الاجتماع الأسبوعي بين الوزراء والصحافة (الخامس عشر حتى يوم امس) طرح يوم امس موضوع «حماية المستهلك». وهو موضوع مهم ويتطلب وعيا من المستهلك أولا، ورعاية وانظمة وضوابط الهيئات الرسمية ثانيا.
وزير التجارة علي الصالح اشار إلى أن البحرين اثبتت نجاحها في السنوات الاخيرة، واصبحت هدفا للمتسوقين الخليجيين بدلا من العكس عندما كان البحريني يذهب إلى الدول المجاورة للتسوق. بل ان هناك بضائع لا تتوافر بالجودة والسعر المناسبين إلا في البحرين. ومن تلك البضائع المجوهرات والاحجار الثمينة اذ يقصد المعرض السنوي اناس كثيرون من داخل وخارج البحرين وخارجها.
غير أن حماية المستهلك تتطلب وعي المستهلك، كما اشار إلى ذلك مسئولو وزارة التجارة. ففي رمضان مثلا يشتري المواطن اربعة اضعاف ما يشتريه في الاشهر العادية على رغم انه لا يأكل كل ما يشتريه. والمواطن يذهب إلى احد المحلات لشراء حاجة واحدة ويخرج بحاجات كثيرة من دون ان يكتب مقدما ماذا يريد شراءه من المحل كما يفعل الآخرون في البلدان المتقدمة اقتصاديا. غير أن الجانب الآخر هو الانظمة والضوابط، اذ اشار الوكيل المساعد لحماية المستهلك احمد بوبشيت إلى ان المواصفات الخليجية بلغ عددها قرابة الـ 0431، وقليل منها الزامي، بينما الدول الاخرى لديها عشرات الآلاف من المواصفات لكل سلعة معروضة في السوق.
طريقة حفظ الجودة بحسب المواصفات ليست بالامر السهل، ولكن من دونها لا تتطور السوق كما ينبغي. واوروبا خير مثال على ذلك، فالسوق الاوروبية المشتركة تأسست في العام 7591 ولكنها في العام 6891 قررت توحيد المواصفات للسلع، وابتكرت حينها اشارة التطابق مع المواصفات الاوروبية (CE). وبسبب هذه الخطوة تحولت «السوق الاوروبية» إلى «المجموعة الاوروبية»، ولاحقا إلى «الاتحاد الاوروبي». ذلك أن اشارة التطابق (CE) كانت هي محور «توحيد» السوق بدلا من كونها «مشتركة» سابقا.
ولكن اشارة التطابق لها انظمة متطورة لوضع المواصفات ومن ثم اعتمادها، وبعد ذلك قيام الدول الاوروبية بتفتيش المصانع وفحص المنتجات قبل ان يتمكن احد المنتجين من وضع الاشارة. وحين توضع الاشارة فإن السلعة تتجول في كل البلدان الاوروبية من دون ان تتمكن اية دولة اوروبية من منعها. وحتى فرنسا وايطاليا المعروفتين باساليبهما المتطورة لمنع المنتجات غير الوطنية لم تتمكنا من فعل ذلك بعد تطبيق الانظمة الاوروبية الموحدة، وسوقهما استفادتا على عكس ما كان بعض مسئوليهما يتصورون.
ومن خلال الحديث مع مسئولي وزارة التجارة لا يبدو اننا في دول مجلس التعاون نستطيع القيام بما قامت الدول الاوروبية في العام 6891 لاسباب عدة، منها عدم وجود الخبرات الكافية لفهم وتنفيذ مثل هذه الضوابط. ونحن لا نستطيع ان نقبل كل شيء موافق للمواصفات الاوروبية او الاميركية (التي لها اشارات خاصة بها ايضا) او اليابانية، لان بعض المواصفات لها علاقة بالبنية التحتية وبالطقس وغيرها. فما هو مقبول في السويد قد لا تصلح للبحرين حتى لو حملت الاشارة التطابقية، لان طقسنا يختلف ولان متطلبات البنية التحتية تختلف.
لقد بدأنا في مجلس التعاون (منذ مطلع العام) في الاتحاد الجمركي وهو ما كان قد بدأه الاوروبيون قبل نصف قرن، وعلينا ان نفكر في الخطوة اللاحقة لذلك وليس الانتظار عقودا من الزمن، وهذا شأن محلي وخليجي مشترك. فمن دون مواصفات تحمي المستهلك وتضمن سلامة الناس عند استخدامها، وتضمن حرية تنقلها من دون حواجز اصطناعية لا يمكننا تحقيق سوق متطورة ونامية.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 390 - الثلثاء 30 سبتمبر 2003م الموافق 04 شعبان 1424هـ