صرّح رئيس جمعية المنبر الوطني الإسلامي صلاح علي بأنه تمّ تقديم رؤية المنبر الإسلامي عن المشاركة في المؤتمر الدستوري الوطني المرتقب إلى الجمعيات السياسية الست، وفي انتظار الرد منها.
مؤكدا سعي المنبر إلى إنجاح مؤتمر دستوري وطني يحقق «ما نتطلع إليه جميعا من إجراء تعديلات دستورية وتشريعية ترفد المشروع الإصلاحي لجلالة عاهل البلاد».
وأضاف صلاح علي قائلا: «إننا إذ نثمن الحس الوطني المخلص لدى المعارضة البحرينية في الوقت الحالي، لنتمنى أن تتمخض عن هذا المؤتمر رؤية أكثر حكمة وأكثر إيجابية، تخرج البلاد من عنق الزجاجة، وتراعي المصالح والأهداف الوطنية العليا التي نسعى إليها جميعا من دون مزايدات ومن دون قفز على الواقع ومن دون تصلب في المواقف، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى أن تفقد كل هذه الجهود المبذولة قوتها ومعناها وصدقيتها المنشودة». وذكر صلاح علي أن هناك مجموعة من الثوابت التي استند إليها المنبر عند تحديد هذا الموقف، «مبتعدين عن الاحتكام إلى الأهواء والخيال الجامح الذي سيؤدي إلى فشل كل الجهود الوطنية المخلصة والخيرة التي نسعى إلى تحقيقها» وهي على النحو الآتي:
أولا: إن المنبر الوطني الإسلامي يتطلع إلى إنجاح المؤتمر الدستوري الوطني بكل صدق وبكل جهد مستطاع، لأن في نجاحه تحقيقا لآمال فئة كبيرة من الشعب في إجراء تعديلات دستورية ترفد المشروع الإصلاحي وتعزز المكتسبات الديمقراطية.
ثانيا: يتطلع المنبر الوطني الإسلامي إلى أن تكون أطروحات المؤتمر فعّالة ومتنوعة، وأن تعزز هذه الأطروحات بآليات تنظيمية مرنة وواسعة وفاعلة. وان اختلفت الأطروحات، فليكن الاتفاق على قناة جامعة ومفهوم مشترك للجميع.
ثالثا: يود المنبر الوطني الإسلامي تجنب أن يخرج المؤتمر بتوصيات تذهب أدراج الرياح، ولا تؤدي إلاّ إلى مزيد من الاحتقان والتوتر في الشارع المحلي.
رابعا: يتطلع المنبر الوطني الإسلامي إلى أن يكون المؤتمر الدستوري مؤتمرا وطنيا حقيقيا، يشارك فيه أكبر عدد من الجمعيات والأطياف السياسية والفئات الشعبية والمستقلة بمختلف توجهاتها ورؤاها، لا أن يكون مؤتمرا للمقاطعين او المعارضين فقط. ويرى المنبر أن المؤتمر بذلك سيكون تظاهرة وطنية تتذكرها الأجيال القادمة بالتقدير والإكبار وسيزيد ذلك من فرص نجاح المؤتمر وتبني توصياته ونتائجه.
هذه هي الثوابت التي اتخذنا على أساسها موقفنا، وإننا لنرجو ان تمثل هذه الثوابت القاسم المشترك والأرضية الجامعة بين الجميع.
لذلك فإن موقف المنبر الوطني الإسلامي يتلخص في أن مشاركتنا في المؤتمر الدستوري الوطني تتوقف على مدى التوافق على الرؤى التي سنعرضها فيما يأتي. مؤكدين أن هذه النقاط لا تمثل إملاءات أو شروطا على الآخرين وإنما نتمنى أن تكون نقاط التقاء تجمعنا لتحقيق أهدافنا الوطنية الكبرى، وتساهم في إنجاح هذه التظاهرة الوطنية.
أولا: في مجال توسيع المشاركة في المؤتمر:
- حتى يكون المؤتمر الدستوري الوطني اسما على مسمى - أي مؤتمرا وطنيا - يجب توسيع قاعدة المشاركة الشعبية والرسمية، بأن يدعى إلى المؤتمر كل من يؤمن بأهمية الحوار وخصوصا أولئك الذين يرون ضرورة توسيع الرقعة الديمقراطية في وطننا الغالي.
- أن يدعى إلى المؤتمر نواب المجلس الوطني الذين يؤمنون بضرورة زيادة الصلاحيات التشريعية والرقابية، لأن ذلك سيعطي المؤتمر فرصة لكسب صف السلطة التشريعية وتيسير سبيل الوصول إلى التعديلات الدستورية المنشودة.
- يمكن دعوة شخصيات مستقلة إلى المشاركة بتقديم أوراقها ورؤاها، وأن تكون هذه الشخصيات من أطياف مختلفة وليست محسوبة فقط على المعارضين أو المقاطعين.
- تأكيد التواصل مع المواطنين والقواعد الشعبية للاستماع إلى آرائهم عما يعتقدون أنه الأنسب والأصلح لهم من تحديد الأولويات وأهم القضايا الأساسية التى تمس حياتهم وهمومهم في المرحلة الحالية.
