يستنفر النواب كل طاقاتهم وقواهم في الدور الأخير من كل فصل تشريعي، وخصوصا أولئك الذين يبيتون النية للعودة إلى مقاعدهم البرلمانية من جديد، من خلال استئناف الترشح في الانتخابات، ويحاولون ما أمكنهم ذلك استثمار ما تبقى لهم من أيام للفت انتباه الناخبين في مداخلاتهم واقتراحاتهم وحتى في تصريحاتهم للصحافة لاعتقادهم بأنها تقربهم إلى ناخبيهم زلفى.
لا عيب في استدعاء النواب لمجمل طاقاتهم في الأيام الأواخر من الفصل التشريعي، واستثمارها للفت انتباه ناخبيهم، فهو أمر مشروع لأنهم مُقبلون على معركة انتخابية يحق لهم التعبئة لها، ولكن في الوقت الذي لا نسلب من النواب هذا الحق، يجب أيضا أن لا نسلب من الناخبين فحص الدعايات الانتخابية وتقليبها ذات اليمين وذات الشمال، والتمييز بين الغث والسمين فيها.
بعد مرور دورتين انتخابيتين، والاستعداد للدورة الثالثة يتعيَّن على من ينوي الذهاب إلى صناديق الاقتراع منتخبا، أن لا يخجل من مناقشة ممثله مناقشة عسيرة، وليس مجازفته مجازفة يسيرة، ولا ريب في أن السنوات الثماني الماضية أكسبت الناخبين وعيا بالعمل البرلماني، وبما هو ممكن وغير ممكن، وبالتأكيد فإن هذا الوعي سيجعلهم يميزون بين بيع الكلام وبيع الفعل، وبين الوعود الواقعية والوعود التي لا تتحقق حتى في آخر الزمان!
الخيم الانتخابية يجب أن لا تسخن بالغوزي فقط، وإنما يجب أن تسخن بتحقيق دقيق وحساب عسير مع المرشحين، ويجب أن يُساءلون عن كل صغيرة وكبيرة في برامجهم الانتخابية السابقة ثم اللاحقة، وعن الانجازات التي حققوها، وعن المواقف التي اتخذوها، وعن القوانين التي شرعوها، فإذا كان الوزراء مسئولون أمام النواب، فإن النواب مسئولون أمام الشعب، وإلا فلن نرى في المجلس غير المتردية والنطيحة وما أكل السبع!
في الدول الديمقراطية يقف المرشح أمام ناخبيه كمتهم في قفص الاتهام، وتنهال عليه الأسئلة بعدد حبات الرمل، ويا ويله من سواد ليله لو انزلق لسانه في كلمة ما، أو أساء التعبير عن فكرة ما، هذا فضلا عن استجوابه في برنامجه الانتخابي، وأعلم أن البحرين تحتاج إلى سنوات ليصل فيها المرشح إلى البرلمان بعد مخاض عسير، ولكن هذا لا يمنع أن يمطر الناخبون مرشحيهم بوابل من الأسئلة حتى يعمل النائب وفي ذهنه أن ناخبيه على قدر من الوعي، وعليه أن يكون على قدر من المسئولية
اقرأ الملحق السياسي ( اضغط هنا )
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 2635 - الأحد 22 نوفمبر 2009م الموافق 05 ذي الحجة 1430هـ