انتخابات مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين للدورة 27 المزمع إجراؤها في السادس عشر من الشهر الجاري تمثل نموذجا مشرفا لما يجب أن تكون عليه عملية الانتخابات في البحرين, فقد استطاع التجار لدينا الابتعاد عن النفس الطائفي من خلال تشكيلهم لكتل انتخابية مشتركة بين الطائفتين حتى أن الكتلتين الانتخابيتين اللتين تم تشكيلهما حرصتا على أن يكون للمرأة نصيب في مجلس الإدارة المقبل للغرفة ولذلك حوت كتلة «الاقتصاديين» مرشحة في حين أشركت كتلة «بناء المستقبل» مرشحتين.
لا يهم إن استطاعت المرشحات أن يحصلن على العدد الكافي من أصوات أعضاء الغرفة, كما لا يهم إن كان بعض الأعضاء سيصوتون للمرشحين على أساس طائفي, ما يهم هو أن فئة من المجتمع استطاعت أن ترتقي فوق الخلافات المذهبية والتخندق الطائفي للدفاع عن مصالحها كطبقة في المجتمع البحريني.
إن طبقة التجار أو ما تسمى «بالطبقة البرجوازية» في الخليج تشكلت في وقت مبكر جدا قياسا بالطبقات الأخرى كالطبقة العاملة أو الطبقة المتوسطة ولذلك فإن فئة التجار «أو الطبقة البرجوازية» هي الأكثر تماسكا وتنظيما ولأنها الأكثر ثراء فكانت هي الأفضل تعليما - فغالبية أبنائها درسوا في المدارس الخاصة في البحرين وأكملوا دراستهم في أعرق الجامعات العالمية - ولذلك فإنهم الأكثر وعيا والأكثر انفتاحا على الثقافات الأخرى والأقدر على تقبل الآخر.
الأمر الثاني هو أن غرفة تجارة وصناعة البحرين هي من أعرق المؤسسات الديمقراطية ليس في البحرين فحسب وإنما في الخليج بشكل عام, فمنذ تأسيس جمعية التجار في البحرين في العام 1939 - أي قبل تشكيل حتى التنظيمات السياسية المعارضة - كان مجلس الإدارة ينتخب بشكل ديمقراطي تماما في حين أن غالبية الغرف التجارية في الخليج يتم تعيين مجالس إداراتها من قبل الحكومات, ولذلك فإن الممارسة الديمقراطية على مدى السنوات الماضية قد خلقت تجربة غنية لدى أعضائها.
الأمر الوحيد الذي يمكن أن يؤخذ على تشكيل الكتل الانتخابية في الغرفة هو طابعها الطبقي «إلا ما نذر ولأسباب موضوعية», فالكتلة الرئيسة «كتلة الاقتصاديين» اقتصرت في تشكيلتها على كبار التجار ورجال الأعمال واستبعدت ممثلي المؤسسات الصغيرة على الأقل, وكذلك فعلت كتلة بناء المستقبل في استبعادها المؤسسات الصغيرة من تشكيلتها وإن كان أغلب أعضائها يمثلون المؤسسات المتوسطة الحجم.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 2622 - الإثنين 09 نوفمبر 2009م الموافق 22 ذي القعدة 1430هـ