العدد 2325 - الجمعة 16 يناير 2009م الموافق 19 محرم 1430هـ

العصفور: البشرية تعيش حالة اللامبالاة لوضع الإنسان الآخر

الوسط - محرر الشئون المحلية 

16 يناير 2009

تحدث خطيب جامع عالي الكبير الشيخ ناصر العصفور في خطبته أمس (الجمعة) عن واقع البشرية المعاصر وما يعيشه إنسان اليوم من حالة الازدواجية في التعاطي مع القضايا الإنسانية وحالة الشعوب المستضعفة التي تسلب حقها في الحياة والعيش بكرامة، وقال العصفور إن الله تعالى قد أتم الحجة على الناس «فلله الحجة البالغة» (الأنعام: 149)، بما زودهم به من قدرات وبما منحهم من إمكانيات وقابليات، وأنزل إليهم الكتب وأرسل إليهم الرسل وعرفهم العقائد والأحكام، وقضايا الحلال والحرام، وقد خاطبهم بقوله: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» (الحجرات: 13)، إلا أن البشرية استبدلت حالت التعارف بالتصارع، واستعاضت عن التعايش بالتقاتل، وعن التعاون بالتصارع على المصالح غير المشروع، فالقوي يستقوي على الضعيف، ويصادر حقه، ويسلب خيارته وخيراته، فلا عهود محفوظة، ولا المواثيق مرعية ولا شرعة حقوق الإنسان محترمة، فدول العالم تنفق على التسلح وصنع الأسلحة المتطورة التي تفتك بالإنسان أضعاف ما تنفق على الإعمار والبناء وعلى التعليم والصحة والتنمية البشرية والبحث العلمي، ولا مبالغة إذا قلنا إن البشرية اليوم تعيش حالة الأنانية واللامبالاة لوضع الإنسان الآخر، وسلامته وآمنه واستقراره وحقه في العيش، إذ تتقدم المصالح والأنانية والعصبية على مواقف العزة والكرامة والإنسانية.

وتساءل العصفور «لماذا يتساهل الإنسان بقيمة أخيه الإنسان ويستهين بحياته ووجوده إلى هذا المستوى لمجرد الاختلاف في العرق أو اللغة أو الدين، والإنسان القوي يستخدم القوانين والتشريعات بل المؤسسات والمحافل الدولية لحماية حقوقه ومصالحه ضد الإنسان الضعيف ويطبق تلك القوانين بحسب مقاسات يستخدمها متى شاء ومتى أراد».

وقال العصفور إن العالم يشاهد المذابح والدماء التي تراق والمجازر البشعة التي ترتكب بحق شعب غزة الأعزل الذي احتلت أرضه وصُدرت حقوقه، هذه الحرب هي حرب إبادة يمارسها شذوذ الآفاق وقتلة الأنبياء من الصهاينة الذين لا يعرفون سوى لغة الدم، والذي يزيد من مأساة أهل غزة ومعاناتهم بهذه الصورة المريرة هو أن المتعارف في الحروب أن أهل المدن التي تتعرض للحرب وللقصف يستطيعون النزوح إلى مناطق أخرى أو بلدان حيث تفتح الحدود أمامهم لمن أراد منهم النجاة، المأساة هنا أن أهل غزة محاصرون فيها ولا يجدون مكانا آمنا يحميهم من هذا الدمار الهائل ومن حمم الآلة الحربية الفتاكة، حيث لم تبقِ حرمة لمساجد أو أماكن عبادة أو مدارس أو مستشفيات أو مقرات دولية، وهنا نسأل: كيف ننتظر من العالم وشعوب العالم أن ينظروا إلى عالمنا العربي وإلى الموقف العربي الرسمي بالذات، كيف نتوقع للعالم أن يحترم هذه الأمة وقد وصلت إلى هذه المرحلة الخطيرة من الانقسام والضياع بصورة لم يسبق لها مثيل.

وأضاف العصفور «أقول لأولئك الذين يراهنون على خيار الطائفية والانقسام الطائفي، والذين لم يفتأوا يوقدون شررها في البلدان العربية والإسلامية، أقول لهم هذه رسالة واضحة وصريحة لينظروا ويتفكروا إن كانت لديهم بصيرة إلى العدو الحقيقي للأمة الذي يستهدف وجودهم وأمنهم وأوطانهم وكيانهم، إنه العدو الذي لا يفرق بين شيعة الجنوب الصامد ولا بين سنة غزة الباسلة، أفيقوا من سباتكم أيها السادة وأخرجوا من قوقعتكم التي تعيشونها إلى فضاء هذه الأمة والتعرف على أمالها وآلامها ومحنها ومآسيها وأوضاعها المزرية التي تتفاقم يوما بعد يوم. فهل نرى صحوة لهذه الأمة من هذا السبات؟، الإجابة على ذلك رهن الأيام المقبلة».

العدد 2325 - الجمعة 16 يناير 2009م الموافق 19 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً