العدد 389 - الإثنين 29 سبتمبر 2003م الموافق 03 شعبان 1424هـ

الأوقاف: حمل كبير ومسئوليات جسيمة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

منذ أن نشرت «الوسط» المقابلة التي أجريت مع المدير السابق لإدارة الاوقاف الجعفرية» علي الحداد في أغسطس/ آب الماضي لم يتوقف الحديث في الشارع عمَّا آلت إليه أوضاع الأوقاف والمسئوليات الجسام الملقاة على عاتق من تمّ تعيينهم لإدارة الأوقاف.

الأوقاف الجعفرية تختلف عن الاوقاف السنية في كثير من الأمور التي تجعل الاولى أكثر تعقيدا. فالأوقاف الجعفرية بدأت في العام 7291 عبر تسجيل اراضي الأوقاف. إذ قام المرحوم السيدعدنان الموسوي بعمل كبير وبمستوى عالٍ جدا من التوثيق من خلال تسجيل أراضي الاوقاف في سجل ضخم من عدة مجلدات تطلق عليه إدارة الأوقاف «سجل السيد عدنان».

غير أن «سجل السيد عدنان» لم تعترف به الجهات الرسمية منذ البدء به، وبقيت مئات الأراضي من دون تسجيل منذ ذلك الحين. وبعد محاولات كثيرة وتدخل من جلالة الملك تم تسجيل 002 أرض/ملك للأوقاف، ولكن هناك أكثر من 006 أرض لم تعترف الجهات الرسمية لحد الآن بها. وكلما حاولت إدارة الاوقاف تسجيلها تطلب المحاكم اولا وقبل كل شيء إحضار «الواقف» الذي توفي قبل مئة سنة. وفيما لو استطاعت الاوقاف - عبر معجزة إلهية - إعادة الميت إلى الحياة وجلبه إلى المحاكم ليشهد بأنه صاحب الأرض وقد أوقفها، فإن المحكمة ستطلب منه ان يحضر وثيقة الملكية. وبما أن البحرين قبل العام 7291 لم تكن بها إدارة حديثة، أ و أوراق، أو وثائق تستخدم في هذا المضمون فإن الميت الذي سيبعث حيا سيكون عاجزا عن ذلك، وستستمر المحاكم في رفض تسجيل مئات الأراضي.

المشكلات متعددة ومعقدة، وإذا أضفنا إلى ذلك أن الناس «اعتادوا» على عدم الثقة بالمسئولين عن الأوقاف بسبب انتشار أحاديث كثيرة عن هذا الشخص أو ذاك، فإن المخلص الذي يحاول اصلاح الوضع أمامه مصاعب جمة.

إن الإصلاح يبدأ في تصحيح الجانب الرسمي لتمكين إدارة الأوقاف من تسجيل الأراضي والممتلكات الموقوفة. ويتطلب الإصلاح النظر في كيفية تشكيل مجلس الإدارة واخضاعها لضوابط معلنة وأن تكون مقبولة شرعيا وديمقراطيا. وان اي شخص عليه ولو شبهة واحدة يجب ابعاده عن هذا المنصب الحساس.

فقد ورد أن الإمام علي (ع) «حمى حديدة» وسلمها إلى اخيه عقيل عندما طلب الأخير زيادة من بيت المال، وعندما أحس عقيل بحرارة «الحديد المتوهج بالنار» وجذب يده بسرعة قال له الإمام علي (ع) - ما معناه - اذا كنت لا ترضى ان تمسك بهذه القطعة المتوهجة، فكيف ترضى لي بذلك يوم القيامة لو سلمتك شيئا من بيت المال.

الأوقاف وممتلكاتها جزء من بيت مال المسلمين ولا يجوز تسليط أي شخص عليها ليس أهلا لتحمل مسئوليتها، أو ان سيرته غير محمودة، أو انه غير مؤهل لمتطلبات. الادارة الحديثة للمال والممتلكات والاستثمارات.

والاصلاح يتطلب أن تنفتح الأوقاف على المجتمع كما انفتحت دوائر أخرى على المجتمع. فمجلس المناقصات يعقد اجتماعا أسبوعيا يحضره من يشاء لمشاهدة كيفية فتح العطاءات للمناقصات الحكومية وللتأكد أن العقود لا تعطى على أساس المحسوبية أو المنسوبية. والوزراء يجتمعون مع الصحافة كل أسبوع للإجابة على الاسئلة المطروحة في المجالات المختلفة، ومن خلال هذه الأنشطة يتمُّ تعزيز الشفافية.

وهذه هي بداية الطريق لإصلاح الأمور: إصلاح العلاقة الرسمية مع الأوقاف، وإصلاح وتطوير الكوادر القائمة على إدارة الأوقاف، وإصلاح العلاقة بين الادارة والناس بصورة عامة. ومع النيات الصادقة ووجود المخلصين، فإن مثل هذا الإصلاح ليس مستحيلا.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 389 - الإثنين 29 سبتمبر 2003م الموافق 03 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً