العدد 2324 - الخميس 15 يناير 2009م الموافق 18 محرم 1430هـ

مفارقات الزمن العربي الذليل

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

العدوان الإسرائيلي على غزة أكمل أسبوعه الثالث ومازلنا نتجادل: هل نعقد القمة أم لا!

عدد الشهداء تجاوز الألف، والجرحى الخمسة آلاف، وزعماؤنا حتى الآن يتشاورون: هل نجتمع في الدوحة من أجل غزة، أم في الكويت من أجل قيام السوق العربية الموحّدة!

نرفض عقد قمة عربية طارئة منذ ثلاثة أسابيع بحجة أنه يجب الإعداد لها إعدادا جيدا، ولكننا ندعو لقمة خليجية طارئة من أجل غزّة نفسها خلال 24 ساعة!

بعض المشايخ كانوا ينهون الناس عن الدعاء لشباب المقاومة الإسلامية في لبنان التي تصدّت للعدوان الصهيوني لئلا يقعوا في المنكر! واليوم ينهون عن مظاهرات التضامن مع المجاهدين في غزّة لئلا تصدهم عن ذكر الله! أما فضائيات النفط العربية التي تعلّم الشباب على الرقص والميوعة فهي ممّا يقرب بين المرء وربه!

العرب اجتمعوا في بيروت قبل خمس سنوات وقدّموا المبادرة العربية لـ»إسرائيل» هدية سخية: الأرض -أو ما تبقى من أرض- مقابل التطبيع الجماعي! فقابلها شارون بحصار عرفات في مقر إقامته حتى منع عنه الماء والكهرباء، وزعل عليه الحكّام العرب وقاطعوه لتعنته! ولم يتصل به إلا عمرو موسى مرة واحدة فقط خلال سنة ونصف السنة! واليوم تحاصر «إسرائيل» مليون ونصف المليون، في قفص صغير من الأرض اسمه غزة، بمباركة بعضنا الذي همس لساركوزي بأن حماس يجب ألاّ تنتصر مهما كلف الأمر!

غزّة تحترق تحت قنابل الفوسفور، ومحمد دحلان يصرّح في عاصمة أوروبية بأنه مسرورٌ جدا لما يجري في غزة. وفي وقتٍ نزلت شعوب العالم إلى الشوارع للمطالبة بمحاكمة قادة «إسرائيل» كمجرمي حرب، يرفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تقديم دعوى بهذا الخصوص!

وبينما نصف الشعوب العربية نزلت إلى الشوارع وطالبت باستمرار المقاطعة وإيقاف التطبيع، ونصفها الآخر طالب بطرد السفراء الصهاينة من العواصم العربية المطبّعة، نرى الاستجابة تأتي من رئيس غير عربي، في بلد بعيد اسمه فنزويلا في أميركا اللاتينية؛ ومن رئيس آخر من الهنود الحمر يجمع السلك الدبلوماسي في بلاده (بوليفيا) ويعلن أمامهم طرد السفير الإسرائيلي الذي كان حاضرا أمامه!

في تفجيرات مومباي الهندية، كانت بعض الصحف العربية تنشر كل الصور التي تفضح فظاعة التفجيرات الإرهابية، بما فيها من أشلاء وأعضاء مقطّعة، بينما تتحفّظ على نشر صور أشلاء الفلسطينيين لئلا تحتج عليها «إسرائيل» وتتهمها بإثارة المشاعر ضد عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي!

البرلمان التركي أعلن حلّ اللجنة البرلمانية المشتركة مع «إسرائيل»، بينما يحرص بعض المطبّعين العرب على استمرار العلاقات على أعلى مستوى، من أجل ألاّ يموت الفلسطينيون جوعا تحت الحصار، الذي ساهموا في إحكامه بكل إخلاص! وهو ما دعا الشاعر المصري فؤاد نجم ليصرخ في قصيدته الأخيرة «شلال الغزاوية» قائلا:

يــــــــــا حـبـــابـــــــــي يالغـــــــزاويـــــــــة ياوجع الأمة العربية.

لا إنــتــو حمــــــاس ولا عـــــــــــــباس فلسطين هي القضية.

والآخــــر خانـــــــوا وبــــــاعـــــونـــــــا للسمسار والصهيونية.

نجم الذي اختارته الأمم المتحدة سفيرا للفقراء العرب، دعا حماس إلى رفض المبادرة المصرية بوصفها «جزءا من المشروع الأميركي الصهيوني ومخططا لإعدام القضية الفلسطينية»... في لحظةٍ بالغة الكآبة على قلوب الملايين

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2324 - الخميس 15 يناير 2009م الموافق 18 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً