العدد 2636 - الإثنين 23 نوفمبر 2009م الموافق 06 ذي الحجة 1430هـ

مؤتمر الصناعيين «12» أمام مرحلة التعافي الاقتصادي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في نبرة يسودها الكثير من التفاؤل توقعت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية «أن تسترد مناطق العالم كافة عافيتها الاقتصادية وأن تستأنف النمو خلال السنة المقبلة، وأن عددا من أغنى أعضائها الثلاثين كالولايات المتحدة وبريطانيا قد تتضاعف نسبة النمو المتوقعة لديها، بحيث ترتفع من 0.7 في المئة إلى 1.9 في المئة».

مثل التوقعات المتفائلة تستمد صدقيتها وقابليتها للتنفيذ من نسب نموها المتواضعة، التي لا تتجاوز 2 في المئة، وهي نسب متدنية عندما تقاس بمعدلات النمو الاعتيادية التي عادة ما تتراوح بين 5 و7 في المئة، وترتفع في حالات استثنائية كي تصل إلى 9 في المئة، في الاقتصادات السليمة.

ينسجم مع هذه النظرة التفاؤلية الواقعية، ويعززها، أداء الأسواق الكثير من بلدان الاقتصادات المتقدمة، وتوقعات المسؤولين فيها، من أمثال الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي يرى، هو الآخر، احتمال استمرار نمو الاقتصاد الاميركي خلال الربع الاخير من العام 2009، وعودته «إلى النمو الايجابي»، الذي بلغت نسبته بين يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول 2009 وفقا للإحصاءات الرسمية الأميركية «إلى 3.5 في المئة».

كذلك الأمر بالنسبة للاقتصاد الياباني الذي أشارت الإحصائيات الرسمية هناك إلى «أن الاقتصاد الياباني قد حقق نموا للفصل الثاني على التوالي، بنسبة ناهزت 1.2 في المئة، أي بوتيرة أسرع مما توقعه المحللون الاقتصاديون».

ولا يشذ عن ذلك حتى الاقتصاد البريطاني الذي تراجع فيه «الناتج المحلي الاجمالي بشكل متواصل لأكثر من عام ونصف»، وهو ما يعتبر أطول ركود منذ الحرب العالمية الثانية، لكن توقعات مكتب الاحصاء القومي هناك تشير إلى احتمالات نمو قد تصل «نسبته إلى 0.2 في المئة خلال الربع الثالث من العام 2009»، ما يعني انتقاله من الحالة السلبية إلى المرحلة الإيجابية، فيما يتعلق بمعدلات النمو.

ولايختلف الأمر عنه في الدول النامية، بما فيها الأسواق الإفريقية، حسبما ترى صورتها مدير إدارة افريقيا في صندوق النقد الدولي أنطوانيت سايح، أيضا في «بدء افريقيا في التعافي السريع من الركود العالمي». وترى السايح، أنه رغم تضرر إفريقيا «أكثر من المتوقع من الأزمة العالمية، لكن اقتصاديات افريقيا جنوب الصحراء، ستعاود النمو بحلول العام 2010 طالما استمر الوضع الاقتصادي في اوروبا والولايات المتحدة في التعافي».

وتنظم إلى قافلة الاقتصادات المتعافية بلدان الأسواق الناشئة التي ربما تعرف معدلات نمو أعلى من سواها. ففي دولة مثل الصين، تذهب التوقعات إلى نسب تصل إلى نحو 8 في المئة، كما جاء في تصريحات كبير الاقتصاديين في مكتب الاحصاء الوطني، ياو جينجيوان، رغم تحذيره الواضح من «أن التعافي الاقتصادي الصيني لا يزال غير مستقر، وان هناك الكثير من الشكوك». لكن الصين تحقق اليوم، وفي معمعان الأزمة العالمية، نسبة نمو يبلغ معدلها 7 في المئة منذ مطلع العام 2009. ولا يختلف الاقتصاد الهندي، الذي حافظ على استقرار نموه لأربع سنوات متوالية قبل انفجار الأزمة المالية الحالية في مطلع هذا القرن، عن نظيره الصيني. ويبني الخبراء هذه الحالة الصحية لبأس ينعم به الاقتصاد الهندي، الذي حقق نسبة نمو شارفت على 9 في المئة، على أساسات انطلاق ذلك النمو، ومن بينها الفرق بين حجمي الاقتصادين، فبينما يربو الصيني على 4.2 تريليون دولار، لا يتجاوز الهندي 1.2 ترليبون دولار. بشكل عام يتوقع خبراء في البنك الدولي أن يحقق «نمو اقتصادات جنوب آسيا التي تنتمي اليها الهند نسبا تفوق نمو الاقتصادات في شرق القارة الآسيوية خلال العام 2010».

ولابد لنا هنا من التنويه، وكما جاء في تقرير للبنك الدولي، أن «متوسط معدلات نمو اقتصادات الدول النامية انخفض من 8.1 في المائة في العام 2007 الى 5.9 في المائة في العام 2008 ويتوقع ان يتراجع الى 1.2 في المائة خلال العام 2009».

هذا التعافي النسبي في اقتصادات العالم، بشقيه المتقدم والنامي جراء ارتفاع غير طبيعي في سلعة واحدة تتمحور حولها تلك الاقتصادات، كما هو الحال في دول الخليج النفطية الغنية، وإنما من خلال وضع سياسات تكبح جماح معدلات التضخم مستوردا كان ام محليا، وخطط تقلص من نسب تفشي البطالة، بشكليها الملموس والمقنع، وبرامج تحصين عملاتها المحلية ضد التدهور في أسعار العملات الدولية، وفي مقدمتها الدولار.

لذا وكي نهيئ اقتصادات الدول الخليجية الغنية كي تكون قادرة على وقف تدهور تلك الاقتصادات، جراء تلقيها انعكسات الأزمة العالمية وتداعياتها، ومن ثم تشافيها لتتمكن من ولوج مرحلة التعافي العالمية المتوقع حدوثها العام المقبل، على المؤسسات الخليجية ذات العلاقة أن تبدأ، ونأمل أن الوقت لم يعد متأخرا بعض الشيء، في اتخاذ ما تراه مناسبا على هذا الصعيد، بما يشمل التوقف عند المفاصل الرئيسية في مكونات بناء وتطوير ذلك الاقتصاد، بدءا من تنويع مصادر الدخل، عوضا عن الاستمرار في الاعتماد على النفط بنسبة عالية، مرورا بمكافحة عوامل التضخم الثلاثي الذي يلتهم كل زيادة في الدخل، مصدرها الارتفاع في أسعار النفط، انتهاء بالتحكم في معدلات البطالة المرتفعة في بلداننا.

لكن من شارك في أعمال مؤتمر الصناعيين 12 الذي انطلقت أعماله في مدينة الدوحة صباح يوم الأحد الموافق 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، وحضر بعض جلسات العمل التي شارك فيها الخبراء، أو استمع إلى جزء من الكلمات الخطابية التي القاها المسؤولون، أو قرأ بتمعن ما بثته وسائل الإعلام المختلفة من وقائع ذلك اللقاء، وتمعن، في ضوء كل ذلك، في مداخل معالجة الأوضاع الاقتصادية التي تطرقوا لها، وعلى وجه الخصوص القطاع الصناعي منها، بوسعه أن يلمس بسهولة أنه بينما يبحث الاقتصاد العالمي عن مخارج فعالة من الأزمة ترتكز على أرضية الاقتصاد المستقبلي، ينظر الاقتصاد الخليجي نحو الخلف كي يستخدم أدوات ومفاهيم لم تعد قادرة على الفعل بكفاءة في ذلك الاقتصاد، الأمر الذي يجعل من إمكانية الاستفادة من ذلك التعافي مهمة تكاد تكون مستحيلة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2636 - الإثنين 23 نوفمبر 2009م الموافق 06 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً