قد يكون دور الانعقاد الثاني لمجلس النواب، جزءا من فرز التوازنات السياسية داخل المجلس النيابي وخارجه، واختبار الأدوات السياسية والدستورية التي يمتلكها كل طرف بما فيها الطرف الرسمي. فالانعقاد الثاني سيشهد في دورته المقبلة أكثر من مقترح بقانون في قضايا مهمة مثل الأحزاب وضم ديوان الرقابة إلى المجلس النيابي وتجريم التمييز وغيرها من القوانين، كما أنه سيفرز بعض رهانات النواب على المقترحات برغبة، التي أمطروا الحكومة بها بكثرة في دور الانعقاد الأول. الأهم من كل هذا الفرز، هو طبيعة المعادلات السياسية التي ستبرز جراء المقترحات بقوانين التي سيتقدم بها النواب، وأهمها فرز القوى والتيارات داخل المجلس وتصنيفها وحجم قوتها، ومدى تعاطيها مع القوانين الحساسة التي تشكل نمطا سياسيا للحياة السياسية برمتها، فقد تفرز التجربة أن الكثير من المقترحات بقانون لا تمر حتى عبر المجلس النيابي، بالنظر إلى قناعات الكثير من القوى السياسية وخطها العام، في فهم أنظمة المصالح وما يصلح وما لا يصلح للبلد. يبقى أن الفارق الأساسي في حركة التجربة البرلمانية، هو تتبع حركة القوانين - على فرضية مرورها من المجلس النيابي - وهي تدخل في غرفة الشورى لغربلتها، ثم تدخل عالم القوننة بمرورها بالسلطة التنفيذية، ثم تمر هكذا دواليك من جديد بالغرفتين حتى صدورها كقانون. هذه التجربة إذا أريد لها ان تكون بكل حلقاتها وتجاذباتها، بعيدا عن بعض المعادلات التي تعوق دورانها بهذه الصورة، ستفرز بكل تأكيد قناعات جديدة سواء بالسلب أو بالإيجاب تجاه التجربة، وتلغي الكثير من المعادلات النائمة شرط اكتمال الدائرة، وإلا فإن السلب سيكون أقوى من الإيجاب، لأن مقومات السلب جاءت هذه المرة من داخل المجلس
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 388 - الأحد 28 سبتمبر 2003م الموافق 02 شعبان 1424هـ