اعتراض المُكوِّن السُّنّي في العراق على قانون الانتخابات الأخير محلّ نظر. فالقانون لا يعكس طبيعة الديمغرافيّا العراقية (فضلا عن الأكثريات - الأقليّات السّياسية) بشكل صحيح، وهي أمور في مُجملها تُعتبر من أمهات مشاكل العراق اليوم.
لقد نصّ القانون المذكور أنّ لكلّ مائة ألف عراقي مقعد نيابي واحد. لذا فقد خُصِّصَ للمسيحيين خمسة مقاعد. وللأيزيديين والصابئة المندائيين وطائفة الشبك كلّ على معقد نيابي واحد. بينما توزّعت باقي المقاعد التعويضية الثمانية على عراقي المهجر.
أين المُشكِلَة إذا؟ يكمُن الإشكال في أنّ مجموع الأقلّيات بالإضافة إلى عراقيي المهجر قد خُصِّصَ لها ستة عشر مقعدا. وإذا ما استثنينا المقاعد الثمانيّة التي حصلت عليها الأقليّات، فإنه يتبقّى ثمانية مقاعد للمُهاجرين فقط، وهنا الإشكال.
فالحقائق تُشير إلى أن هناك أربعة ملايين وأربعمائة ألف مهاجر خارج العراق. وأن هناك من يؤكد إن ثمانين بالمائة من أولئك المهاجرين هم من المُكوّن السُّنّي. بمعنى أن هناك ثلاثة ملايين ونصف المليون سُنّي في بلاد المهجر.
وبالتالي فإن إعطاءهم ستة إلى سبعة مقاعد (بحسب نسبة الثمانين في المئة) كتعويض أمر غير مقبول، بمعنى أن تلك المقاعد المُخصّصة تَشِير بأن أعدادهم لا يتجاوز الـ 700 ألف نسمة. وهي نسبة لا تتّسع حتى لتعداد المهجر العراقي على الأراضي الأردنية.
فعدد العراقيين المهاجرين إلى سورية بلغ 1.4 مليون لاجئ، وفي الأردن بلغ 750 ألف، وفي مصر 130 ألفا، وفي اليمن سبعين ألفا. أما المليونان وأربعمئة ألف المتبقيّة فهي مُوزّعة على أوروبا والولايات المتحدة وأجزاء من إفريقيا والشمال الآسيوي واستراليا.
وإذا ما قلنا أن تلك النسبة (الثمانين في المئة) مُبالغ فيها، فإن نسبة 70 في المئة ستنتج 30 مقعدا، وأن نسبة 60 في المئة ستُفرز 26 مقعدا، ونسبة 50 في المئة 22 مقعدا، وهو الرقم الذي يُقارب النسبة المُنادَى بها من قِبَل طارق الهاشمي.
المنظور في الأمر ليس هذا فحسب؛ وإنما أبعد من ذلك بكثير. فالقانون يُعطي إجازة وتشريع «توزيع أصوات القوائم الخاسرة على الكتل التي حصلت على أعلى الأصوات»! وهو ما يعني أن الكتل الكبيرة ستزداد انتفاخا عدديا، الأمر الذي يمنحها فرصة أكبر عند عملية التصويت داخل المجلس النيابي.
هنا حديث مُرّ لكنه يعكس واقع العراق اليوم. فالبلد الذي لا يملك توافقا على صيغة العَلَم الرسمي للدولة منذ يوليو/ تموز من العام 2008 لا يُمكنه أن يصوغ قوانين مدنية تبتلع حقوق ثلاثة ملايين عراقي، يُشكّلون جزءا من ثاني أكبر الطوائف العراقية.
والبلد الذي تتوسّل فيه شركات الإعمار والبناء بعض العشائر العراقية لكي توافق على مرور أنبوب غاز، أو شارع ممتد بين ضفّة وأخرى، لا يُمكنه قضم أوراق مُكوّن يمتلك أكثرية سياسية في العراق بسبب العُمق العربي الكبير الداعم له.
لا يُمكن بأيّ حال من الأحوال إبداء الخوف من «الفراغ الدستوري» عند زيادة نسبة المقاعد التعويضية (من 5 إلى 15 في المئة) وتأجيل الانتخابات، ولا تُبدَى المخاوف من استعداء طائفي بعيد الأمد في العراق.
فالهاجس الأول يُمكن معالجته بالنواحي الفنية والدستورية والتوافقات، لكن الثاني لا يُمكن إصلاحه لا بالسياسة ولا بالتسويات الثنائية، وإنما فقط عبر إعطائه وجوده وكيانه الحقيقي والمناسب.
في السابق كانت التباينات المذهبية والقومية مُضْمَرَة بسبب الدكتاتورية البعثية الحمراء. أما اليوم، وحين يُريد الساسة العراقيون أن يعيشوا تحت ظلّ الحُكم الذي سعَوا إليه، فلا بدّ لهم أن يتوافقوا على كلّ شيء في السياسة والاجتماع والحقوق.
الموضوع في ذلك ليس مُناصرة حصريّة للسُّنّة. فالمسيحيون أيضا يجب أن يُعطَوا مقاعد تتناسب وأعدادهم في الخارج وليس على حسب المحافظات التي يقطنونها فقط وهي بغداد، الموصل، كركوك، دهوك وأربيل، وكذلك الحال بالنسبة للصابئة أو الشّبك أو الأيزيديين.
أخوف ما يُخافُ منه أن يكون ذلك الإجراء مُترجِما لمخاوف أبدتها بعض أوساط المسئولين العراقيين وأبرزهم نوري المالكي من احتماليّة عودة البعثيين إلى السلطة عبر الانتخابات، وحصولهم على أربعين بالمائة من مقاعد مجلس النواب.
فحساباتهم تُشير إلى أن النَّفَس البعثي بدأ بالظهور مرة أخرى داخل العراق بعد ضمور القاعدة في الأنبار، والإخفاق الأمني والخدماتي، فضلا عن قوّته الأصليّة بين أوساط المهاجرين، الذي كانوا في أوضاع معيشية أفضل أيام البعث، وغادروا العراق بعد سقوط النظام.
وبالتالي فإن ذلك قد يمنح المقاعد التعويضية نسبة بعثيّة تُقارب التسعة عشر مقعدا حين تُقبَل المضاعفة النيابية التي يُطالب بها الهاشمي وهي 15 في المئة. وإذا ما أصبح هناك تحالف بين الداخل والخارج (حسب القائمتين الممثلتين للسنّة اليوم في المجلس 44 و11 مقعدا) فإن العدد سيصل إلى 74 مقعدا.
وإذا ما أضيفت لها قائمة إياد علاّوي المتحالف اليوم مع صالح المطلك وطارق الهاشمي وأسامة النجيفي فإن العدد قد يصل إلى مئة مقعد. وهي على ما يبدو ما دَفَعَ بقوى سياسية للتعجيل بإقرار القانون الأخير الذي حدّد ثمانية مقاعد فقط لعراقيي المهجر.
على أيّة حال فإن هذا الموضوع قد يكون خارج إجماع من دَفَعوا بالقانون بعد تصريحات السيد عمار الحكيم في الأردن والتي دعا فيها إلى إشراك البعثيين في العملية السياسية، وأن «ملف العراقيين يجب أن يُغلق». والأيام المقبلة حبلى بالأحداث.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 2633 - الجمعة 20 نوفمبر 2009م الموافق 03 ذي الحجة 1430هـ
عراقيين المهجر
واضح بان الهاشمي يخططك بكل قوة مع بعض الدول ليحصل البعثيين على دخول البعثيين في البرلمان وبعدها الى كرسي الحكم ولكن هيهات وبتاكيد بان ابناء العراق الشرفاء سوف يحبطو خططهم واحد تلو الاخر والا ما معنا هذا التوقيت المبرمج لتاجيل الانتخابات....
نوري المالكي لا يصلح أن يكون رئيسا لأن ولاءه لايران
حكومة نوري المالكي اليوم هي عميلة وموالية لايران ولا تمثل بشكل صحيح رأي العراقيين الأحرار اللذين دافعوا بكل بسالة عن العراق العربي الأبي. يجب إعطاء المقاعد لأبناء العراق الأوفياء وليس لمن يوالي بلدا غير بلده وأن السيد طارق الهاشمي هو ابن العراق الوفي ومطالباته يجب أن تنفذ لأنه بكل صراحة مخلص ووفي.
كلكم متشابهين
لا يمكن أن يحكم العراق بدون التوافق والاعتماد على المذاهب لن يفيد احد
ايها الشعب العراقي كلكم شيعة وكلكم سنة وكلكم اكرد
عودة البعثيين
لا يمكن ان يدخل البعثيون في العملية الانتخابية تحت شعارات الحرية والديمقراطية . يجب على السياسيين العراقيين منعهم منذ لك مهما كان الثمن فهم طغاة العراق