يشكل المجلس النيابي الحالي خليطا من أطياف نيابية ينحدر بعضها من عمق انتخابي شكَّله نظام المصالح والامتيازات التي لديه، نتيجة إمكاناته السابقة وتوظيفها في تنمية نفوذه وتقوية امتداده الشعبي وسط الجماهير، فيما العمق الآخر عمق منحسر على رغم كونه منحدرا من عمق انتخابي واسع جدا، فإنه بقي خارج المجلس، واحتفظ بنفوذه وقواعده خارج المجلس أيضا.
اللافت في الأمر، أن كلا الصنفين هما خاضعان بامتياز لتداعيات العملية الانتخابية ونتائجها المرجوة على كل حالة، وعلى التجربة ككل، والماسك بأسباب هذا التداعي هي السلطة التنفيذية وفق التراتبية في القدرة على الفعل وتحريك التجربة أو إضعافها. غير أن إضعاف التجربة أو تقويتها ككل، سيؤثر تحديدا على نفوذ كلا الصنفين داخل العمق الانتخابي المحدد سلفا بأنظمة امتيازاته، أو بالنفوذ التاريخي الذي أطرته أنظمة الامتياز أو المواقف التاريخية والنضالية. والتأكيد هنا أن التداعي سيكون تداعيا انتخابيا صرفا لا يخضع لأنظمة الامتيازات، لأن كلا الصنفين قَبِلَ بالدخول في التجربة وتحمِّل نتائجها. مفصل العملية الانتخابية ثنائية متنافرة، تتعلق الأولى بالإشكالات العالقة منذ زمن، والمتعلقة بخلق أنموذج مواطنة متكافئ قائم على الحقوق والواجبات، وتأسيس نظام سياسي قائم على التوافق عليه، والثانية هي البعد الخدماتي في دائرته الخاصة والمحدودة والضيقة، بغية لملمة الأصوات الانتخابية هنا وهناك، والسؤال: هل يتم تعويض الحالة الأولى بالحالة الثانية؟ وإلى أي مدى سيؤثر ذلك على العمق الانتخابي ونظرته إلى المعادلات القائمة في ظل صراع هاتين الثنائيتين؟ هذا ما ستحدده ثلاثة أنماط خارجة عن الإطار، المتربصون لاقتحام التجربة، والزاهدون فيها، والجمهور الذي هو المنظومة الأكبر لتطبيق المصالح والامتيازات، ليبقى الاستثمار - إن وجد - سيد الموقف، ويبقى الرصد هو المحدد الأكبر للبوصلة السياسية
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 389 - الإثنين 29 سبتمبر 2003م الموافق 03 شعبان 1424هـ