العدد 2631 - الأربعاء 18 نوفمبر 2009م الموافق 01 ذي الحجة 1430هـ

أتأمرونَ الناسَ بالبرِّ وتنسونَ أنفسكمْ؟

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

أعادتني هذه الآية المباركة التي قالها أحد النواب في سياق الهجوم على برج الاتصالات الذي تم تشييده في منزل النائب جواد فيروز، إلى ما يقارب العامين من الزمن للوراء، حين رفض النائب المستشهد بالآية المباركة الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إزالة بناء غير مرخص في منزله، مقيما للدنيا غير مقعدٍ إياها بعد أن تم إعطاؤه مخالفة من وزارة البلديات، مهددا بمساءلة وزير البلديات، ورغم انه اعترف بأن البناء غير قانوني إلا انه برر مخالفته للقانون، وأنه لن يطبق القانون مادام هناك آخرون غيره لا يطبقونه!

مشكلتنا في هذا البلاد أن الجميع يجرُّ النارَ إلى قرصه، فنحن مستعدون لأن نتشدق ليل نهارٍ بالديمقراطية والتعددية والشفافية واحترام الآراء، لكن تطبيقها على ذواتنا خطٌ أحمر، فلا ديمقراطية ولا بطيخ ما دامت السلطة عندي، ولا تعددية ما دمت أنا الآمر الناهي، ولا احترامٌ للآراء ما دام رأيي هو الأصوب دائما، والقانون مقدس ما يتم تطبيقه علي.

قوى المعارضة ليست بمنأى عن ذلك فهي تطالب الحكومة دائما بتطبيق تداول السلطة، غير أنها أولى بتوجيه المطالبة لكياناتها أولا، فبعضها يبقى الرئيس في موقعه إلى أن يشاء الله، وإذا ما أحيل إلى التقاعد (بعد عمرٍ طويل)، يبتكر له منصبا «شرفيا» جديدا أعلى من منصب الرئاسة، والبعض الآخر يتعامل بمنطق «اللي موعاجبه يطلع بره»!

عودة للموضوع أقول نعم النائب يجب أن يكون قدوة لغيره، ولا ينبغي منه أن يقبل بتشييد برج اتصالات في منزله، لكن في المقابل لا يمكن تفويت أن هناك من يصطاد في الماء العكر، لأغراض انتخابية في اغلب الأحوال، وعليه كان يجب التفكير ألف مرةٍ قبل الموافقة على إنشاء هذا البرج. كما لا ينبغي أن نغفل في هذا المقام أن فيروز هو من أفضل النواب كفاءة ومهنية في البرلمان الحالي، خاصة مع تحريك الملف الإسكاني، لذلك فإن كل تلك الايجابيات لا ينبغي لها أن تضيع في غمرة الحديث عن البرج، لمنتقديه الحرية في إيصال أصواتهم له وفق القانون والنظام، لكنني اعتقد أن الوقت قد حان لتوجه هذه الاعتصامات لموضوعاتٍ أكثر أهمية وجدوى.

المعتصمون ضد فيروز أفادوه أكثر ما أضرّوه، فقد أقاموا له إعلاما انتخابيا مجانيا خاصة مع قرب انتخابات 2010، وجعلوا مناصريه يحتشدون مبكرا حوله، وأوجدوا لهم مبررا قويا لتحقيق اصطفاف ذي أبعادٍ مذهبية، رغم أن الموضوع يتعلق في المحصلة ببرج اتصالات، غير انه هكذا حال البلد!

العتب في البداية والنهاية ليس على فيروز او على نائب وفاقي آخر وهو سيد مكي الوداعي الذي سمح بانشاء برج اتصالات ايضا في منزله، العتب الأكبر يقع على الحكومة ممثلة في هيئة تنظيم الاتصالات ووزارة شئون البلديات والزراعة وهيئة البيئة التي لم تنظم من الأصل قضية إنشاء أبراج الاتصالات، والتي كان من الأولى أن تقام على أراضٍ حكومية، درءا للقيل والقال أولا، وضخ أموال إضافية على خزينة الدولة ثانيا بسبب الإيجارات المرتفعة التي تدفعها شركات الاتصالات لأصحاب الأراضي التي تقام عليها هذه الأبراج.

من جانبٍ آخر فإن برج الاتصالات المذكور مهما بلغت أهميته وضرره المفترض، لا يشكل إلا قطرة في بحر متلاطم من الهموم الوطنية، وكان بودي لو اعتصم المناوئون والمؤيدون لبرج فيروز على قضايا الوطن الكبرى كالتمييز والطائفية وسرقة الأراضي والفساد الأخلاقي الذي ينخر في البلد، بدلا من الاستمرار في بذل لجهد والوقت والمال في اعتصام مؤيد أو معارض.

نقول إن قضايا الوطن أهم من برج فيروز، ومن أراد الاعتصام أمام منزله فالأمر متروك له أولا وأخيرا، لكن الاعتصام أمام بيوت المفسدين وسرّاق الأراضي أوجب، ورفع الشعارات ضد التعدي على السواحل والبحار أجدى!

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 2631 - الأربعاء 18 نوفمبر 2009م الموافق 01 ذي الحجة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 1:33 م

      عشق المادة أنساه موقعه الأجتماعي

      أخي زائر رقم 4 عن أي قانون تتحدث وكائن اللأمر معني بمواطن عادي ياأخي هذا نائب ويجب أن يراعي تصرفاتة وأفعاله طالما قبل بإن يكون نائب وهذا الطمع المادي الذي قبل به قد أساء أولا وأخيرا لجمعية الوفاق وللمجلس البلدي الذي تهيمن علية كتله الذي أصبح حديث الدائرة من أولها وأخرها فعن أي قانون تتكلم وأنت ضد نائب يفترض به أن يتنزه عن الماديات والأفعال التي أضرت بالجمعية ولا أدري كيف سمحت الوفاق بهذه المهزلة التي أستخدمها الأعداء للنيل منا فأي تخبط وعدم مسؤلية يعيشها النائب المادي الذي أثبت عشقة للمادة ال

    • زائر 6 | 1:24 م

      جنت على نفسها براكش

      لا غبار بإن المعتصمين يصطادون في الماء العكر كونهم يمثلون النهج الطائفي بإمتياز وقد رفعو من قدر النائب إعلامياً وطائفيا وبالنسبة للنائب فإنه قد أحرج نفسه وأحرج كتلتة وجمعية الوفاق بإكملها ولاأظن بإن الوفاق ستعيد دعمه وترشيحه وإن فكرت ولو ببرهة في إعادة ترشيحة فإني أقولها وأنا متأكد من العواقب بإن الوفاق ستخسر دائرة مهمة وستقدمها لجمال داوود على طبق من ذهب فنظرة البرج لوحدها قد أعطت الكثير الكثير من النظرة المزدرية عن النائب عدا الصحف المشبوهة التي أثتثمرت البرج لأغراض طائفية بحتة ساعدت

    • زائر 5 | 1:15 م

      صدقوني

      أولأ النائب ليس حاله كحال أي مواطن لانة نائب عن الشعب وله شخصيتة ومكانتة الأجتماعية ويعلم جيدا إنه محاسب من قبل الشعب على جميع تصرفاتة كونه قدوة للشعب وبالنسبة للمعتصمين ضد النائب فالموظوع معروف بطائفيتة وبدون غبار ولاكن الطمع الذي أصاب النائب أنساه وضعه الأجتماعي ولاأضن في جميع الأحوال أنه يفكر في الترشيح مرة أخرى صدقوني

    • زائر 4 | 8:16 ص

      لايوجد قانون يمنع ذلك

      ليس دفاعا عن فيروز ولكن مادام لايوجد قانون يمنع من ذلك فأن من حقه ومن حق أي مواطن يستفيد من ذلك أليس النائب مواطن حاله حال أي مواطن

    • زائر 3 | 12:26 ص

      طائفية في طائفية

      نعم من اعتصم ضد فيروز تدفعه الطائفية وم دافع عن فيروز في الصحف والمنتتديات تدفعه الطائفية كذلك مع العلم الاكيد بخطا النائب وتلك هي المشكلة ..

    • زائر 2 | 11:49 م

      صح لسانك

      هناك بعض ذوي العقول الناقصة يصطادون في الماء العكر ينتظرون الزلة ليأتو بالحجة..

    • زائر 1 | 11:32 م

      ابو محمد

      الاخ الكريم حسن المدحوب
      لا اجد مبرر للنائب في الاستمرار في وضع البرج في منزله، اليس من الاولى ان يبحث عن مكان اخر في وضع البرج لينزه نفسه عن هذا الامر، كفى تبريرات، هل هذا النائب بحاجة الى المال، هناك غيره من الفقراء الذين بحاجة الى المال من جيرانه لماذا لا يقوم بالبحث عن احدهم ويقوم بطلب لتحويل البرج الى منزله ليكسب المعركة.

اقرأ ايضاً