مازالت معالم سواحل البحرين ملونة وملطخة بيد المتنفذين من جهة وبيد عدم تطبيق القوانين التي تحميها من جهة أخرى، العديد من المشاريع الساحلية لم تطبق إلى الآن فهي لم تر النور ومازالت معلقة في عنق السلطات التي لم تحدد مصيرها إلى الآن.
هناك ما يقارب 3 كيلومترات من السواحل وهي الحدود التي تعتبر ليست خاصة إلى المتنفذين إلا أن هذه المساحة بدأت تتقلص وخصوصا أن المخطط الهيكلي للبحرين للعام 2030 لم ينفذ على الواقع إلى الآن إلى جانب أن المتنفذين بدأوا يسيطرون على السواحل بشراء الأراضي أو عن طريق وهب الأراضي ما جعل المواطنين يعيشون بضيق فالمساحة الترفيهية قد حددت ومساكنهم في الوقت ذاته قد حددت حتى بات من الصعب عليهم التحرك، فكل شيء مملوك وكل شي محدود.
ومن هذا المنطلق أكد رئيس مجلس بلدي الشمالية يوسف البوري في حديث لـ»الوسط» بأن البحرين كبلد ساحلي تفتقر إلى السواحل، مشيرا إلى أن هذه هي المفارقة التي تتمتع بها البحرين باعتبارها جزيرة ساحلية خالية من السواحل.
وقال البوري: «إن العديد من المشاريع الساحلية لم ترَ النور بسبب غياب الموازنة وعدم وجود مصدر تمويل (...) إن هناك العديد من المشاريع التي لا تستطيع المجالس البلدية تحمّل تكلفتها ونحن لا نعول على المجالس البلدية وخصوصا أن الأخيرة لا تتلقى دعما من الدولة (...) إن المشكلة الأساسية موجودة في الموازنة إذ إن الأخيرة لا تكفي إلى البرامج والمشاريع التي يتم تبنيها».
وأضاف «إننا في الواقع نفتقر إلى الشفافية، فغالبا ما نروج إلى مشاريع من دون تخصيص موازنة لهذه المشاريع (...) إن هناك الكثير من المشاريع التي يرحب بها المواطن والتي غالبا ما يفاجأ بعد ذلك بأن المشروع لن يتحقق والسبب عدم وجود موازنة».
وأوضح البوري أن هناك العديد من القرى التي تقع على البحار إلا أن الأهالي غير مستفيدين منها وذلك بسبب المتنفذين وهذا ما يجعله سببا آخر في افتقار البحرين إلى السواحل.
مشروع ساحل جلالة الملك قيد التنفيذ
وقال البوري «إن الساحل الذي جاء بناء على توجيهات الملك قبل عام والذي قدر طوله بخمسة كيلومترات مازال قيد التنفيذ وخصوصا أن قانون الاستملاك مازال في عنق الشورى من جهة، إلى جانب أن الموازنة لم تخصص له إلى الآن».
وأردف البوري أن جميع أعضاء المجالس البلدية ثمنوا توجيهات الملك وخصوصا أن هذا المشروع سيخلق قرى ساحلية على امتداد 8 قرى من الجانب الشمالي، وأضاف أنه «على رغم الفرحة التي غمرت الأغلبية بهذا المشروع إلا أن ضعف التمويل وكثرة الأراضي الخاضعة إلى الاستملاك كانا سببا في توقف تنفيذ هذا المشروع».
ساحل المدينة الشمالية بلا موازنة
وذكر البوري أن أغلبية المشاريع الساحلية لا تنفذ ومنها مشروع ساحل باربار، مبينا أنه من الضروري تبني مشروع ساحل باربار.
ولفت البوري إلى أن ساحل أبوصبح مازال وقف التنفيذ على رغم أن التصاميم مازالت جاهزة والسبب كله يعود إلى الموازنة مرة أخرى.
وأشار البوري إلى أن ساحل المدينة الشمالية بدون موازنة، متسائلا كيف سيتم تنفيذ هذا الساحل وهل ستتحمل وزارة الأشغال المسئولية أم وزارة البلديات أم وزارة الإسكان؟ فالإجابة مازالت مغيبة ومجهولة.
وأكد البوري أن المجالس البلدية بحاجة إلى تفاصيل بشأن من سيدفع تكاليف المشاريع الساحلية.
وبشأن ساحل المالكية كمشروع ساحلي مرتبط بمشروع تطوير المالكية نوه البوري إلى أن هذا المشروع متوقف إذ إنه مازال في عهدة الديوان الملكي على رغم أن هذا المشروع قطع شوطا كبيرا إلا أنه بسبب غياب الموازنة فإن المشروع متوقف.
الأملاك الخاصة عقبة
أمام إقامة المشاريع الساحلية
وعلى صعيد متصل، رأى البوري أن الأملاك الخاصة تشكل عقبة كبرى أمام إقامة المشاريع الساحلية، مبينا أنه من الصعب إقامة شريط ساحلي بين الهملة وصدد على سبيل المثال وذلك بسبب الأملاك الخاصة الموجودة التي أحالت دون إقامة الشريط الساحلي، متسائلا عن الكيفية التي أعطيت بها الأراضي والسواحل إلى المتنفذين في الوقت الذي حُرم فيه المواطن العادي من قضاء وقته.
وأردف البوري أن بعض الأملاك موجودة داخل البحر وهذا ما تتجلى ملامحه بشكل واضح في كل من قرية دمستان وكرزكان على رغم أن أهالي هاتين المنطقتين طالبوا بصفة مستمرة بضرورة إيجاد سواحل لهم.
وتابع البوري «إنه على رغم حالة اليأس التي أصابت أغلبية المواطنين إلا أننا كمجالس بلدية مازلنا نساير حلم الأهالي الذين يحلمون بالحصول على ساحل يقضون فيه أوقاتهم».
بحلول إطلالة 2009
ستكون قضية السواحل عامة
وأفاد البوري بأن في العام 2009 يجب النظر إلى مسألة السواحل أنها قضية عامة وخصوصا أن المخطط الهيكلي الذي وضع للعام 2030 لم ينفذ إلى الآن.
وعلق البوري قائلا: «إننا نسعى إلى تنفيذ المخطط التفصيلي آملين أن يكون قد وضع في عين الاعتبار المخطط العام والملاحظات التي أبدتها المجالس البلدية مسبقا بشأن ضرورة وجود الخدمات وإقامة المشاريع في مختلف مناطق البحرين على ضرورة أن تكون هناك سواحل وذلك بسبب افتقار البحرين إلى السواحل»، وأكمل البوري «إن المدة الماضية أثرت علينا ونحن في سباق مع الزمن ونتطلع إلى الإنجاز على أن يكون المواطن شريكا في جميع القرارات».
المعطيات الحالية
تشير إلى إقامة السواحل
من جهته أفاد نائب رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة حسن الدوسري بأن المخطط الهيكلي مازال يتم دراسته، مبينا بأن المعطيات تشير إلى أن هناك توجهات إلى إقامة المشاريع الساحلية.
وقال الدوسري: «إن إقامة ساحل الشمالية الذي يربط عدة قرى والذي أمر به الملك من المشاريع التي من المتوقع إقامتها إلى جانب أن هناك عدة توجهات لإقامة السواحل في الجزر الشمالية. وأكد الدوسري أنه كسلطة تشريعية هناك بعض المقترحات لإقامة السواحل إلى جانب أن هناك مقترحا بشأن أن المشاريع الخاصة التي تقام يجب أن تترك منها مساحة إلى الناس عامة. وأوضح الدوسري أنه خلال الأعوام الخمس المقبلة ستظهر عدة مشاريع إلى النور.
المخطط التفصيلي:
سواحل عامة بنسبة 50
والجدير بالذكر أن المخططات التفصيلية للأراضي والمتعلقة بالمخطط الهيكلي الاستراتيجي للبحرين سيشتمل على جميع القطاعات الصناعية والإسكانية والنفط وامتدادات القرى والجزر الإسكانية، إلى جانب توفير سواحل عامة للمواطنين بنسبة 50 في المئة بدلا عن 3 في المئة حاليا، إضافة إلى أن المخطط خصص شريطا ساحليا يمتد من كورنيش الملك فيصل إلى كورنيش الفاتح بمساحة قدرها 40 كيلومترا.
كما يتضمن المخطط إنشاء منتزه عام في كل محافظة، وتجميل المناطق والحفاظ على الرقعة الزراعية، وجعل المنطقة الوسطى امتدادا للمصانع من الجانب الشرقي مع مراعاة الجوانب البيئية.
أكد رئيس نقابة الصيادين حسين المغني أن نسبة الصيد انخفضت بمعدل 80 في المئة، مشيرا إلى أن نسبة صيد الأسماك خلال هذه الفترة قليلة بسبب عمليات الدفان.
وأوضح المغني أن نسبة تدمير البحر أصبحت 70 في المئة حيث إن قيعان البحر دمرت جراء عملية الحفر والطين الذي غطى عليها جراء عمليات الدفان.
ونوه المغني بأن بحر سترة وبالتحديد بالقرب من فشت العظم هناك حفارة ضخمة دمرت البحر، مضيفا أن «سواحل البحرين دمرت بسبب عمليات الدفان وستدمر بشكل أكبر خلال الأعوام المقبلة».
وتوقع المغني أنه إذا استمر الحفر فإن أغلب الفشوت ستنتهي، قائلا: «إن أغلب الفشوت ستنتهي والدليل على ذلك فشت العظم الذي بدأت مساحته تتقلص جراء استمرار الحفر الأمر الذي أثر على الطراريد (...) إن مشكلة تأثير الدفان على الطراريد لم تتوقف عند السنابس فإن جميع السواحل تعاني من المشكلة نفسها». وذكر المغني أن مشكلة الدفان لم تؤثر على المصائد فقط بل إنها بدأت تؤثر على القوارب حيث إن الصيادين حاليا أصبحوا من دون ملجأ في الوقت الذي كانوا يشكون في السابق من عدم وجود ملجأ للأسماك بسبب عمليات الدفان. ورأى المغني أن قانون النوخذة البحريني ليس الحل الآن إنما الحل يكمن في تقليص عدد السفن وتعويض أصحابها، مردفا بأن هناك نسبة كبيرة من الأموال التي خصصت من المشاريع التي أقامتها الشركات والتي دفعت من نسبة أرباح من قيمة هذه المشاريع وذلك من أجل تعويض الصيادين والحفاظ على البيئة.
وبيّن المغني أن هناك ما يقارب 160 مليون دينار خصصتها إحدى الشركات من أجل تعويض الصيادين في الوقت الذي لم يعوض فيه إلا نسبة قليلة من الصيادين حتى الآن.
وأفاد المغني بأن ما يحدث حاليا من قلة الأسماك واستمرار الدفان حذر منه الصيادون مسبقا إلا أنه نتيجة الإهمال وعدم الاكتراث بأهم ثروة بعد النفط كانا سببا في تدمير سواحل البحرين.
من جانبه أكد نائب رئيس جمعية البحرين للبيئة سعيد منصور أن البيئيين حذروا مسبقا من عمليات الدفان وذلك قبل عامين عندما تم البدء في دفان المدينة الشمالية إلا أنه تم التحذير مسبقا من عمليات الدفان عندما تم دفن منطقة المحرق.
وذكر منصور أن المشكلة الأساسية هي أنه تم الاستمرار في عمليات الدفان ما أدى إلى استنزاف الثروة البحرية، مضيفا أن «مضار عمليات الدفان أكثر من أرباح المستثمرين لأنه بمجرد تدمير الثروات البحرية فإنه لا يمكن تعويضها، فالمتر الواحد من البحر وما يحتويه من أحياء وغيرها لا يمكن تعويضها حتى لو حاولنا التقليل من أضرار الدفان».
وشدد منصور على أنه من الضروري على القائمين بعمليات الدفان والمسئولين عن الثروة البحرية توقيف هذه العمليات لأن استمرار الوضع على ما هو عليه يعني خسران البحرين أهم ثرواتها.
واعتبر منصور أن المشكلة مازالت في بدايتها إلا أنها على رغم ذلك فإن المشكلة باتت تزداد وخصوصا في ظل الإصرار على منهج التدمير وردم المناطق البحرية من دون وجود دراسة عن الآثار السلبية التي ستنعك
العدد 2324 - الخميس 15 يناير 2009م الموافق 18 محرم 1430هـ