الوسط - حسن المدحوب
على رغم التفاؤل الذي توضحه الأرقام والإحصاءات التي عرضها نائب رئيس كتلة الوفاق النيابية خليل المرزوق خلال حديثه لـ «الوسط» بشأن أداء كتله خلال الأدوار الثلاثة الماضية بدءا من العام 2006، إلا أن كثيرا من التحديات والمعوقات لاتزال تلف عنق «الوفاق» من مختلف الاتجاهات.
فعلى رغم أن حلفائها في «التحالف السداسي» يعتبرون أداء حليفتهم هو الأبرز برلمانيا إلا أنهم لايزالون يصفون الأداء البرلماني للنواب الحاليين بـ «الهزيل» أحيانا و «الطائفي» في أحايين أخرى، وقد تكون «الوفاق» بريئة من اتهاماتهم التي يوجهونها في العديد من المناسبات، إلا أنهم يسوقون لها اتهامات أخرى تتعلق بانفرادها بتمثيل المعارضة في البرلمان، وعدم تنسيقها معهم في حراكها داخل مجلس النواب.
الكتل الأخرى على رغم حالة التناغم التي تبديها مع «الوفاق» في الملفات الخدمية إلا أنها تصطف في قبالها في الجانب الرقابي والملفات الكبرى كالتعديلات الدستورية الرئيسية والاستجوابات.
رقابيا «الوفاق» متقدمة على الكتل الأخرى في الاستجوابات، إذ قدمت خلال سنوات مشاركتها الثلاث استجوابين الأول كان للوزير الشيخ أحمد عطية الله آل خليفة، ووزير الصحة فيصل الحمر، غير أنها لم تتمكن في حسم الأمور لصالحها في إدانتهما.
نيابيا أيضا لاتزال الوفاق غير قادرة على طرق الملفات الكبرى كالتعديلات الدستورية الكبرى والتجنيس والدوائر الانتخابية، فعلى رغم محاولاتها للتحرك في ملفات عدة منها إلا أن تركيبة (17 / 22) تحسم الأمور لغير ما تشاء دائما.
وفي توصيفه لأداء الوفاق قال نائب رئيس كتلة الوفاق وناطقها الرسمي النائب خليل المرزوق لـ «الوسط»: «إن حراك الوفاق لا يتم بعنوان جمعية الوفاق ولا كتلتها ولا لمكاسب لهذه الجمعية ولا لهذا التيار ولا لهذه الطائفة، وليس محدودا بمحور وغير مقصور على مرحلة معينة، وإنما الحراك الذي تقوم به ينصب لحاضر هذا الوطن ومستقبله، ومن يدعي خلاف ذلك فعليه أن يثبت بالمواقف وعليه أن يحدد من كان يمارس الطائفية ومن كرسها».
وأضاف «ما يؤكد أن حراكنا هو حراك للوطن هو أن الوفاق قدمت برنامج دولة المواطنة والتنمية، وكل حراكها السياسي جاء تحت عناوين اقتصادية وحقوقية وسياسية شاملة، وكلها كانت تسعى لأن تصبح دولة البحرين دولة مواطنة وتنمية».
وتابع «في كل دور انعقاد كان لنا تركيز في ملفات مختلفة وبأولويات مختلفة، وقد جاء دور الانعقاد الثالث بتركيز أعمق، وعينّا ست أولويات فيه أعلناها سابقا، وسنستمر في حراكنا فيها الدور الحالي فيما عدا ملف إقرار الموازنة بحكم انتهاء المجلس منها الدور الماضي».
وأردف «توضح الإحصاءات أن 511 أداة برلمانية استخدمتها الوفاق في الأداء البرلماني من دون الأداء السياسي، وكيف تنوع هذا الحراك».
ولفت المرزوق إلى أن الإحصاءات أوضحت أن الوفاق استخدمت 123 أداة برلمانية في دور الانعقاد الأول، و14 أداة برلمانية مشتركة مع النواب الآخرين، من مجموع 318 أداة استخدمت من قبل مجلس النواب، لتصبح نسبة أدوات الوفاق من مجمل الأدوات المستخدمة 43 في المئة.
