لم تمض أيام على صدمة الخروج الحزين للمنتخب الوطني من التصفيات النهائية المؤهلة إلى كأس العالم، حتى تواصلت الخيبات باعتماد القرار القاضي بسحب الميدالية الذهبية الأولمبية الوحيدة التي تحققت في بكين 2008 من العداء رشيد رمزي، وكأن القدر يقول، لا تفرح يا شعب، فأنت على موعد دائما وأبدا مع الأحزان والصدمات.
مثالان متشابهان في كثير من الروابط، وللصدفة كانت نتيجتهما أيضا متشابهة، فلم يأت منهما إلا بالخيبة والخسران، فالمنتخب يتحصل على دعم مادي ومعنوي خرافي لا محدود، وكذلك اللاعب، والمنتخب يغادر لأفضل المعسكرات ولفترات طويلة من أجل إعداده بالشكل الأمثل، والحال كذلك مع اللاعب، والمنتخب عُمل من أجله على استيراد الكثير من اللاعبين غير المواطنين بحجة تقوية صفوفه، وصرفت عليهم مبالغ طائلة كرواتب وسفرات وغيرها، والحال لا يختلف في العداء الاولمبي الذي دعمته المؤسسة العامة للشباب والرياضة واتحاد ألعاب القوى وصرفت عليه الكثير من أجل المرافعة أمام المحكمة الأولمبية وسفراته ومبيته في دولته الأصلية المغرب، في النهاية ما هي النتيجة، خيبة وندم وصدمة أصابت الشعب، وخسارة لأموال أهدرت من دون فائدة ترجى.
في كل دورة أو مشاركة لمنتخب أو فرد تكون الدروس كثيرة، ترجو من يستوعبها من أجل الاستفادة الكاملة أو البسيطة منها، وذلك في سبيل الوصول إلى مرحلة جيدة من التطور والتقدم الرياضي الذي سيكون في النهاية لمصلحة البلد، بيد أن الواقع هو المختلف في بلدنا ورياضتنا في هذه الجغرافية الضيقة، إذ تبرز لنا الإخفاقات المتكررة مدى حاجتنا إلى مسئولين قادرين على الاستفادة والأخذ بعين الناظر إلى المستقبل بهذه السلبيات، والسير من خلالها إلى مستقبل أكثر إشراقا للرياضة البحرينية.
ما حدث من ضياع للحلم المونديالي وسرقة للفرحة الأغلى بالميدالية الأولمبية، كان آخر الدروس التي من الممكن أن يستفيد منها المعنيون في القفز بهذه السلبيات إلى تحقيق ما يصبو إليه أبناء هذا الشعب، من حقيقة البحث الجيد والصرف الواعي لكل دينار يتم صرفه من أجل انتشال الرياضة البحرينية من الفشل الذي تعيشه طوال عقود طويلة، والتي لم تحقق ما يذكر، وسط ذلك، يرى كثيرون أن الرياضة في البلد بحاجة ماسة للجنة تحقق في جميع الأنشطة الرياضية، وليس في كرة القدم فقط، ذلك أن الخيبات لم تأت فقط لمنتخبات الكرة، وإنما حتى في الألعاب الفردية.
يا ترى ألم يفكر المسئولون، أين الخلل في ذلك؟، هل من اللاعبين أو من الاتحادات أو من المؤسسة المعنية أولا وأخيرا بالرياضة، أم من شخصيات معينة تؤثر بشكل كبير في هذه الخيبات، ولا سيما أن الجميع يعلم بأن المنتخب الوطني مثلا تعاقب عليه الكثير من اللاعبين والمدربين، إلا أن الأحزان تواصلت، وبالتالي فإن لجنة التحقيق التي سيصار إليها البحث في الإخفاق الأخير للمنتخب الوطني في لقائه الفاصل مع نيوزيلندا مطالبة بالتحقيق مع كل من له صلة بهذا الإخفاق، وعدم استبعاد أي فرضية من الممكن أن توصلنا إلى النتيجة الصواب، ومنها من دون شك عملية الاستيراد الفاشلة التي مرت علينا طوال السنوات الماضية، ولم تأت بأي فائدة، وإن تحقق ذلك فإن الفائدة ستكون مصير الرياضة البحرينية قاطبة، وليس المنتخب الوطني فقط، لأن رياضتنا متشابهة في الكثير من الأمور.
إذا أين الخلل؟! الخلل هو في عدم احتراف مسئولينا، فنحن نحتاج إلى أن يحترف المعنيون كيف يسيرون أمور الرياضة ويضعونها في الطريق الصحيح، بدءا من إيجاد بنية تحتية متكاملة، لا أن نجعل الأمور تسير (على بركة الله)، نحتاج إلى أن يدرس مسئولو الرياضة كيفية تسيير كل ذلك باحترافية، لا أن نضع كل الأخطاء على أناس لا دخل لهم، فنحن بحاجة ماسة إلى الاستفادة من عمل الدول الخليجية القريبة التي يصيبها النجاح كثيرا.
لا نريد أن نقول: إن على الاتحاد أو المؤسسة أو أية جهة أن تستقيل بعد كل هذه الإخفاقات، بل عليهم أن يبدأوا الاستفاقة والعمل باحترافية واضحة قادرة على إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، فإن الإخفاق لا يعني أنك لم تحقق شيئا، لكنه يعني على الأقل أنك تعلمت أشياء، يجب الاستفادة منها.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 2637 - الثلثاء 24 نوفمبر 2009م الموافق 07 ذي الحجة 1430هـ