العدد 2620 - السبت 07 نوفمبر 2009م الموافق 20 ذي القعدة 1430هـ

دور تجار البحرين الاقتصادي الجريء «2»

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يكن الهدف من وراء سرد تلك النقاط الخمس، لاسم دائرة تشاؤمية سوداوية، وتحويل التاجر البحريني إلى أسير لها، غير قادر على الخروج من دائرة سلبياتها. كما لم يكن القصد أيضا إشاعة روح اليأس في صفوف أعضاء مجتمع الأعمال البحريني، أو في نفوس أولئك الذين يرون في هذا المجتمع النواة الصلبة لأي كتلة اجتماعية أو سياسية تطمح لممارسة دور اقتصادي إيجابي يساهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني نحو الأمام. إذ لايستطيع أحد أن ينكر تلك المسؤولية الاقتصادية التي أخذها التاجر البحريني، تاريخيا، على عاتقه من أجل بناء مجتمع الأعمال البحريني، وتعزيز دوره على طريق تلك المسؤولية. لكن تطور الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وعلى وجه الخصوص في الحقبة الممتدة منذ اكتشاف النفط بكميات تجارية في الثلاثينيات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا، وما أدى إليه ذلك من دخول الدولة كطرف مباشر في السوق، على مستوى الملكية الكاملة للنفط، وهو أكبر مصدر للدخل على المستوى الوطني، بما يضع تحت تصرفها سيولة نقدية ضخمة، تؤهلها للتفوق على كل اللاعبين الآخرين في السوق البحرينية.

أسوأ ما في الأمر هو ان تراكم تلك السيولة النقدية التي باتت بحوزة الدولة، المصحوبة بصلاحياتها التسلطية، أغرتها بدخول السوق المحلية كأكبر مستثمر مباشر محلي في الأعمال التجارية والمشروعات الصناعية ذات المردود المالي الكبير.

أدى ذلك في نهاية الأمر إلى تملك الدول فائضا ماليا غزيرا عزز من نزعاتها التسلطية، وجرفها بشكل تدريجي عن دورها كمؤسسة منوط بها التشريع لتسيير آليات تنظيم حركة المجتمع، بما فيه قطاع الأعمال، إلى لاعب قتصادي، بل وحتى تجاري، أساسي في السوق البحرينية. وآلت الأمور إلى ارتداء الدولة قبعتين اقتصاديتين متناقضتين في جوهرهما، وألحقا الضرر بالدور الإقتصادي الجريء الذي كان بوسع التاجر البحريني أن يمارسه: الأولى المانحة للمشروعات الضخمة في البلاد، والثانية المنافسة المباشرة للتاجر البحريني في الكثير من انشطته، بما فيها تلك ذات المردود الاقتصادي المحدود نسبيا بالمعايير الاستثمارية.

كل تلك الصعوبات لا ينبغي ان تعني إطلاقا أن الطريق مسدودة، كي يمارس التاجر البحريني دوره الإقتصادي الجريء الذي يمكن أن يتطور إيجابيا عبر الخطوات التالية:

1.اقتناع التاجر البحريني، وفي أعماقه الداخلية أن الفرصة لم تفت بعد، وان في وسعه أن يستعيد دوره الريادي في المجال الاقتصادي، وربط هذه القناعة، بقدرته وحقه في ممارسة ذلك الدورالمؤثر باستعداده للنضال من أجل انتزاع حقوقه المشروعة عبر نضالات دؤوبة مستمرة وطويلة المدى، نابذا من خلال هذه القناعات أية اوهام، او تصورات غيبية، تقول باستعداد الدولة، طوعا على تقديم التنازلات، التي وإن أقدمت عليها، فمن الطبيعي أن تكون شكلية أو مشوهة، وقصيرة المدى. يتطلب الأمر هنا استعداد المجتمع التجاري، والكلام في هذا المجال يتجاوز الحالات الفردية، إلى تسخير الإمكانات، وبذل الجهود، وتقديم التضحيات من أجل تحقيق هدف رئيسي أساسي، وهو استعادة القطاع التجاري البحريني لسيطرته على السوق البحرينية، بعد إقصاء الدولة منها. يمكن لمن يريد أن يطلق على هذه العملية بعض الصفات النظرية، أن يصفها بما أصبح يعرف بعمليات «الخصخصة»، او إعطاء الريادة للقطاع الخاص.

2.عدم القبول أن يكون هذا التحول من الدور الهامشي إلى الدور المؤثر محصورا في إجراءات مبعثرة هنا أو هناك، توهم من ينظر لها من بعيد بأنها أدت الغرض المطلوب، لكنها في حقيقة الأمر لم تتجاوز الإطار الإجرائي. المطلوب هنا الانتقال من التنفيذ إلى التشريع والتقنين العلمي. إذ لابد أن يصاحب ذلك التحول، الذي ينبغي له أن يكون تحولا سلميا تطوريا، حتى وإن استغرق الأمر فترة زمنية أطول، إطارا تشريعيا يحمي هذا التحول من أية تدخلات قد تلجأ لها الدولة في مراحل لاحقة من أجل استعادة سيطرتها، وتوسيع نطاق مشاركتها المباشرة في الاقتصاد وتقليص من جراء ذلك، الدور الجريء الملائم للتاجر البحريني.

3.تعزيز دور غرفة تجارة وصناعة البحرين الإقتصادي، من خلال انتزاع المزيد من الصلاحيات المجردة منها حاليا، ومن أهمها عدم ربط تجديد السجل التجاري الذي يبيح للتاجر الاستمرار في ممارسة انشطته التجارية بعضويته في الغرفة. ليس هذا إجراء شكليا، بقدر ما هو توثيق العلاقة المصلحية بين قطاع الأعمال البحريني والغرفة. وطالما أن الهدف توثيق تلك العلاقة، فينبغي للغرفة أن تحول هذا الرابط المالي إلى أنشطة استثمارية وخدماتية تقنع التاجر بالجدوى الاقتصادية لهذا الرابط. ينبغي لعضوية الغرفة أن تتخلص من العلاقات الشكلية التي تصل إلى حد الزيف بين العضو والغرفة، وأن تتحول إلى علاقة مصالح مشتركة يتمسك بها التاجر بقدر ما تدافع عنها الغرفة.

4. تحول الغرفة إلى قناة استثمارية، سواء استشارية أو تنفيذية، تفتح امام التاجر البحريني فرصا استثمارية جديدة ليست بالضرورة محصورة في الأسواق البحرينية، وهذا يقود إلى قضية في غاية الأهمية، وهو نزع الغرفة، ومن ورائها التاجر البحريني، الشعور بالنقص المالي او الاستثماري إزاء نظرائهم الخليجيين. فما ان ينضي التاجر البحريني أردية الأقزام، ويرتدي مكانها ما يناسب العمالقة، حتى يجد نفسه مطالبا بامتلاك الجرأة كي يمارس الدور الذي يليق بأولئك العمالقة. وهنا لابد من الإشارة إلى ان اقتصاد المعلومات الإبداعي، يعتمد أساسا على الرأس مال البشري، وليس المالي، وعلى القدرات الإبداعية الجريئة، وليس التقليدية الخاملة، وهي تمد التاجر البحريني بالأمل والقوة لخوض ميادين المنافسة من أجل الفوز فيها، ليس على الصعيد المحلي فحسب، وإنما على الصعيد الإقليمي أيضا

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2620 - السبت 07 نوفمبر 2009م الموافق 20 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً