دعت فعاليات وطنية إلى تحقيق السماح لمنظمات دولية استقلالية وحيادية لمراقبة الانتخابات النيابية في العام 2010، وذلك لتحقيق النزاهة في نتائج الانتخابات، ناهيك عن كونها فرصة للدولة لإثبات عدم تدخلها في العملية الانتخابية.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري: «بعيدا عن الدول التي تخلو من شكوك حول انتخاباتها، كأوروبا الغربية واليابان وكندا، فلا أحد يطلب مراقبتها، بل إن في بعضها تقوم وزارة الداخلية بتنظيم الانتخابات، وفي بريطانيا وفرنسا تقوم المجالس المحلية ووزارة الداخلية بتنظيمها، وبالتالي فإنه لا أحد من القوى السياسية المتنافسة يشكك في سير العملية الانتخابية».
وأضاف: «أما بشأن البلدان التي تقول عن نفسها إنها تنتقل إلى الديمقراطية، فإن هذه الدول لم تترسخ فيها استقلالية الانتخابات والتي تكون فيها السلطة مستقلة ومحايدة، كما لم تترسخ فيها تقاليد الوعي والتنافس الحر والشريف، وهذه تحتاج إلى مراقبة داخلية ودولية، باعتبار أن المراقبة الداخلية تخلق قوى وتقاليد وكادرا محليا ومعرفة بمراقبة الانتخابات والتأكد من نزاهتها والقدرة على اكتشاف أمور كثيرة لا يمكن للمراقب الخارجي أن يكتشفها».
وتابع: «الخبرة الدولية ضرورية لأنها عبارة عن خبرات متراكمة موجودة لدى أناس لديهم خبرات سابقة تسعى لتحقيق المستويات الدولية لنزاهة الانتخابات. ولذلك فإننا نرى أن بعض البلدان ليس لديها حرج من المراقبة الداخلية والخارجية لأنها محايدة نسبيا، واطلعنا عليها في بلدان عربية، كالمغرب ولبنان، كان الحضور العربي والمحلي والدولي فيها كثيف».
وأكد أنه بعد الانتخابات اللبنانية لم تحدث اعتراضات أساسية على نتائج الانتخابات، والأمر نفسه ينطبق على انتخابات المجالس المحلية في المغرب، معتبرا أن مراقبة الانتخابات تسهم في الحد من استغلال السلطة في تكييف نتائج الانتخابات.
ونوه بأهمية مراقبة الانتخابات من أجل التأكد من أن الأطراف المتنازعة تلتزم بقواعد سلوك معينة، وهو ما ينطبق على كل الأطراف المتنافسة، وأنه يسمح لأطراف المراقبة الخارجية بما لديها من خبرات أن تقدم نصائح وتوصيات للسلطات الرسمية لإجراءات معينة تضمن نزاهة وشفافية الانتخابات، لافتا إلى أن قانون الانتخابات الذي عدل قبل عامين في لبنان أدخل تعديلات تساعد في هذا الاتجاه.
كما أشار إلى ما قدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من خبرات في هذا المجال على صعيد التجارب العربية والدولية في المراقبة الوطنية والدولية، باعتبارها ضرورة لإضفاء صدقية على نزاهة الانتخابات وشفافيتها وحياديتها، وقال: «هذه المراقبة هدفها نزيه، والدليل أن الأمم المتحدة تتبعها وحدة خاصة لمساعدة البلدان على إجراء الانتخابات، كما أننا استفدنا محليا من خبرات الآخرين وذلك من خلال التدريب ومراقبة الانتخابات، وكان دعم المنظمات الدولية لنا مهم لنجاحنا».
وأشار العكري إلى أنه على رغم أن دولة الكويت لم تسمح بمراقبة دولية للانتخابات، إلا أن القضاة سمحوا بمراقبة ممثلين عن البحرين إلى جانب الكويتيين، آملا أن تسمح الكويت بمراقبة محلية ودولية في الانتخابات المقبلة.
وتطرق إلى مشروع الفريق العربي لمراقبة الانتخابات ويضم 50 مراقبا عربيا، الذي من المتوقع أن يتحول قريبا إلى منظمة، وتعهدت المنظمة العربية للديمقراطية بأن ترعاه ماديا ومعنويا.
أما رئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي فأكد ضرورة وجود رقابة محلية ودولية على الانتخابات البحرينية المقبلة، وأنه يجب عدم النظر إلى الرقابة الدولية باعتبارها تدخلا في الشئون الداخلية للبلاد.
وقال: «ما يحدث في بلدان كثيرة هو أن الدولة نفسها تقدم دعوة رسمية إلى منظمات ومؤسسات مرموقة لها باع طويل للرقابة على انتخاباتها، مثلما حدث في انتخابات المغرب. وبالتالي فإن هذه المراقبة الدولية تعطي صدقية وثقة أكبر في نتائج الانتخابات، ودليل على أن الدولة التي تجري الانتخابات لا تخفي شيئا وتستخدم الشفافية في جميع الإجراءات الانتخابية».
وتابع: «حين يخرج تقرير عن نزاهة العملية الانتخابية في دولة ما، فإنه يعطيها سمعة وثقة على المستوى الإقليمي والدولي، وبالتالي نتمنى أن تدعى منظمات دولية لمراقبة انتخابات 2010. وخصوصا أن الكثير من هذه المنظمات على استعداد لأن ترسل مبعوثيها لمراقبة الانتخابات في البلدان التي تعتبر العملية الانتخابية فيها أمر مستجد. وبدلا من أن تكتب هذه التقارير بشكل غير رسمي، نأمل أن تتم دعوة هذه المنظمات لكتابة مثل هذه التقارير بشكل علني. لأنه ليس لدى البحرين ما تخفيه».
ومن جهته ذكر نائب رئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عيسى الغائب أن وجود المراقبة الدولية في الانتخابات النيابية المقبلة يعطي صدقية أكبر في نتائج الانتخابات وتعطي دليلا على أنها نزيهة، وأن معظم الدول حاليا اعتادت على السماح للمنظمات غير الحكومية بمراقبة الانتخابات في بلادها، وخصوصا لتلك المنظمات التي تملك الكفاءة في مراقبة الانتخابات مثل الـ NDI ومعهد كارتر، ومنظمة «آيفيس» المتخصصة في نظم الانتخابات، والاتحاد الأوروبي الذي يحرص على المراقبة قبل وبعد الاقتراع ويوم إعلان النتائج وثم إصدار ملاحظات إلى الجهات المعنية.
وأشار إلى وجود عدة منظمات عربية لمراقبة الانتخابات في العالم العربي، ومن بينها اليمن والمغرب والكويت والأردن، وأصدرت تقارير تتضمن جميع الملاحظات المتعلقة بالخروقات والانتهاكات التي تحدث أثناء الحملات الانتخابية.
وأضاف أن «الهدف من مراقبة الانتخابات هو تحقيق الصدقية والشفافية وعدم التدخل الحكومي في الانتخابات، وذلك من خلال مراقبة الصناديق والبطاقات المعدة للاقتراع، وبطاقات وكشوفات الناخبين، وتزداد الحاجة لمراقبة الانتخابات، وخصوصا أن غالبية الدول العربية لا تخلو من العملية الانتخابية».
ومن جانبه، اعتبر أمين سر جمعية العمل الإسلامي (أمل) رضوان الموسوي أن مراقبة الانتخابات تعزيز للشفافية في الانتخابات وترسيخ حالة من الديمقراطية، منوها في الإطار ذاته بأهمية تحقيق هذه المراقبة على الانتخابات النيابية المقبلة في البحرين، وخصوصا في ظل التحفظات الواسعة على المراكز العامة والتصويت الإلكتروني في حال تطبيقه، ناهيك عن توزيع الدوائر بشكل يفتقر إلى العدالة، على حد تعبيره.
وقال: «هذه الأمور الثلاثة تحتم على البحرين إذا كانت تعتقد بشفافية الانتخابات أن تقبل بالرقابة على عمليات الانتخاب فيها، فمراقبة الانتخابات ضرورية ومهمة في ظل وجود هذه المعوقات الثلاث، وخصوصا مع وجود الكثير من التجاوزات من خلال المراكز العامة وتوزيع الدوائر».
وتابع: « من خلال اطلاعنا على تجربتي انتخابات الأردن والكويت، يتبين أنها تتميز بالشفافية والنزاهة بما يخدم العملية الانتخابية فيها، إذ كانت وسائل العملية الانتخابية تجري بشكل أكثر شفافية ووضوحا، والناخب والمرشح لديهما فرصة أفضل في الاطلاع على المعلومات، بينما إذا كان جل المعلومات التي يحتاجها المرشح والناخب غير متاحة له فكيف يمكن له أن يطمئن إلى أن هذه الانتخابات لم تُزور، ولا أدل على ذلك من المراكز العامة التي لعبت دورا مهما جدا في سقوط شخصيات مهمة وطنية في الانتخابات السابقة»
العدد 2635 - الأحد 22 نوفمبر 2009م الموافق 05 ذي الحجة 1430هـ