أما في دور الانعقاد الثاني، فأشار إلى أن الإحصاءات أوضحت أن الوفاق استخدمت 198 أداة برلمانية، و38 أداة مشتركة مع نواب آخرين، من مجموع 461 أداة مستخدمة في مجلس النواب خلال الدور الثاني، لتصبح نسبة الأدوات المستخدمة من الوفاق إلى مجمل الأدوات 51 في المئة.
أما دور الانعقاد الثالث، فاستخدمت فيه الوفاق 130 أداة برلمانية مع 42 أداة كانت شريكة مع بقية النواب فيها.
وواصل «على البعد التشريعي قدمت الوفاق 57 مقترحا بقانون طوال الثلاثة أدوار الانعقاد الماضية، و28 منها استطاعت الوفاق على رغم تركيبة المجلس وعلى رغم تعقيدات اللائحة الداخلية وعلى رغم التعقيدات الدستورية، تمريرها من المجلس النيابي».
وتابع «لقد أحيل للمجلس أكثر من 210 مشروعات بقانون، وتمت مناقشة وإقرار أكثر من 150مشروعا بقانون وأحيلت للشورى، وتم الانتهاء من أكثر من 30 مشروعا بقانون لم يدرجوا في جدول أعمال المجلس، وهناك مشاريع بقوانين لم تدرج في الجلسات لأن دور الانعقاد انتهى».
وأضاف «أقول لأي أحد يناقش أداء الوفاق ورؤاها لابد أن يقدم مدلولات علمية، فهناك الكثير من القوانين التي عملت لها الوفاق، مثل قانون النقابات المهنية الذي نقلته الوفاق من مجرد نقابات بناء على اقتراح من الشورى، وقد أشادت الجمعيات المهنية الكبرى بالرؤى التي قدمتها الوفاق، وكذلك قانون الصحافة».
وأكمل «مجموعة كبيرة من الرؤى القانونية التي قدمتها الوفاق على مستوى المشاريع بقوانين، وحراك الوفاق ليس في المقترحات بقوانين فقط، ولكنها ذهبت حتى لمعالجة مشروعات بقوانين التي قدمت من الحكومة، وساهمت فيها الوفاق مساهمات كبيرة».
وتابع «من يقول إن أداء الوفاق في الموازنة والتعاطي معها كان ضعيفا، نقول له من أعطى الحكومة مساحة بأن تأتي بالموازنة بصفة الاستعجال هم نواب 2002 وليس نواب 2006».
وقال: «أيضا افتقدنا في موازنة 2009 - 2010 أية ملاحظات من مجلس الشورى، بل إنه انقاد لمطالب النواب، وهذا أداء يعني أن نواب الوفاق في معالجتهم للموازنة، واللجنة المالية، كان أداؤهم القيادي أفضل لأنهم قادوا الشورى وقادوا الحكومة بأن يقبلوا بمطالبهم في هذا الاتجاه، على رغم أن الحكومة كانت تريد أن تنجح نواب 2002 وتساعدهم بكل ما تستطيع، وكانت تتعنت مع نواب 2006 وتحديدا اللجنة المالية في موضوع الموازنة».
وفي رده على ما يقال عن غياب تحرك جدي لإجراء تعديلات دستورية واسعة، قال: «الدستور العقدي مهم، ومطلب استراتيجي بالنسبة لنا ولا تنازل عنه، ولكن ما فائدته إذا لم أستطع حماية المال العام، وهل أتنازل عن حماية المال العام إذا لم أحصل على الدستور العقدي وأنا أسعى للحصول عليه».
وتساءل «لماذا يبخس حراك للحفاظ على مليارات من المال العام في المدينة الشمالية مثلا، في أملاك وعقارات الدولة، في الدفان وشفط الرمال، في مدلولات السياسية في رفض الحساب الختامي وهدر المال العام في موازنات الدولة، في الحفاظ على فشتي الجارم والعظم، وأمور أخرى».
وذكر أيضا أن الوفاق عالجت البعد الخدماتي والتعليمي، والأمني، وحل موضوع الجنسية، والتشريعات، وكان لها حراك داخلي وخارجي، والحراك الخارجي كان بعنوان أن لنا رؤية نقول أن هناك ممارسات خاطئة والحكومة تدفع مئات الملايين على شركات دعائية لكي تقول إن الواقع في البحرين هو أنموذج الديمقراطية وأنموذج الحريات، ونحن نقول إن هناك ممارسات خاطئة.
وفي الملف الإسكاني تساءل «من يقود الملف الإسكاني غير لجنة المرافق التي ترأسها الوفاق؟ وهناك مشاركة من النواب الآخرين وهناك مداخلة من النواب الآخرين، ولكن قيادة المرافق التي تحولت من لجنة فاعلة وسيادية في 2006».
وواصل «تقدمنا كذلك بالكثير من الأسئلة النيابية بخصوص التمييز، وسيستفاد مما كشفت عنه الأجوبة أن هناك خللا ممنهجا ومأسسة للتمييز في الأجهزة التي يفترض بها أن تكون حيادية، مثل ديوان الخدمة المدنية ومعهد الإدارة العامة، ودائرة الرقابة التي أنشئت مؤخرا، وبدل أن تساهم هذه المؤسسات في تحسين وضع تكافؤ الفرص للأسف لا نجد ولا كلمة شفافية لدى هذه الأجهزة».
وأضاف «لم نتقدم بأي سؤال أو تشريع أو لجنة يختص بطائفة واحدة، وإنما قدمنا كل الأدوات النيابية تحت عنوان المواطنة، وأي مواطن له الحق في معرفة وجود وظيفة عامة لذلك نطالب بالشفافية، وله الحق أن يتنافس وأن يعرف من تقدم عليه، وكل ذلك كرسه الدستور من خلال أكثر من مادة. كل هذا العنوان كان حراك الوفاق في هذا الاتجاه».
وشدد على أن مشاركة الوفاق كانت جادة ومخلصة في كل ما تحركت به، وخصوصا في دور الانعقاد الثالث بعد توليها لجنة التنسيق بين الكتل، واستطاعت توحيد الموافق في أكثر من محطة في الموازنة والحساب الختامي وقانون الأحوال الشخصية، ومداخلات اللجان. وفعلت الدور الحقيقي للنائب سواء على المستوى المحلي أو الخارجي.
وأشار إلى أن الوفاق على رغم مشاركتها هي على علم بكل التعقيدات وكان المتوقع بأن كل ما ستقدمه الوفاق سيسقط وسيرفض، ولكن الوفاق استطاعت أن توجد فرصا لإنجاح جزء كبير من برنامجها، وكل التحديات تجاوزتها الوفاق وقدمت حراكا تفتخر وتعتز به وهو حراك متميز تشيد به المنظمات والمعاهد الدولية والأحزاب العربية والعالمية.
وأضاف «الوفاق قادت رفض الحساب الختامي، وقادت الوفاق التوافق مع الكتل وحتى مع القيادة السياسية حول قانون الأحوال الأسرية، إذا هناك حراك قوي من الوفاق خلقته من العدم على رغم المعوقات والمعوقات».
ورفض المرزوق اعتبار دور الانعقاد الرابع دور مزايدات انتخابية واصفا إياه بدور الحصاد، إذ إن هناك مجموعة من المقترحات بقوانين، ومجموعة من المقترحات برغبة، ومجموعة من القضايا الملحة للمواطنين ومجموعة للمشاريع بقوانين لإكمالها، وذلك كله سيستنزف الجهد الأكبر للوفاق في هذا الجانب، وأيضا تفعيل ومزيد من الدور الرقابي والمتابعة الرقابية.
وختم بالقول: «استعدادنا للفصل التشريعي الثالث سيكون تحت هذا العنوان من خلال رؤيتنا التي قدمناها بعنوان «دولة المواطنة والتنمية»، وهي ليست رؤية ليست ليوم أو شهر أو سنة»، مستدركا «برنامجنا سيعاد صياغته وفق ما قدمناه وأنجزناه، وبما يمكن أن يحدد أولويات مختلفة في هذا الدور، وعندما تقرر الوفاق أن تقاطع ستتخذ هذا القرار، ولكن الآن نتحدث بعنوان أننا مستمرون بالمشاركة، ولا نستبعد أن تأتي ظروف تجعل من الوفاق أن تأخذ بقرار المقاطعة، والآن أتحدث ليس بقطعية المشاركة ولكن في حال المشاركة سيكون هذا برنامجنا المستمر»
العدد 2635 - الأحد 22 نوفمبر 2009م الموافق 05 ذي الحجة 1430هـ