (في حدود ثلاثة ملايين).

الكثيرون كانوا يرون للتخوّف مبررا منطقيا، فالحجاج لا يأتون من خمسين بلدا إسلاميا من آسيا وإفريقيا وأوروبا فحسب، بل من بقية دول وقارات العالم البعيدة. وهذه المناطق لم تكن بمنجاةٍ من الوباء الجديد. مع ذلك بقاء أعداد الحجاج يكشف أحد تجليات روح الحضارة الإسلامية، وهو الإيمان والتسليم. فكثيرون ممن عرضتهم وسائل الإعلام عند وصولهم المطارات السعودية أو داخل المدينة المقدسة، كانوا يتكلمون بثقةٍ تامةٍ بالله، وإيمانٍ بحسن ضيافة من جاءوا لحرمه وإحياء شعائر دينه.

منذ صباح الأربعاء كانت وكالات الأنباء تضخ أخبارا عن الأمطار الغزيرة التي داهمت الحجيج، وتلقينا رسائل ومكالمات من بعض الزملاء هناك. واستمرت تلك الأخبار حتى الليل. وفجر أمس (الخميس)، أسرعت للتلفزيون لأتابع آخر الأخبار، حيث تُبثّ لقطاتٌ مباشرةٌ من منى وعرفات، تكشف بدء تحرك الحجيج مع أول خيوط الفجر. وكم كان جميلا أن تشاهد عند الساعة السادسة صباحا، عملية استبدال كسوة الكعبة المشرفة، في يومٍ يحمل الكثير من عبق التاريخ.

ففي هذا الموسم كانت العرب تحتفي باستبدال الكسوة، فتجمع قبائلها الأموال لذلك، وهكذا استمر العرف في الإسلام، أيام الرسول (ص) والخلفاء الراشدين (رض). وبعد اضمحلال القوّة في الجناح الآسيوي من العالم الإسلامي، التقطت الراية مصر الغنية المزدهرة، فكانت ترسل «المحمل» إلى الحجاز في احتفالاتٍ كبرى، لقرونٍ بعد قرون. ولم تتوقّف مصر عن هذه المهمة إلاّ في منتصف الستينيات. في هذه الفترة شهدت الجزيرة العربية ازدهارا وبحبوحة مع تفجّر أنهار النفط وازدياد عائداته، فأنشأت مصنعا خاصا للكسوة.

الكسوة الجديدة بلغت تكلفتها عشرين مليون ريال، وهي من الحرير الخالص المطلي باللون الأسود، والمزينة بالآيات القرآنية الشريفة المنسوجة بخيوط الفضة. ومن أجمل الأوقات التي يمكن أن يعيشها الإنسان لحظات بزوغ الفجر وهو جالسٌ أمام الكعبة، يتأمل البيت العتيق، ويقرأ تلك الآيات المكتوبة بأروع ما أنتجته الحضارة الإسلامية من خطوط.

هذا العام سجلت حوادث وفاة وإصابات بسبب سيول الأمطار، ولو حدث ذلك في أي مكان من العالم لكان فاجعة. أما بالنسبة إلى الحجيج، ورغم ما شكّله من صعوباتٍ في تحركاتهم وأداء مناسكهم، ومن بينها تعرض خيام حجاج البحرين للاقتلاع بفعل السيول، إلا إنهم يقابلونه بتمام الرضا والتسليم، ويفسّره أكثرهم بأنه من علامات القبول.

مع زوال هذا اليوم، سينهي الحجاج أهم الشعائر، ويُحِلون إحرامهم، ولا يبقى غير القليل. حفظ الله الحجاج وأتمّ لهم مناسكهم، وتقبل أعمالهم، وأعادهم إلى أوطانهم غانمين بالمغفرة والرضوان. ومنّ الله على الأمة الإسلامية في عيدها بالتآلف والتقارب واجتماع القلوب.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2639 - الخميس 26 نوفمبر 2009م الموافق 09 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • Iran | 5:40 ص

      عيدكم مبارك جميعاً..

      عيدكم مبارك جميعاً,, وعطلة سعيدة للجميع,, وأدام الله حبر قلمك يا سيــد.

    • زائر 5 | 4:23 ص

      تحية خاصة من مكة

      الحمدد لله على النعمة رمينا جمرة العقبة الكبرى .. دعواتنا لصاحب الزمان و لكم وللمؤمنينن وللبحرين بالفرج..

    • زائر 4 | 2:44 ص

      كل سنة وانتم بخير

      كل عام والجميع بخير والله يحفظ الحجاج والزوار من كل ويتقبل منهم صالح الاعمال ويردهم اوطانهم سالمين غانمين وتحية وتهنئة خاصة لك اخي الكاتب ووالله يعودك وقلمك لما فيه صالح وخير هالوطن

    • زائر 3 | 1:54 ص

      عيدك مبارك بعيدا عن السياسة

      كل عام وأنت طيب يا سيد
      كلمات جميلة فيها معان روحية ومعلمات مفيدة وشعور بالبهجة في هذا اليوم السعيد بعيدا عن السياسية التي تفرض أجندتها علينا بالرغم منا.
      أعاده الله عليك وأسرة الوسط وقرائها بالخير واليمن والبركات.

    • زائر 2 | 1:52 ص

      ما أكثر الضجيج وقلة الحجيج .. وكثرة الفتن ونزول المحن ( الله يستر يا سيد قاسم )

      أولها إنفلونزا الخنازير/والجدل الذي دار حوله/ والتطعيم غير المأمون الذي أخاف الناس .. وجعل الكثيرين يلغون حجهم بسبب الخوف من هذا المرض ومن التطعين أيضا/ والمشكلة الكبرى والعقبةالكأداء هي الحرب في شمال اليمن وإشتراك السعودية/والمؤسف إنا لم تتوقف لا في رمضان/ولا في ذي الحجة وهي من الأشهر الحرام/ وقد هجر سكان 450 قؤية سعودية من مساكنهم / وقصفت منازل في اليمن / وهجر سكانها/ وأعادت إلى الذاكرة مأساة غزة وجنوب لبنان / ولكن :
      ظلم ذوي القربى أشد مضاضة
      على النفس من وقع الحسام المهند .

    • زائر 1 | 12:52 ص

      فاكهة الوسط انت ياابوهاشم

      الواحد يرتاح لين يقرأ لك ياسيد انت السهل الممتنع المتواضع البسيط الشريف ..نبارك لك العيد السعيد انت والاهل والاحباب بصحة وعافية وانشاء الله يستمر هذا القلم بتسليط الاضواء على مشاكل المجتمع..... لك خالص المحبة والمودة وعطلة سعيدة للجميع ........المحب ولد الدلو

اقرأ ايضاً