لازال المرء يتذكر كلام الناشط السياسي عبدالوهاب حسين في أوج الحوادث ضراوة، وفي وقت كان الناس موتورين، ومخاطبتهم تعادل في صعوبتها حجم التوتر الذي يعيشونه، في وقت كانت العاطفة حاكمة بشكل كبير، كان يقولها بكل صراحة «سأمنع خروج المظاهرات، وفي وجهة نظري أن الخيار السلمي أقدر على الحل»، إذ أن هذا الخيار بامتياز خيار القوى الوطنية كافة على اختلاف أطيافها ومواقفها سابقا ولاحقا، ولا تحكيم لأي عامل في الساحة السياسية غير هذا العامل.
من كل هذا نفهم، أن حادث سترة الذي تعرضت فيه حافلة الشرطة إلى اعتداء بقنابل «المولوتوف» هو حادث مدان بكل المستويات، سواء حصل في هذه الفترة، أو حتى في فترة حوادث التسعينات، فالخيار السلمي خيار استراتيجي لاستشراف مساحة الوطن، وتغطية النواقص فيها بكل هدوء وعقلانية، في حين يبق خيار العنف ضبابيا ظلاميا أيا كانت مبرراته، خصوصا وأننا نرى ما يجره العنف من ويلات في مناطق أخرى من العالم.
وهذه دعوة صادقة لأخذ العبرة من حوادث شارع المعارض، وعدم تحميل أطراف آمنت برسالة الإصلاح في الوطن مسئولية ما يجري كما عودتنا بعض الأقلام، لأنها كانت تُنكِر أي توجه سلبي إبان حركة العواطف والمشاعر وسط الشارع، فما بالها اليوم تسكت عنه، وهي على رده أقدر من أي وقت آخر، وهنا ينبغي عدم الخلط بين تبني مواقف سياسية، والذهاب بها أقصى اليمين وأقصى اليسار في إطارها السلمي، وبين سلامة أمن الوطن، فالأول حق مشروع يكفله حق التعارض والاختلاف، والثاني محذور كبير لا يمكن لأي عاقل القبول به.
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 393 - الجمعة 03 أكتوبر 2003م الموافق 07 شعبان 1424هـ