العدد 388 - الأحد 28 سبتمبر 2003م الموافق 02 شعبان 1424هـ

خطوات نحو محاربة التشدد

علي ربيع comments [at] alwasatnews.com

هدية المتشددين في ذكرى تأسيس المملكة العربية السعودية، عملية احتجاز رهائن في مستشفى جيزان جنوب السعودية، لقي على إثرها شرطي حتفه وأصيب أربعة آخرون، وقتل ثلاثة مهاجمين واستسلم اثنان منهم، بحسب الرواية الرسمية. التطرف بلغ أقصى درجاته.

هذا الغلو ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة تراكمات عشرات السنين من التنظير الفكري المتطرف واقصاء الآخر، وقد تنبهت الحكومة السعودية إلى هذا الخطر.

بدأت الحكومة «محاربة الارهاب» بحملة توعوية من خلال الصحف المحلية تحدث فيها علماء سعوديون عن موضوعات حساسة، كالتكفير والتعامل مع المخالف، وفقه الاختلاف. ثم تسارعت هذه الحملة مع تسارع ضربات المتطرفين، وظهرت ملامح التغيرات في الرسالة التي بعث بها أكاديمون ومثقفون سعوديون إلى ولي العهد السعودي، طالبوا فيها بضرورة الاسراع في عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي، ثم تبعت هذه برسالة اخرى لمثقفين واكاديميين شيعة، شددوا فيها على ضرورة احترام المذاهب الاسلامية. وفق ما يسمح به القانون الذي يجب ان يقوم على المواطنة، وصولا إلى الحوار المفتوح الذي شمل برعاية من ولي العهد السعودي، وضم نخبا من التوجهات كافة.

وظهرت ضرورة معالجة البناء الفكري للشباب، فتمت معالجة هذا بإجراء بعض التعديلات على المناهج الدراسية لمختلف المراحل العمرية. وأثارت هذه التعديلات جدلا واسعا، حتى عندما كان النقاش يدور حول ضرورة أو عدم ضرورة إجرائها.

وأصدر عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان فتوى غير رسمية - اي ليست عن طريق هيئة كبار العلماء - شدد فيها على حرمة اجراء مثل هذه التعديلات قائلا: «ولا يجوز التغيير في الكتب المؤلفة القديمة بحذف شيء او زيادة او شطب شيء او تقديم او تأخير» واضاف في بيانه «ان ذلك خيانة للأمانة العلمية وهو من جنس تحريف اهل الكتاب لكتبهم». لكن الحكومة لم تلتفت للأصوات المعارضة، فبدأت باجراء بعض التعديلات على المناهج منها كتاب مرحلة الخامس ابتدائي، عبر حذف بعض العبارات. ولحقت التغييرات كتبا من مختلف المراحل الدراسية. ولكنها تركزت على المرحلة الابتدائية، في اعتبارها المرحلة البنائية الاساسية للتلاميذ وقاعدة بياناتهم المستقبلية.

ولكن، هل هذه الخطوات قادرة على الحد من الفكر المتشدد؟

هذه الافكار تم تداولها على مدى السنين، وترسخت في عقول كثير من الشباب. وتتالت الاجيال وهي تحمل فكرا أبعد ما يكون عن سماحة الاسلام ومنطق حجته. والتعامل مع هذا الفكر لا يتم بخطوات تخديرية، بل ترسيخ مفاهيم جديدة كليا، كما صرح مرارا الكاتب السعودي تركي الحمد.

ما يحتاج إليه المجتمع اليوم، هو ثورة في المفاهيم، ولكنها ثورة تتناسب مع خصوصية بلد نزلت فيه رسالة الاسلام السمحاء التي تقبلت الآخر المخالف، وعضدت بين فئات المجتمع الواحد، وساهمت في نشر العدالة والحرية

العدد 388 - الأحد 28 سبتمبر 2003م الموافق 02 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً