قبل سنوات كان مجرد الحديث عن اللعب في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم بعيدا عنا إن لم يكن أشبه بالحلم في ظل خروجنا المتكرر من بدايات التصفيات ومن دون أن نترك أي بصمة حقيقية، حتى بات الحديث عن إمكانية وصول منتخبنا إلى كأس العالم يثير السخرية بين الجماهير البحرينية التي سيطر الإحباط تماما عليها.
ومع نهاية عقد التسعينيات كانت كرة القدم البحرينية تتغير بصورة متسارعة في ظل ولادة جيل ذهبي من اللاعبين ترك بصمته في مختلف المنافسات ومنها التصفيات المؤهلة للمونديال ليكبر الحلم رويدا رويدا وتتغير الصورة تماما بل تنقلب محليا وخليجيا وآسيويا، حتى بتنا رقما صعبا في كل بطولة ومنافسة وصولا إلى الخطوة الأخيرة نحو الوصول لمونديال العام 2006 في ألمانيا من خلال مباراة ترينداد وتوباغو في الملحق الأخير لنخسر فيها بشكل حزين ودراماتيكي على ملعبنا وبين جماهيرنا.
هذه الخسارة لم تفقدنا الأمل بل أعطتنا الأمل الكبير في تحقيق الحلم هذه المرة، وأكسبتنا الكثير من الخبرة للتعامل مع مثل هذه المباريات الحساسة، وبالفعل يتكرر المشهد اليوم مجددا ونحن على بعد خطوة من إنجاز تاريخي للرياضة البحرينية بل إنجاز قل نظيره لبلد بحجم البحرين وبعدد سكانها في الوصول للبطولة العالمية الأهم والأكثر متابعة وجماهيرية.
عند العاشرة من صباح اليوم السبت، نحن على موعد مع التاريخ بل على موعد مع أهم لحظة تاريخية لرياضتنا المحلية، عندما تطأ أقدام لاعبي منتخبنا وجماهيرنا ملعب وينغلتون بنيوزيلندا.
المباراة تحتاج إلى قلب قوي لمتابعتها، لأنه لا مجال للخطأ فيها بل لا مجال للخسارة، فإما التعادل الإيجابي للتأهل أو تحقيق الفوز.
ما يدفعنا إلى مزيد من التفاؤل اليوم هو أننا سنخوض المباراة بشكل متوازن بين الدفاع والهجوم لأننا لن نلعب للدفاع فقط وإنما يجب أن نهاجم لكي نحقق هدف التأهل.
الضغط سيكون كبيرا على المنتخب النيوزيلندي على أرضه وجماهيره وهو ما يجب أن نستغله كما استغله أبناء ترينداد وتوباغو عندما واجهونا على أرضنا وبين جماهيرنا قبل أربع سنوات وجروا المباراة لصالحهم بكل هدوء وروية مستغلين حالة التشتت الذهني التي دخل فيها منتخبنا.
مباراة اليوم من الناحية الفنية متقاربة والميزان يميل لمصلحتنا في ظل أداء الفريقين الفني في المباراة الأولى، غير أنها برأيي المتواضع بحاجة إلى نوع من المفاجأة للخصم وهذه المفاجأة تحتاج إلى قلب قوي من المدرب.
مدرب منتخبنا التشيكي ماتشالا من الممكن أن يلعب بتشكيلته المعتادة المكونة من سيد محمد جعفر في الحراسة، وكل من حسين بابا وسيد محمد عدنان في قلب الدفاع، وعلى الجانب الأيمن هناك عبدالله عمر وأمامه محمد حبيل في تبادل للمراكز بينهما، وعلى الجانب الأيسر هناك فوزي عايش وسلمان عيسى اللذان يتبادلان المراكز أيضا، وفي قلب الوسط هناك كل من محمود جلال ومحمد سالمين الذي يميل أكثر للهجوم إلى جانب أدواره الدفاعية، وفي المقدمة يتواجد كل من جيسي جون وحسين علي «بيليه».
فنيا هذه التشكيلة باتت مكشوفة للمنتخب النيوزيلندي والتي يظهر فيها تركيز منتخبنا على الجانبين الأيمن والأيسر باعتبارهما مفاتيح اللعب للمنتخب من خلال الاعتماد على الكرات العكسية التي يتابعها المهاجمين، ولا شك أن النيوزيلنديين قد أخذوا حذرهم من هذه التشكيلة ومن طريقة اللعب المتبعة والتي أثبتت جدواها في المباريات الأخيرة، ولو كنت محل ماتشالا لما غيرت فيها شيئا لأن أي تغيير في التشكيلة أو طريقة اللعب يعني مغامرة كبيرة.
لكن هذه المغامرة هي من قد تحدث الفارق وتحدث المفاجأة للنوزيلنديين ومثل هذا التغيير في التشكيلة أو في طريقة اللعب قد يحرج الخصم ويربك تكتيكاته، فماذا لو استعان ماتشالا منذ البداية باللاعب عبدالله فتاي خلف المهاجمين ووضع أمامه المتحرك والهداف في المباريات الأخيرة إسماعيل عبداللطيف منذ البداية وإلى جانبه بيليه أو جيسي جون فلا شك أن طريقة اللعب ستتغير وسيزيد التركيز على منطقة العمق النيوزيلندي من خلال التمريرات البينية والقصيرة لما يملكه فتاي من دور هجومي مميز في منطقة صناعة اللعب وقدرة على المراوغة والتمرير الحاسم والتمركز خلف المهاجمين، إلى جانب تحركات إسماعيل عبداللطيف السريعة ومراوغاته التي ستربك الدفاع النيوزيلندي، وما يتبعه ذلك من إرباك للمنتخب النيوزيلندي على أرضه وبين جماهيره من خلال مفاجأتهم بطريقة اللعب وبالتشكيلة، وحسم هذه المواجهات التاريخية بحاجة إلى نوع من المغامرة والمفاجأة لأننا كما استعدينا لهم قد استعدوا لنا.
عموما المباراة في ملعب المدربين، والقرار بيدهم، وأي تغيير قد يجريه مدربنا ماتشالا قد يلاقي عليه الكثير من المدح في حال الفوز والتأهل وقد يلاقي عليه الكثير من الذم في حال الخسارة وهذه حال الكرة المدورة، وبالفعل المباراة بحاجة إلى قلب قوي يصنع التاريخ، وبالتوفيق يا الأحمر!.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 2626 - الجمعة 13 نوفمبر 2009م الموافق 26 ذي القعدة 1430هـ
وش رايك عقب هالفوز الكبير
صدق مفاجئة .. مدام الظلم موجود الله لا يرفع ليه رايه.. نيزلندا بلد يحترم مواطنيه وجدير بالتأهل لأن الفوز للوطن ليس للقبيلة