1 - الغرفة : انقشعت غيوم معركة انتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين 2009، وفازت «القائمة الاقتصادية»، وعقد مجلس الإدارة المنتخب أول اجتماعاته لتوزيع المناصب.
فرحتنا بما آلت إليه الأمور لا تزال تغشوها سحابة كئيبة تسيرها ذيول منافسات تلك الانتخابات وتداعياتها. وتسيطر على ذاكرة من شاركوا في تلك الانتخابات، من مرشحين ومنتخبين مسألة واحدة فقط هي بطاقات «التخويل»، أو ما عرف باسم «التوكيلات»، حيث يقوم أحد المرشحين، أو إحدى الكتل المتنافسة، بشراء ذمم وضمائر من يملكون سجلات تجارية، إذ يمتلك كل صاحب سجل صوتا واحدا في تلك العملية الانتخابية.
الهموم التي تثيرها مسألة «التوكيلات» هي انحراف المنافسة عن خطها السياسي أو المهني، إلى منحى آخر من الصعب إطلاق أية صفة تنافسية عليه.
أكثر من ذلك، إن أجواء الانتخابات قد انقضت اليوم، لكن أشد ما يخشاه المواطن هو أن ينسى مجلس الإدارة الجديد، وهو في خضم أفراحه بالنصر، وانشغالاته ببرامجه القادمة، السلبيات التي ولدتها ظاهرة «التوكيلات» تلك. لذا فالجميع يتوقع من المجلس الجديد عدم الخلود إلى النوم على هذه القضية أو نسيانها كي لا تتكرر في الانتخابات القادمة بعد أربع سنوات، يعزز من إيمانهم في قيام المجلس بذلك، ثقتهم في المجلس، ويرشدهم على هذه الطريق قانون الشركات الذي لا يسمح لأي من أعضاء إدارة شركة ما، حمل «توكيل» من ملكة الأسهم في أي اجتماع للجمعية العمومية يرد على جدول أعماله بند انتخابات لمجلس الإدارة، كما لا يحق لأحد أن يمتلك تخويلا يتجاوز 5 في المئة من عدد المساهمين في اجتماعات مماثلة.
لسنا من بين أولئك الذين يؤمنون بنظرية «المؤامرة»، لكن من يتابع سير انتخابات الغرفة، لا يستطيع إلا أن تراوده بعض الهواجس «المؤامراتية» التي تنفث بعض الروائح التي تشير بأصابع الاتهام نحو جهات محددة لها مصالح مباشرة، وربما غير مباشرة في وصول انتخابات الغرفة إلى ما وصلت إليه. ولربما آن الأوان كي يعيد التجار البحرينيون النظر في أوضاع غرفتهم كي يعيدوا ترتيب بيتهم من الداخل، ويقطعوا دابر الأيادي التي تحاول أن تمتد كي تهدمه، فهناك أكثر من طريقة لهد المعبد على أصحابه، وأحيانا كثيرة بأيدي أصحاب البيت أنفسهم، ما لم يكونوا على درجة عالية من الوعي تحصنهم ضد «مؤامرات» تلك الجهات.
2 - المقاييس
الهم المُلح الثاني هو ما نراه بين الحين والآخر بصدور قرار تشكيل مجلس هنا أو هيئة هناك يقع على عاتقها تسيير شئون هذا القطاع أو ذاك المشروع في مملكة البحرين. وما إن يعلن عن أعضاء تلك الهيئة أو المجلس، حتى تثور نقاشات ساخنة تسود الشارع البحريني حول كفاءة أو عدم كفاءة من جرى تعيينهم.
ينجرف النقاش حول «مستوى» من عينوا، دون أن يلتفت أحد إلى الإجابة على سؤال مهم هو: لماذا عينوا، أو ما الهدف من تعيينهم؟
تزداد النقاشات سخونة، ويصل الأمر إلى قضايا شخصية تختفي وراءها قضايا كثيرة أهم.
من جديد لسنا من المنادين بنظرية «المؤامرة»، لكننا لا نستطيع أن نسقطها من حساباتنا عندما يصل الأمر إلى هذا المستوى من النقاش الذي لا يمكن وضع حد له إلا عن طريق واحدة فقط هي تحديد أهداف ومهام تلك الهيئات، وفي ضوء ذلك يجري تحديد مقاييس اختيار أو تعيين أعضائها. ففي غياب الأهداف، وضياع المقاييس تتحول الأمور إلى اجتهادات شخصية لا تستفيد منها سوى الجهات التي لها مصلحة في تضييع المقاييس؛ كي يجري النقاش وسط بيئة مظلمة تقود إلى نهايات مؤسفة.
3 - الكرة
الهم الملح الثالث هو تداعيات مباراة التأهل لكأس العالم بين الفريقين المصري والجزائري، وما نجم عنها من جرحى في القاهرة، وضحايا في الخرطوم، وقتلى في الجزائر.
لا أحد ينكر ولا حتى يستنكر ارتفاع درجة حرارة مشجعي فرق كرة القدم، وما ينجم عنها من بعض أعمال شغب محدودة على صعيدي الزمان والمكان.
مثل هذه المظاهر شاهدناها أو لمسناها في مباراة فرنسا وإيرلندا عندما احتسب حكم المباراة هدفا خطأ لفرنسا، خسرت من جرائه إيرلندا تأهلها لتصفيات كأس العالم، وبنى مشجعو الفريق الإيرلندي موقعا على الإنترنت يدافعون فيه عن حقهم في التأهل.
ما يثير هموم المواطن العربي هو أن الأمر كان مختلفا تماما بين مصر والجزائر، إذ توترت العلاقة بين السلطات في البلدين، وقام مسئولون هنا وآخرون هناك بإلقاء خطب عصماء يتهمون فيها بعضهم البعض بالإرهاب.
ولم تتردد جامعة الدول العربية عن دخول حلبة الصراع، فجاء على لسان أمينها العام ما يعبر عن استيائه لما حدث.
مرة أخرى، نؤكد اننا لسنا من القائلين بنظرية «المؤامرة»، لكن ما جرى في مباراتي مصر والجزائر في مصر اولا، وفيما بعد في السودان، يشير بأصابع الاتهام إلى جهات، ربما من المبكر امتلاك القدرة على كشفها، لكننا لا نستطيع اعتبار أحداث العنف تلك على أنها من الصدفة المحضة، وأنه ليس هناك من جهات لها مصلحة في تأجيج الصراع، وحرفه نحو قضايا هامشية من اجل استنفاد طاقات الجماهير العربية في صراعات ثانوية تحرف أنظارها عن قضاياها المصيرية الأكثر أهمية، وفي المقدمة منها القضايا السياسية والاقتصادية
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2634 - السبت 21 نوفمبر 2009م الموافق 04 ذي الحجة 1430هـ
الاستاذ العزيز ولد لعبيدلي
شكرا جزيلا على هذا المقال ياعزيزنا وكانبنا ودائما احس في كناباتك الخوف على الوطن والمصداقية في القول والبعد عن الطائفية وقلب واسع يحمل محبة للجميع يحمل هم هذا الوطن والوطن الام ايضا
الحذر .. الحذر!!
بسم الله الرحمن الرحيم
عوفيت يا أستاذي الكريم
الدول و القوى المستكبرة ما فتأت "تتآمر" على الشعوب المستضعفة, فلم ولن تتوقف العصابات الدولية عن حياكة المؤامرات, لذا يلزم منا الوعي واليقظة والحذر من المتربصين بنا الدوائر.