«السينما هي إعادة ترتيب الوعي»، مقولة أطلقها «فيسكونتي» في تلمّس واضح للأثر الكبير والعميق الذي يمكن للسينما أن تلعبه وتقوم به في شحن الوعي بفضاءات وإمكانات لا حصر لها، وهو ترتيب بالمناسبة للتراكم الذي يحوزه الإنسان ويحققه نظرا إلى مجموعة المكونات التي تحويها السينما بدءا بالنص مرورا بالأداء وليس انتهاء بالتصوير، وكل تلك المراحل تتطلب تراكما ليس بالهين تحقيقه ما لم تكن الأطراف تلك على مستوى من المعرفة والتميز.
وتظل صناعة السينما جزءا من تركيبة ذلك الترتيب للوعي بعيدا عن المضاربات وهاجس الربح الذي يعمل عمله في إغراق ذلك الوعي بسيل من التفاهات وطوفان من التردي. ويكاد يجمع عدد كبير من المهتمين والمعنيين بهذا المجال (مجال صناعة السينما) على ان تلك الصناعة جزء من الاقتصاد المتدني لهذا العالم، وعلى أن المخرج هو جزء من شخصيات هذا العالم المضطرب.
في الخليج العربي يبدو الحديث عن صناعة للسينما ضربا من محاولة التحليق دونما أجنحة!... على رغم أن الإمكانات التي تقود إلى تلك الصناعة متوافرة ويمكن تجاوز بعض المعوقات التي تبرز هنا أو هناك بين الحين والآخر، فالرساميل متاحة، ولكن الوعي بضرورة قيام مثل تلك الصناعة، ونعود إلى النقطة المركزية في هذا الموضوع، هو المفتقد والغائب.
لقد تصدت مجموعة من المخرجين الشباب في دول الخليج العربية وبجرأة تحسب لهم دونما حسبان للعائد المادي الذي سيتحقق لهم جراء تلك المغامرة، تصدوا لمغامرة الانتاج والإخراج ويظل حاضرا بينهم الآن ونعتز بامكاناته وتميزه، الشاب بسام الذوادي مخرج فيلم «الحاجز» الذي كتبه أمين صالح... وشاركه في كتابة الحوار علي الشرقاوي ومن تمثيل راشد الحسن، ابراهيم بحر، قحطان القحطاني، مريم زيمان، لطيفة مجرن، سعاد علي وبالاشتراك مع الفنان عبدالرحمن بركات وتصوير حسن عبدالكريم. الفيلم أنتج في العام 0991 بالتعاون مع وزارة الإعلام بمملكة البحرين.
دولة الكويت هي الرائدة في هذا المجال بفيلم «بس يا بحر» من اخراج خالد الصديق، وكذلك فيلم «الصمت»... في حين اتجهت دولة الإمارات حديثا إلى الدخول طرفا مساهما في انتاج عدد من الأفلام العربية بعد دخول شركة الماسة إلى السوق المصرية وامتلاكها عددا من دور السينما، وتجاوزت ذلك بالدخول في انتاج عدد من الأفلام العالمية.
الحكومات مطالبة قبل غيرها بدعم هذا التوجه ولتفتح مجالا يدفع برجال الأعمال والمستثمرين إلى الإقبال عليه وعدم التردد فيه، على أن تكون سينما تعنى بواقع المكان وتعكس قضاياه واهتماماته.
هنالك عدد من المعوقات التي يوردها عدد من المهتمين، تحول دون قيام صناعة للسينما بالمعنى الحقيقي. إذ يرى كاتب السيناريو والمخرج والمنتج الكويتي وليد العوضي: «إن صناعة السينما تحتاج إلى جو مفعم بالحرية في الطرح والتعبير حتى لا يشعر الممثل انه مقيد»، كما يرى ان صناعة الفيلم مكلفة ويحتاج منتجها إلى ضمان ربحه لذلك لا توجد شركة إنتاج مستعدة لأن تضع مليون دينار لتنتج فيلما بلغة محلية وتقف حائرة أمام مجال تسويقه.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 387 - السبت 27 سبتمبر 2003م الموافق 01 شعبان 1424هـ