لا أعتقد انه توجد ظلامة أكبر من ان تحشر في مؤسسة تبقى فيها 4 سنوات تدرس، تتدرب، تبذل الجهد والمال وتضيّع العمر... وبعد طول الدراسة والتعب لا تقبل شهادتك؟! هذا ما يحدث - ونحن في الألفية الثالثة - مع خريجي معهد البحرين للتدريب. هذا المعهد أعتبره ومنذ زمن احد تناقضاتنا البحرينية أو معجزاتنا السبع.
وأتعجب أكثر من طول الصمت المؤسسي والرسمي لما يقع على طلابه. وخيرا فعلت جمعية الوسط العربي الاسلامي الديمقراطي عندما طالب رئيسها عبدالله الحويحي وأحد اعضائها المعروفين ابراهيم جمعان بنشر اسماء المقبولين في هذا المعهد. وهذا مطلب محترم وملح والجميع منذ زمن يطالب به حتى نعرف اسماء الطلبة الذين سيتخرجون بلا شهادة، ولتتعزز الصورة القاتمة ذاتها لحلقة المعاناة لخريجي هذا البلد، لأن المطلب سيفتح جرحا غائرا في هذا المعهد بالذات، فهل من الانصاف الصمت طيلة هذه السنين على عدم مقبولية شهادة هذا المعهد؟ وهل تعلم مؤسساتنا الرسمية حجم المظلومية التي عاشها ودفعها خريجو هذا المعهد طيلة هذه السنين؟ وللأسف فإن الحلقة الاضعف هي التي تحشر في مثل هذا المعهد ولذلك نأى الجميع من المسئولين والاغنياء بأولادهم عن المعهد طيلة هذه الاعوام، لأن الطالب يدخله بشهادة ثانوية ويخرج بشهادة دبلوم لا تعترف بها كل مؤسسات الدولة بلا استثناء بما فيها وزارة التربية وجامعة البحرين بل بما فيها وزارة العمل! ولو سألنا وزير العمل كيف يتم التعامل مع خريج المعهد من قبل الوزارة؟ هل يتم التعاطي معه على انه حامل شهادة ثانوي أم دبلوم؟ ماذا ستكون الاجابة؟ وان من معجزات الوحدة الوطنية السبع ان يحسب معهد البحرين كنقطة فهو نقطة ادانة وليس نقطة احراج.
طيلة السنتين الماضيتين وصلتني عشرات الرسائل من خريجي المعهد وكلها تحكي مظلومية هؤلاء. وهي تتمثل باختصار في هذه النقاط، التي أذكرها لعل جمعية الوسط تبادر إلى تبني الملف بعد نشر الاسماء - التي نطالب بنشرها وبأسرع ما يمكن - شاكرين في ذلك جمعية الوسط على رأسها عبدالله الحويحي وابراهيم جمعان، وتتمثل معاناة خريجي المعهد في الآتي:
1 - عدم الاعتراف بشهادتهم من قبل كل مؤسسات الدولة، وهذه طامة كبرى فهل يمكن تصور أن مئات الخريجين يمكثون 4 سنوات يدرسون ويتعبون، ولكن لا تقبل شهادتهم وهم منتسبون لمعهد تابع لوزارة رسمية؟ أليس في ذلك تناقض؟ من يدفع فاتورة الالتحاق بهذا المعهد؟ ويبقى السؤال: لماذا المؤسسات الرسمية لا تقبل شهادة معهد رسمي تصرف عليه الدولة ذاتها تماما كما تصرف على جامعة البحرين ووزارة التربية اللتين هما ايضا لا قبلان ولا عترفان بشهادة المعهد. والدليل أن خريجي المعهد يعاملون من قبل كل المؤسسات بما فيها وزارة العمل والتربية والجامعة على انهم خريجو ثانوي. وتتجلى الظلامة أكثر عندما يقدمون الى جامعة البحرين ليواصلوا البكالوريوس إذ ترفض الجامعة ذلك وتعاملهم قانونيا على انهم خريجو ثانوية على رغم انهم يمتلكون دبلوما من المعهد.
2 - هل يعترف ديوان الخدمة المدنية بشهادتهم؟ وهل يعاملون قانونيا على انهم خريجو ثانوية أم حاملو دبلوم؟ وكذلك بقية المؤسسات.
3 - لماذا 89 في المئة من خريجي الثانوية هم وآباؤهم يرفضون الالتحاق بالمعهد؟ ليس لضعف في التدريس أو المادة المقدمة، فهي للحق محترمة ولكن بسبب عدم الاعتراف الرسمي بشهادة المعهد ليقتصر الالتحاق على العوائل الفقيرة أو من يعيشون أوضاعا استثنائية أكثرها يتعلق بالاقتصاد.
ولهذا ألتمس من جمعية الوسط ان تطالب بنشر ليس أسماء مقبولي هذا العام للمعهد فحسب بل تطالب باسماء كل الخريجين حتى في السنوات الماضية حتى يعلم الجميع حجم المعاناة والكارثية الكبرى التي لا تحدث حتى في دولة الواق واق الامر الذي تسبب في ضياع المئات ان لم يكن الآلاف من البحرينيين ممن افرزوا الى سوق العمل بلا شهادة مقبولة سلبتهم حق التمتع بالراتب المناسب والرتب والترقيات بل وحق العمل ايضا، اذ أدخلوا معهدا رسميا حتى المؤسسات الرسمية تملصت منه ودفعوا الضريبة هم، وليت المسئولين يلتفتون إلى حجم الاحباط الذي يعيشه خريجو المعهد عندما تغلق في وجوههم الابواب بعد سنين من المعاناة والدراسة بالقول: لا تقبل شهادتكم!
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 388 - الأحد 28 سبتمبر 2003م الموافق 02 شعبان 1424هـ