حضرت أول جلسة لي مع «قراءة الكتب الدينية الإبراهيمية معا» في سبتمبر/ أيلول 2008، أثناء الشهر الأول لدراساتي في الدكتوراه في الدين الإسلامي.
«قراءة الكتب الدينية الإبراهيمية معا» مجموعة تلتقي مرتين شهريا لقراءة ومناقشة موضوع أو صورة في التوراة العبرية والعهد الجديد والقرآن الكريم. كانت صديقة لي قد دعتني لأن أبحاثي في ذلك الوقت تركزت حول استكشاف قصة إبراهيم وهاجر (عليهما السلام) أم إسماعيل ابن إبراهيم في الأدبيات الإسلامية المبكرة. منذ ذلك الوقت غيّرت اجتماعات هذه المجموعة الأسلوب الذي أقرأ به القرآن الكريم.
يجلس عادة ما بين عشرة إلى خمسة عشر شخصا، هم خليط متنوع من المسيحيين والمسلمين واليهود، حول طاولة في قاعة الطعام بجامعة تورنتو لبحث ومناقشة الكتب الدينية الإبراهيمية.
تختار المجموعة موضوعا لبحثه، يتراوح عادة بين النبي موسى عليه السلام إلى الأحلام، ومن العلاقات بين المثليين إلى الصيام، ونقرأ كل بدوره وبصوت مرتفع من قطعة جرى اختيارها مسبقا من كتاب ديني يتعلق بموضوع الحديث.
ثم يبدأ سيل من الأسئلة المتنوعة: هل هناك جذور مشتركة لكلمة التوبة بالعبرية؟ اليونانية والعربية؟ من هو يوسف وكيف تختلف قصته عن قصة جوزيف؟ ما الذي أنقذ يونان، المعروف بيونس عند المسلمين، من بطن الحوت؟
كطالبة دراسات عليا تستحوذ على وقتها قراءات الحلقات الدراسية وأوراق البحوث، أصبحت مجموعة «قراءة الكتب الدينية الإبراهيمية معا» مساحة مهمة لي لتطوير علاقتي الشخصية مع القرآن الكريم. وجدت نفسي وأنا أقرأ الكتب الدينية مع غيري من المسلمين وكذلك مع غير المسلمين، أدرك أن قراءاتي الشخصية للقرآن الكريم آخذة في التغيّر.
اكتشفت أسئلة جديدة آتي بها إلى القرآن الكريم، ولدت من رحم مواجهتي مع التوارة العبرية والعهد الجديد. تمكنت من خلال التوجه إلى الكتب الدينية الأخرى كقارئة جديدة أن أعيد نفسي إلى حالة البراءة النصيّة مع القرآن الكريم، أحيانا وأنا واعية وأحيانا أخرى عن غير وعي أو قصد. كانت تجربة مفعمة بالتحدّي والتواضح وأحيانا بالرعب والرهبة. ورغم أنني كنت أقرأ ضمن مجموعة، شعرت أكثر بالوحدة عند محاولتي تفسير النصوص بشكل عقلاني. لم أعد أستطيع الاعتماد على ما لدى التفاسير القرآنية لتقوله. كنت بحاجة إلى أن أخرج بتفسيراتي المنطقية الشخصية للكتب الدينية وأنا أقرأها مع الكتب والتفسيرات الأخرى.
تساءلت كيف يتأثر القارئون الآخرون، وانطلقت لاستكشاف أثر التفسير المنطقي للكتب الدينية للتفسيرات الإسلامية للقرآن الكريم من خلال الحديث مع الأعضاء المسلمين في مجموعة «قراءة الكتب الدينية الإبراهيمية معا».
قد يكون من المدهش أنه بدلا من أن يصابوا بالإلهام لإبداء المزيد من الاهتمام بنصوص دينية أخرى، أصبح زملائي المسلمون أكثر فضولية فيما يتعلق بالقرآن الكريم وبدأوا يركزون أكثر على تفسيراهم الخاصة بهم.
شرح الطلاب الذين تكلمت معهم مرة بعد أخرى أن المجموعة جعلتهم أكثر فضولية فيما يتعلق بالقرآن الكريم. وهم يصفون السمة المميزة لقراءتهم على أنها رَنْوٌ للألفة مع النص ورغبة في استنباط معانيه، بشكل مستقل عن التعليقات القرآنية أو وجود إمام. في الوقت نفسه، ومن خلال مواجهة ما هو مشترك عبر الكتب الدينية، وكذلك في الأماكن التي توجد فيها اختلافات، يضطر القراء إلى إعادة تقييم ما هو مميز وشخصي حول كتبهم الدينية. إنها ممارسة لإيجاد معنى.
أعتقد شخصيا أن القرآن الكريم نفسه جزء من هذا الحوار بين الكتب الدينية، حيث أنه يشير إلى رؤى سابقة ويضع نفسه في موقع من يحمل ويتابع التقاليد التوحيدية.
مجموعة «قراءة الكتب الدينية الإبراهيمية معا» هي أكثر من مجرد منتدى للحوار متعدد الأديان، فهي تقدم للمشاركين فرصة مواجهة الكتب الدينية والتفكير بعلاقتهم بها. إنها مهمة قارئي ومؤمني وغير مؤمني اليوم، وعقلنة الكتب الدينية معا والمشاركة جماعيا في العملية التفسيرية واكتشاف أثر ذلك على الإيمان بشكل فردي.
* طالبة دكتوراه تدرس الدين الإسلامي بجامعة تورنتو، والمقال يُنشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2629 - الإثنين 16 نوفمبر 2009م الموافق 29 ذي القعدة 1430هـ