بادئ ذي بدء، أود أن أشير إلى ملاحظات ثلاث، أولها: انني لا أفهم في الكرة ولست من هواتها، وثانيها: انني مصري الجنسية جزائري الهوى فقد كان أول بحث أعددته أثناء دراستي الجامعية عن ثورة الجزائر، وثالثها: انني عشت ولاأزال أؤمن بمفهوم العروبة ودورها وأهميتها على رغم ما عليها من مآخذ وما قدمته من انجازات محدودة وما عانت منه مصر بوجه خاص من انتمائها العربي وتضحياتها من أجل العروبة.
في هذا الإطار العام الفكري كمواطن عربي أنظر إلى التداعيات التي حدثت بعد المباريات الثلاث بين مصر والجزائر في مدن الجزائر ثم القاهرة ثم الخرطوم. وأقدم مجموعة من الملاحظات في هذا الصدد:
الأولى: في منتصف ليلة 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، وأثناء عودتي من مهمة في الهند استوقفني اثنان من موظفي جوازات مطار البحرين بعد فحص جوازي الدبلوماسي المصري، وسألوني: ما هذه الضجة بين مصر والجزائر؟ ومتى ستنتهي؟ ولماذا تصرف الجزائريون وهم قد فازوا في جولة الخرطوم على نحو غير لائق ولا يتسم بروح الأخوة والعروبة؟ فقلت لهم إنني لا أفهم في الكرة، ولا أستطيع الإجابة عن سؤالهم ويمكن أن يتوجهوا به إلى الإخوة في الجزائر.
الثانية: أثناء مشاركتي في مؤتمر بالهند كان به عدد من الإخوة الباحثين من عدة دول عربية، وعلق باحث يمني درس في الجزائر، وقال لي إنه درس في الجزائر ويحبها كثيرا عن أية دولة عربية أخرى، وأنه كان يتمنى قبل المباراة بأن تفوز الجزائر على مصر، وأنه سعيد بفوزها بعد ذلك، واستطرد بأن السبب في تمنياته بفوز الجزائر أنه كان يدرك تداعيات ردود فعل الجزائريين لو كانوا انهزموا، لكنهم ها هم يتصرفون بعنف ضد المصريين حتى مع فوزهم. وهذه هي طبيعة الشخصية الجزائرية التي تتسم بالعنف فلم أعلق على قوله ونقلت الحديث إلى مجال آخر قائلا له إنني كدارس لتجربة حركة التحرر الجزائري منذ نشأتها العام 1954، بوجه خاص وعلاقاتها مع القاهرة وتونس والمغرب ومساندة مصر لها وهي مساندة معروفة للقاصي والداني ولذلك فإنني لا أفرق بين فوز الجزائر أو فوز مصر، لكن ألوم بعض الإعلام والرياضيين وربما بعض السياسيين أيضا على التصعيد قبل المباراة. وإنه لفت نظري تخصيص الإخوة في الجزائر عشرات الطائرات الحربية لنقل المشجعين من الجزائر إلى الخرطوم، وكأن المعركة قد بدأت بين العرب و «إسرائيل».
واستذكرت في نفسي موقف الإخوة في الجزائر من هزيمة العام 1967، ومعاملتهم للمصريين آنذاك، وتوجيههم وابلا من الشتائم البذيئة بحق مصر والمصريين كما استذكرت في نفسي موقف الإخوة في الجزائر أثناء حرب 1973، عندما ذهب الرئيس الجزائري الأسبق إلى موسكو لعقد صفقة طائرات لمساندة مصر في الحرب ضد «إسرائيل» ولكنه قام بإلغاء الصفقة عندما توقف القتال.
كما استذكرت إرسال القيادة الليبية بعض طائرات حربية لمصر عند اندلاع حرب 1973، ثم سحبها بعد أيام قلائل دون المشاركة في أي قتال عندما أعلن وقف إطلاق النار وهذه معلومات وحقائق معروفة اترك تفسيرها لذوي العقول الرشيدة.
الثالثة: ثمة قصر نظر لدى بعض الإعلاميين وبعض السياسيين أدى إلى تعبئة الشعبين في الجزائر ومصر وكأن الأمر ليس مباراة رياضية وإنما معركة عسكرية فاصلة بين العرب و «إسرائيل»، وإن الحاجة ماسة إلى إعادة الرشد للعقول غير السليمة التي لا تفرق بين الرياضة وما فيها من كسب اليوم وخسارة في الغد، أو العكس، وبين الحرب التي تحدد مصائر الدول والشعوب وأقدارها.
الرابعة: أهيب بالعقلاء من السياسيين والمثقفين ورجال الإعلام والرياضة لسحب البساط من تحت أقدام دعاة الفتنة والإساءة لعلاقات البلدين وتعميق سوء التفاهم الذي حدث بين الشعبين نتيجة التناول الإعلامي والسياسي الخاطئ للحدث.
الخامسة: ان نموذج التوتر الجزائري المصري بشأن قضية تعد من توافه القضايا، على رغم بريق وجاذبية الفاتنة البيضاء المستديرة، ولكنها تظل قضية مسابقة رياضية من المفترض أن تقرب بين الشعوب، ولا ننسى أن أول مباراة في البنج بنج هي التي فتحت العلاقات بين الصين والولايات المتحدة في سبعينيات القرن. كما لا يمكن أن ننسى أن التأهيل للمونديال في جنوب إفريقيا لا يعكس أهمية الدولة أيا كانت تلك الدولة ولا ثقلها ولا ينال من هيبتها، وإنما هو تعبير عن مباراة يفوز فيها فريق ويخسر آخر لاعتبارات وقتية.
ويكفى أن نشير إلى أن دولا كبيرة ومهمة على الساحة الدولية في قارات مختلفة لم تتأهل لتمثيل قاراتها أو مناطقها الإقليمية في المونديال، واخص بالذكر بعض تلك الدول التي لم تتأهل لذلك، ففي آسيا لم تتأهل دول مثل الصين أو الهند أو إندونيسيا أو السعودية بينما تأهلت اليابان وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية. وفي إفريقيا لم تتأهل إثيوبيا أو السنغال أو غانا، وفي أميركا الجنوبية لم تتأهل فنزويلا بينما تأهلت أورغواي ودول أخرى، وفي أميركا الشمالية لم تتأهل كندا بينما تأهلت هندوراس.
وهكذا، فالرياضة لها قواعدها وأدوارها وليست مقياسا على قوة دولة أو ضعفها أو على مكانتها الخارجية والدولية أو عدمه. إن الرياضة تظل رياضة ولابد أن يؤخذ النصر والهزيمة بروح رياضية، وحقا قال العرب القدماء إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، ولكن للأسف العرب المحدثون يرون في كل صغيرة وكبيرة اختلافات جمة وعميقة، ولا ندري متى سيفوقون من تقديراتهم ورؤاهم الخاطئة ويعيدون التفكير في مصيرهم ومستقبلهم برؤية استراتيجية.
السادسة: كم أتمنى أن ينظر العرب الساسة والشعوب والنخب المفكرة في عالمنا العربي إلى أن السباق العالمي الحقيقي هو بين العلم والتكنولوجيا، وبين الإضافات والإبداعات الفكرية فهي التي تحقق التقدم والمكانة للشعوب، أما الشعوب التي تفكر بأرجلها بدلا من التفكير بعقولها وإنجازاتها العملية فهي شعوب لا تعرف أولوياتها وتفضل الهامشي على الجوهري في الحياة وستكون شعوبا بائسة بلاشك. ومصيرها إلى التهميش حتى لو فازت في مسابقة المونديال والأولمبياد.
السابعة: ألمس حساسية كبيرة لدى بعض دول الشمال الإفريقي تجاه مصر، بل ولدى بعض الدول العربية بوجه عام، والحقيقة انني لا أعرف سببا منطقيا لذلك أو تفسيرا عقلانيا له على رغم ما قدمته مصر من تضحيات لإخوة اشقاء تعتبرها واجبا مقدسا عليها، ولعل بعض النخب العربية المثقفة والواعية وبعض النخب السياسية المستنيرة في العالم العربي تعيد النظر في مواقفها من مثل هذه الحالة أو هذا الموقف وتصحيح تقديرها للأمور وللسياسيات والتصرفات بما في ذلك النخب المثقفة والسياسية في مصر أيضا، لعلنا نخرج جميعا كعرب من الأفق الضيق والتردي الراهن في علاقاتنا والذي يقدم أحسن هدية لأعداء امتنا العربية.
إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"العدد 2635 - الأحد 22 نوفمبر 2009م الموافق 05 ذي الحجة 1430هـ
لماذا
لماذا يا اخي تحلل هذه القضية على اساس انك مصري يجب ان تقراها على اساس انك محايد/ لماذا تظن ان المغاربة يكرهونكم / لماذا تتكلم عما فعله الجزائريون و تتناسى ما فعلتموه
مصر قحبة
شحات والو لانه حمار اربح زبي يا مصري نانسي عجرم قحبة ماعياو الجزائريين نيكو فيها اربح زبي يا شحات
123
viva
l'lgerie
سعدان زهانا
شاوشي
عنتر يحيى فرحنا
شلغوم العيد
الاسم . يوداس
rahmouni1994@hotmail.com
لمذا لم تلوموا أهل مصر فهم الذين بدؤو .........؟
لماذا لم نفعل لهم ما فعلوه بنا في القاهرة.....؟
عدة أسئلة يجب أن تطرح ويجيب عليها
الجزائر اخت مصر ومصر اخت الجزائر
شهيد على صدر سيناء يبكى ...........ويدعو شهيدا بقلب الجزائر
سيبقى اخى رغم هذا الصراخ.......... يلملم فى الليل وجهى المهاجر
عدوى... عدوى فلا تخدعونى......بوجه تخفى بمليون ساتر
فخلف الحدود عدو ليئم........اذا ما غفونا تطل الخناجر
فلا تتركوا فتنه العابثين ......... تشوه عمرا نقى الضمائر
ولا تغرسوا فى قلوب الصغار ....... خرابا وخوفا لتعمى البصائر
انا من سنين احب الجزائر ...... ترابا وارضا .. وشعبا يغام
ازمة "عقلية"2
وهذه اللغة في تصوري هي ما تثير بعض الحساسيات, ولاحظ اخي الكاتب العزيز كم مرة كررت في مقالك "تضحيات مصر من اجل العروبة"!
تصور انه في احدى الفضائيات المصرية يصرخ المذيع وبكل تبجح (احنا اللي سويناكم رجالة) - يقصد بذلك الجزائريين! لا شك انها لغة هابطة لا تليق حتى بصبية الشوارع!
ازمة عقلية!
تعرف يا كاتبينا العزيز انني لم أقرأ مقالاً حيادياً محترماً بواسطة كاتب مصري منذ المباراة - الفتنة - بين الطرفين, ولذا اجبرني مقالك على التعقيب
الملاحظ ان المصريين بشكل عام دائما ما يستذكرون "تضحياتهم" من اجل العروبة وكأنها "منة" على الدول العربية في حين ان كل الدول العربية كانت لها مساهمات مع بعضها البعض بطريقة او بأخرى, ومصر الحبيبة ليست استثناءاً
دليل التقدم
صدق أو لاتصدق .. الكرة دليل على التقدم و على حساس الإنسان بحريته و دليل على الحرية في البلد .. من لا يتذكر مونديال ايطاليا 1990 و تأهل مصر و لكن الخطة العقيمة للفريق المصري دليل على ضعف داخلي و خطة 1-10-0. حتى ايران التي لم يذكرها الكاتب فالمشاكل الداخلية أثرت على الاعبين حتى المحترفين منهم.. كنت اتمنى فوز المنتخب المصري لكن دخول السياسة في الرياضة يبدوا انه أثر على الاعبيين .. يعني بدل حل المشاكل الإقتصادية و السياسية أبناء و إخوان الرؤساء قاعدين في المنصة