- فتح قنوات الاتصال مع الجميع - مشاركين ومقاطعين. بل إننا نرى من المفيد إشراك الحكومة في المؤتمر - ولو بصفة مراقب - كونها لاعبا أساسيا على ساحة العمل الوطني. ونحن نرى أن مشاركة الحكومة لا تنتقص من حق المؤتمر بل - على العكس - اقامة للحجة البالغة وثقة كبيرة بالنفس، واعتراف متحضر بأننا جميعا شركاء في بناء الحياة الديمقراطية العادلة.
- نرى عدم إشراك شخصيات من خارج البلاد، والاقتصار على الشخصيات الوطنية والجمعيات المحلية، لأن الحدث وطني وينبغي أن يناقش ضمن الإطار الوطني.
ثانيا: فيما يتعلق بأسلوب الطرح والحوار في المؤتمر:
- يرى المنبر الوطني الإسلامي ضرورة الالتزام بالطرح العقلاني والمعتدل، مع التمسك بثوابت الممارسة الديمقراطية والمشروع الإصلاحي حتى يتحقق نجاح المؤتمر.
- السعي إلى إقناع الحكومة وفئات الشعب بمختلف أطيافها وتوجهاتها - من خلال لغة المؤتمر - بأن الهدف منه وطني بحت، لا يستهدف أحدا ولا على حساب طائفة دون أخرى، وانه يدفع بالبلاد إلى الأمام، وليس مجرد مزايدات مرفوضة. وهذه هي الخيرية للمؤتمر.
- تأكيد النهج السلمي في المطالبة بالتعديلات الدستورية وتجنب تجييش الشارع أو التلويح بإمكان إعادة الأوضاع إلى الوضع المتوتر الذي كانت عليه، لأن تصلب المواقف سيصل بنا حتما إلى طريق مسدود.
- الحذر من أن تكون هناك أجندة خفية للمؤتمر قد تفشل جميع الجهود المجتمعة، وتزيد الهوة بين أصحاب الآراء المختلفة.
ثالثا: في الموقف من الدستور والمجلس المنتخب:
- تأكيد عدم المساس بالمشروع الإصلاحي الذي دشنه صاحب الجلالة ملك البلاد، ودفع التجربتين البرلمانية والبلدية إلى الأمام وإصلاح مواضع الخلل والنقص فيها من دون الرجوع إلى الوراء، واضعين نصب أعيننا القفزات الإصلاحية الكبيرة التي تحققت للمجتمع البحريني ما يستوجب من الداعين إلى المؤتمر وجميع المخلصين المحافظة على هذه المكتسبات والبناء على أساسها.
- يتحفظ المنبر الوطني الإسلامي على الأطروحات التي تصف دستور 2002 بأنه منحة غير مكتسبة وكذلك على الطرح القائل بأن المجلس النيابي غير شرعي، لأن ذلك ببساطة يتناقض مع الموقف الثابت للجمعية العمومية للمنبر الوطني الإسلامي والذي على أساسه شارك المنبر في الانتخابات النيابية، وعلى أساسه يسعى إلى الإصلاح من خلال المؤسسات الدستورية الموجودة على أرض الواقع.
- يؤكد المنبر أن وجود السلطة التشريعية ومجلس النواب يعد مكسبا يجب التمسك به ودفعه إلى الأمام والعمل من خلالهما على دفع التجربة الديمقراطية إلى الأمام باعتبارهما احدى الأدوات المتاحة للشعب البحريني فى المرحلة الراهنة.
- انتهاج المرونة في المطالبة بالإصلاحات الدستورية وعدم التشبث بدستور 3791، لأننا نرى أن هناك أفكارا أكثر تطورا يمكن الوصول إليها من خلال ضم مكتسبات دستور 3791 إلى مكتسبات دستور 2002، وبذلك يمكن الاستفادة من التجربتين.
رابعا: في طريقة التعامل مع توصيات ونتائج المؤتمر:
- يرى المنبر الوطني الإسلامي ضرورة أن ترفع التوصيات التي سيخرج بها المؤتمر إلى السلطة التشريعية من خلال المجلس المنتخب، كما يمكن رفع هذه التوصيات بشكل متزامن إلى جلالة الملك باعتباره رأس السلطات جميعا.
- أن يتم اتباع الآليات الدستورية التي تتضمن توسعة الصلاحيات التشريعية والرقابية لمجلس النواب المنتخب من خلال عرضها على السلطة التشريعية بتعديل بعض نصوص الدستور، الأمر الذي سيكسب هذه التعديلات صدقية أكبر وقبولا أوسع.
وأخيرا، فإن المنبر الوطني الإسلامي يرى أن السبيل الوحيد لتحريك القضية الدستورية وإنجاح هذا المؤتمر هو الخروج بقرارات شجاعة تنصب في المصلحة العليا للوطن، وتقديم التنازلات من الأطراف كافة مع تأكيد أن التطوير عملية مستمرة تتطلب مراجعة خيارات الوطن باستمرار، وبذلك فقط يمكننا جميعا تحقيق حلم جميل نسعى كلنا إلى تحقيقه في وطننا الغالي.
العدد 387 - السبت 27 سبتمبر 2003م الموافق 01 شعبان 1424هـ