حادث الخميس حادث مدان، وعمل اجرامي طفولي صبياني لا يمكن القبول به باية صورة من الصور، عمل طائش لا يمكن ابدا إلا أن يدان من كل مواطن غيور على هذا الوطن وسلامة أهله.
وخيرا فعلت - كما عودتنا - مؤسسات المجتمع المدني ورموز المجتمع بالتعبير عن شجبها واستنكارها لمثل هذه الأعمال التي لا تمت إلى المجتمع البحريني بأية صلة. ولعل أبلغ رسالة قدمها أهالي سترة الغيارى على أمنهم ووطنهم هي عندما هبوا جميعا لنجدة رجال الأمن الذين تعرضوا للحادث كما ذكرت صحيفة «الأيام» على لسان الأهالي إذ «هرع الشباب الذين بلغ عددهم 52 شخصا تقريبا للمساهمة في اطفاء الحريق».
وهذا موقف وطني يشكر عليه الأهالي، وهو يدل على تضامنهم مع الأمن، وحبهم للاستقرار إذ ان تعاونهم مع الأمن لنجدة المصابين هو في حد ذاته موقف ادانة لهذا العمل الجبان. ان هذا الموقف الشجاع من الادانة العملية والادانة الكتابية التي عبر عنها نادي وأهالي سترة يذكرنا دائما بمواقفهم المؤازرة لمملكتنا الغالية.
وليس غريبا على الشعب البحريني بطائفتيه الكريمتين ان يقف موقفا وطنيا واحدا ضد هذا العمل اللامسئول فجاءت ردود الفعل كما هي متصورة ومبتغاة لتعكس اجماعا وطنيا رافضا لاي عمل يدعو إلى العنف أو يساهم في خلق الفتنة فقد صرح الشيخ عيسى قاسم قائلا: «الحادث يتبرأ منه كل المؤمنين، وليس من مؤمن لا يتبرأ من هذا الحادث... ان الهجوم لا يمكن ان يلتمس له عذر». وكذلك ادانت الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني. كما صرح نائب رئيس مجلس الشورى عبدالحسين بوحسين في صحيفة «الأيام» بأنه كان «على اتصال بأهالي المنطقة الذين استنكروا هذا العمل الإرهابي الذي لا يمت للعمل السياسي بأية صلة، بل هو عمل اجرامي بحت والوطن بريء منه»، وكذلك صرح الشيخ علي سلمان وبقية العلماء في خطب الجمعة مستنكرين هذا الفعل وكذلك بعض الشخصيات في المجتمع كحسن العالي، ندى حفاظ، عثمان شريف، ومرتضى بدر... الخ.
وهذا يعبر عن موقف وطني واحد... ان خيار العنف مرفوض ولو كان عرضيا أو معزولا، والحادث كان عرضيا ومعزولا فيجب اخذه بحجمه بعيدا عن اي تسييس من قبل أي كاتب أو كاتبة، ويجب ان نستفيد من الاخطاء الماضية.
الكاتبة سوسن الشاعر اختلفت في التحليل، وقالت في عمودها في موقف يتيم: «ما يستحق القلق هو وجود جمهور من المشجعين المصفقين لذلك الحادث يجاهر بتشجيعه ويجاهر بالتصفيق له حتى وان كان باسماء مستعارة»
وسؤالنا لسوسن:
- من اين جئت بهذا الجمهور يا سوسن على رغم الاجماع الوطني الحاصل؟ وكم عدد هذا الجمهور عشرة... ألف... مليون؟ وما اسماؤهم؟ ومن أي مجتمع؟ ومن أية قرية وأية دولة؟ هل هم في البحرين أم في المريخ؟ وفي أي مكان؟ أنت الوحيدة التي فزت بسبق صحافي في سماع تصفيقهم؟
البحرين عن بكرة ابيها خرجت وصرخت رافضة الحادث، والصحافة عكست ذلك، وكذلك الاعلام حتى أهالي المنطقة هرعوا لنجدة المصابين وعلى رغم ذلك خرجت علينا يا سوسن لتقولي: «ان هناك جمهورا صفق وشجع و!!!» لماذا يا ترى خلط الأمور؟ تقولين: «لا يمكننا تجاهل وجود مشجعين للحادث تحت ذريعة الرغبة في الانضمام إلى السلك العسكري أو البطالة...» وهذا يعد خلطا للأمور فما دخل الحادث بمطلب وطني اجماعي، فمطلب حل البطالة مطلب دستوري حقوقي وطني انساني ادبي محل اجماع، ولذلك ينبغي عدم خلط الأوراق.
إذا ما يجب علينا فعله هو ترسيخ ثقافة السلم والتسامح، ونبذ أية نزعة تطرفية تجنح للعنف وعلى جميع المستويات، وهذا ما يوصي به دائما علماء الشعب ورموزه ومؤسساته المجتمعية فنعمة الأمن يجب ألا نفرط فيها، ويجب ان ندين أي عمل يسيء الى سمعة مملكتنا. وما استنكار الشارع البحريني بقراه ومدنه إلا دليل على ذلك، فالجمهور صفق للإصلاح ومشروعه حتى تترسخ العدالة الاجتماعية.
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 394 - السبت 04 أكتوبر 2003م الموافق 08 شعبان 1424هـ