اتفق وزراء مالية الاقتصادات العشرين الكبرى في العالم (مجموعة الـ20) يوم أمس الأول (السبت) في منتجع خليج سانت أندروز الإسكتلندي، على العمل لتعزيز الانتعاش الاقتصادي باجراءات تحفيزية، ولكن المجتمعين لم يستطيعوا الاتفاق على خطط تمويل جديدة لمعالجة مشكلة التغيرات المناخية.
وجاء الاجتماع وسط تجدد الدعوات لفرض ضريبة على المعاملات المالية لضمان تحمل المصارف مسئولياتها في حال وقوع المزيد من الأزمات الاقتصادية العالمية.
وحذر الوزراء في البيان الختامي من الخطر المتمثل في زيادة معدلات البطالة قائلين، إن الوقت لم يحن لإيقاف خطط التحفيز الحكومية.
وقال وزير الخزانة الأميركي، تيموثي غايتنر، عقب الاجتماع: “اذا وضعنا المكابح سريعا، سنضعف الاقتصاد والنظام المالي وستزيد البطالة وستفشل المشاريع التجارية وسيزداد العجز في الموازنات، وستصبح الكلفة النهائية للأزمة أعظم”.
وبينما قالوا “إن الظروف الاقتصادية والمالية قد تحسنت (...) فإن الانتعاش سيكون غير متوازن وسيظل معتمدا على سياسة الدعم”.
وكنتيجة لذلك، اتفقوا “على الحفاظ على الدعم حتى يتم تثبيت الانتعاش”.
وأيد وزراء المالية أيضا تقديم تقديرات متبادلة لاقتصاداتهم يمكن أن تؤدي إلى تشكيل أطر عمل قومية وإقليمية بحلول نهاية يناير/ كانون الثاني المقبل.
ومع ذلك، فقد فشل الاجتماع في وضع قائمة بخيارات ملموسة لمساعدة الاقتصادات الناشئة في مواجهة الاحتباس الحراري، على رغم أنه جاء وسط التحضير لقمة كوبنهاجن العالمية للمناخ في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وقال وزير المالية الألماني، فولفجانغ شويبله: “لم نتوصل لحل مشترك”، مضيفا، أنه لا يمكن لقمة كوبنهاغن بأن تفشل.
وحث رئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، في وقت سابق وزراء مالية
مجموعة العشرين على بحث فرض ضريبة على المعاملات المالية للمساعدة على
تجنب وقوع المزيد من الأزمات الاقتصادية العالمية.
وقال براون خلال اجتماع لوزراء مالية مجموعة العشرين ومصرفيي البنوك
المركزية: “لا يمكن أن يكون من المقبول أن يحصد فوائد النجاح في هذا
القطاع عدد قليل، ولكن يتحمل جميعنا تكاليف الفشل”.
واستحوذت تصريحات براون على الأضواء بعيدا عن باقي القضايا المطروحة على
أجندة الاجتماع ومن بينها الخطوات الرامية إلى تعزيز الانتعاش المبدئي الذي يشهده الاقتصاد العالمي حاليا وكذلك قضية التغيرات المناخية.
ولكن الزعيم البريطاني قال، إن هناك حاجة لعقد اجتماع جديد بين العامة والبنوك التي تعرضت لنقد بسبب دورها في اندلاع الأزمة المالية التي اجتاحت الاقتصاد العالمي منذ العام 2007.
وقال براون، الذي يواجه انتخابات داخلية صعبة العام المقبل: “لقد طرحت
مقترحات لفرض رسوم تأمين تعكس المخاطرة المنهجية أو صندوق لمواجهة
الأزمات أو تدابير رأس مالية طارئة أو (فرض) ضريبة معاملات عالمية”.
وأضاف براون “لا أقلل من ضخامة وصعوبة المشكلات العملية والفنية التي يتعين التغلب عليها، والتي ينطوي عليها أي نظام عالمي متماسك، لكنني لا أعتقد أن هذه القضايا ينبغي أن تحول بيننا وبين ضرورة التفكير في القضايا التي ناقشتها”.
يذكر أن اجتماع سانت أندروز هو اللقاء الثالث لوزراء مالية مجموعة العشرين هذا العام، ويأتي في اعقاب قمة زعماء المجموعة التي عقدت في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وكان قادة العشرين اتفقوا خلال اجتماع سبتمبر الماضي، والذي عقد في في مدينة بيتسبرغ الأميركية، على أن تحل المجموعة محل “مجموعة الدول السبع” الصناعية الكبري، في مناقشة القضايا الاقتصادية.
وتمثل الدول الأعضاء في مجموعة العشرين مجتمعة نحو 85 بالمئة من إجمالي النشاط الاقتصادي العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، بدأت تظهر مؤشرات على تعافي الاقتصاد العالمي من أسوأ حال ركود منذ نحو ستة عقود، وذلك عقب قمة العشرين الاخيرة.
وبدأت المجموعة في التحول من البحث عن خطوات لاحتواء الأزمة الاقتصادية، إلى التفكير في خطوات لتدعيم التعافي الاقتصادي الذي أحرز، والذي لايزال هشا حتى الآن.
وتسعى ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة واليابان، والتي خرجت بالفعل من الركود الاقتصادي، الى بدء مناقشة للتراجع عن الخطط التحفيزية الضخمة التي اضطلعت بها لمواجهة التراجع الاقتصادي، غير أنها أدت إلى ارتفاع مستويات الدين العام.
بيد أن دولا مثل بريطانيا، التي استضافت اجتماع وزراء مالية العشرين والتي لاتزال تكافح الركود، تعارض فكرة تحديد جدول زمني لوقف الحزم التحفيزية التي تبنتها لمواجهة الأزمة.
وقالت، إنه يبدو أن الوزراء ومحافظي البنوك المركزية متفقين على أن التعافي الحقيقي لم يحدث بعد وأنه يتعين الإبقاء على الإجراءات التحفيزية للوقت الحالي.
وتضم مجموعة العشرين، بالإضافة إلى دول العالم المتقدم مثل الولايات المتحدة وألمانيا وكندا وفرنسا، عددا من أبرز الاقتصادات الصاعدة مثل الأرجنتين والبرازيل والهند وإندونيسيا والمكسيك وروسيا والصين.
في الوقت نفسه، وقعت مصادمات خارج مقر انعقاد القمة بين الشرطة
والمتظاهرين الذين نادوا بـ “مجموعة عشرين للشعوب”.
العدد 2621 - الأحد 08 نوفمبر 2009م الموافق 21 ذي القعدة 1430هـ