ينعقد دور الانعقاد الثاني في 11 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل في ظل توقع تجدد الحديث عن المشاركة والمقاطعة، والتعاطي وعدمه مع البرلمان، وتربص المعارضين بالبرلمان وما يصدر عنه، واتهام النواب لهم بإضعاف البرلمان، وفي وجود أكثر من مقترح بقانون في قضايا حساسة كقانون الأحزاب، وقانون الصحافة، وقانون تجريم التمييز وإلحاق ديوان الرقابة بالمجلس الوطني، وأخيرا قانون تقنين عدد الأجانب في المؤسسات العسكرية، وهي قوانين - إذا ما طرحت - فبإمكانها أن تحرك غرفتي المجلس الوطني بعد فراق دام سنة كاملة، أو حسمها داخل المجلس بحسب معادلات القوى والتيارات الموجودة في المجلس.
إلى ذلك، قال رئيس جمعية العمل الديمقراطي عبدالرحمن النعيمي انه لا يتوقع شيئا من المجلس النيابي الحالي، سواء قام النواب بشيء أم لم يقوموا، وذلك لكون المشكلة الأساس تكمن في أن صلاحياته محدودة، وهو بحاجة إلى صلاحيات تشريعية ورقابية ليقوم بدوره على أكمل وجه، معتبرا أن عقد المؤتمر الدستوري يأتي بهدف مشاركة شعبية في صنع القرار والرقابة على أداء السلطة التنفيذية، ونتمنى من المصلحين في الحكم - كما قال - أن يوافقوا على إجراء التعديلات الدستورية ليكون بالإمكان التوافق بين السلطة والمعارضة، والمشاركة السياسية من كل الأطياف.
أما رئيس الدائرة السياسية في جمعية «الوسط العربي» إبراهيم جمعان، فقد أشار إلى أن القوى الوطنية عندما شاركت في المشروع الإصلاحي، فشاركت وفق مرتكزات ومبادئ طالب بها شعب البحرين منذ عقود طويلة، ويأتي في مقدمتها كأولوية شعبية المشاركة في السلطة التشريعية وفق الممارسات والقنوات القانونية المتعارف عليها دوليا.
وتوقع جمعان من الدورة القادمة في المجلس النيابي، أن يبلور الأعضاء أولوياتهم وفق هذا المطلب الشعبي، في المشاركة الحقيقية كسلطة تشريعية ورقابية منتخبة وغير منقوصة، لذلك فإن القصور الذي واكب أداء الدورة الأولى لا يمكن تجاوزه إلا من خلال سلطات حقيقية لممثلي الشعب.
وأضاف «نحن نؤمن بأن هذا هو المدخل الطبيعي لتحقيق أي مكاسب حقيقية ورفع المعاناة عن كاهل المواطن البحريني، سواء كانت هذه القضايا مرتبطة بتقديم خدمات كالإسكان والصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، أو حل مشكلات كبرى يعاني منها المجتمع البحريني كالبطالة والفساد الإداري والمالي، والتجنيس خارج القانون وحرية التعبير بجميع أشكاله وقنواته».
وأكد الجمعان أن أمور المجلس لن تتوقف، إذ ستكون للمجلس بعض الإنجازات المحدودة، ولكني أعتقد - كما قال - أن هذه الإنجازات في ظل الوضع التشريعي الحالي، لن تمس جوهر الإصلاح الحقيقي.
وعن المؤتمر الدستوري، أشار الجمعان إلى أن المؤتمر مازال في البداية، إذ ان الجمعيات مازالت تسمي أعضاءها في اللجنة التحضيرية، مبينا أن أحد الأهداف الرئيسية لمبادرة الجمعيات السياسية بعقد المؤتمر الدستوري هو الخروج من المأزق الدستوري والوطني الذي يؤثر سلبا على طموحات وآمال الشعب البحريني من جهة، وعلى المشاركة الحقيقية التي توافقنا عليها في بداية المشروع بين القيادة السياسية والشعب من جهة أخرى.
وذكر الجمعان أن هدف المعارضة خلق حالة تكاملية في الأداء والرقابة والتشريع بما يضمن تحقيق أنموذج وطني ليس في البحرين فقط، ولكن على مستوى المنطقة كلها، مشددا على أن البرلمان باعتباره حالة واقعية يمثل احدى القنوات التي لا يمكن تجاوزها بغض النظر عن البعد القانوني له، إذ لابد - كما قال - أن يكون أحد الشركاء في إحداث صيغة توافقية، وتحقيق رؤية وطنية مشتركة يشارك به الجميع، ومن بينهم الجمعيات السياسية، مردفا: وعلى رأس الجميع القيادة السياسية التي بإمكانها الدفع باتجاه تطوير التجربة أكثر.
نائب رئيس جمعية العمل الديمقراطي للشئون التنظيمية إبراهيم شريف، قال: «إن أداء النواب سيكون في حدود الحواجز الدستورية، مشيرا إلى أن النواب يعتقدون أنهم سيؤدون أمورا كثيرة ونحن لا نعتقد بذلك، لكننا سننتظر ماذا سيفعلون». وأضاف «بِيَدِ النواب أن يصدروا تقارير كثيرة عن أداء الحكومة، لا تمانع الحكومة من كشف النواب الحقائق للناس، فالحكومة لن تستأصل من النواب حقهم في الكلام، إنما استأصلت حقهم في التشريع، ونحن نتابع أداءهم فيما يتعلق بلجنتي التجنيس والتأمينات، وما سيتوصلون إليه من نتائج، وسيكون لنا رد في الوقت المناسب». وأكد شريف توثيق الجمعيات الست كل ما يتعلق بملف التجنيس، لكنه تساءل عن الكيفية التي سيكشف بها النواب المخفي في هذا الملف، وما هي أدواتهم في ذلك؟ داعيا النواب إلى الإفصاح عن عدم تعاون الحكومة معهم في هذا الملف إذا هي لم تتعاون، متسائلا: هل يملك الأعضاء الشجاعة للاستجواب وطرح الثقة؟ غير أنه اعتبر الوزير يستطيع أن يفلت من التعاون مع المجلس إذا ضمن عدم وجود الثلثين للتصويت على طرح الثقة وهو الأرجح.
أما بخصوص فتح التحقيق في إفلاس صندوقي التقاعد والتأمينات، فقد أشار إلى أن المشكلة بدأت العام 6891، حينما خفضت الحكومة اشتراكات التأمينات الاجتماعية، متسائلا: من اتخذ القرار، وعلى أي أساس؟ إذ أكد أن إفلاس التأمينات الاجتماعية بعد عقدين نتيجة حتمية لهذا القرار الخطير.
ولفت شريف إلى عدم الكشف عن رأي الخبراء الاكتواريين وعدم السماع لرأيهم، وهو موجود في تقاريرهم طوال التسعينات، إذا سأل النواب مرة أخرى: هل سيحاسب الوزراء المسئولون عن إفلاس التأمينات أم سيتم التحدث عن إصلاح الخطأ فقط؟ وأجاب: «نحن نعتقد أن المجلس في وضعه الحالي لن يقوم بتحدي الحكومة في أخطائها الكبرى».
تصريح عبدالهادي مرهون عن الشأن النيابي
أما النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون، فقال: «متابعة الشأن النيابي وترقب دور الانعقاد الثاني، المقرر افتتاحه من قبل جلالة الملك في 11 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، يدلان بوضوح على أن البرلمان أصبح ركنا أساسيا في العمل السياسي والشأن العام وصناعة القرار في بلادنا، وقد أصبح احدى ركائز الواقع الذي يتعزز مع مضي الوقت، ويتلمس المكاسب بشكل تدريجي، ليعكس اهتمامات المجتمع، ومختلف الشرائح الاجتماعية والسياسية، إضافة إلى المتابعين في الشأن العام من خلال الندوات والمقابلات والمنتديات الألكترونية».
واعتبر مرهون «أن الحياة الديمقراطية بدأت تأخذ حيزا حقيقيا من اهتمامات الشارع والمواطن، الذي بات ينتظر تحسنا ملموسا ومكاسب حقيقية في الحياة اليومية، وخصوصا أن الفرد البسيط في مجتمعنا انتظر طويلا واجتاز الكثير من المحن باتجاه أن يتم إنصافه في سبل عيشه اليومية، وذلك لن يتم إلا من خلال القوانين والتشريعات والأطر التي يحتكم إليها في حاضره ومستقبله».
وأكد مرهون أنه سيتعاون مع السلطة التنفيذية للسير نحو الأهداف النبيلة والمشتركة التي تخدم مصلحة الأمة، وخصوصا أولئك المغبونين والمهمشين، مبينا أن القوانين والمشروعات سنركز فيها على الأدوار الجوهرية التي تنتظرنا وتنتظر البحرين، وجلها يعالج الجانب المطلبي والحقوقي، وإزالة المظالم التي تعاني منها مختلف الشرائح الاجتماعية كما قال.
وأضاف «قضايا الأجور في القطاعين العام والخاص، لابد من تحقيق تقدم فيها، حتى نلمس تحسنا واضحا على المستوى المعاشي للمواطن، يستعيد فيه ثقته بالمستقبل، إضافة إلى الجوانب المتصلة بمعالجة استشراء الفساد الذي ينخر في جسد المجتمعات، إذ ان مجتمعنا لم يعد يحتمل هذا الكم من الفساد المالي والإداري، مقارنة بموارده المحدودة». وأشار مرهون إلى مشروعات أخرى كالضمان الاجتماعي للعاطلين، الذي يرتبط بجهودنا وجهود الحكومة - كما قال - في القضاء على البطالة، وإيجاد حلول مدروسة لها، إضافة إلى قانون نظام التقاعد المبكر للمرأة، وحماية مستقبل التأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد، ووضع ضوابط صارمة تكفل حماية أموال أجيال المستقبل، وهو ما سيتبين من خلال تقرير لجنة التحقيق في أعمال المؤسستين المذكورتين.
وواصل حديثه عن المشروعات فقال: «لدينا توجه مدروس في المجلس، مدعوم من مختلف القطاعات النيابية لدعم وتعزيز حركة الاستثمار والتنمية الاقتصادية من خلال أطر تشريعية يكون من بينها قانون للاستثمار يوضح حقوق وواجبات المستثمر، ويؤكد موقع البحرين الريادي الذي بنته بصبر وجهد عملية التنمية الاقتصادية، وسنكون حريصين على اجراء مناقشة جادة لقانون المطبوعات، ومتابعة إصدار قانون جديد للمطبوعات يلغي هيمنة القانون المعمول به حاليا، ويتماشى مع عصر الانفتاح والشفافية الذي تنعم به بلادنا، بعيدا عن تقييد الحريات وتجريم أصحاب الرأي لأسباب غير ذات معنى».
وأردف: توجد مشروعات أساسية عكفنا على إعدادها في العطلة البرلمانية - كما قال - وهي خاصة بقانون الأحزاب، وقانون آخر بتجريم ممارسات التمييز، الذي نشعر أنه منذ طرح في دور الانعقاد الأول، لم نلمس تغيرا جوهريا محسوسا يبعدنا عن نتائجه الكارثية في المجتمع «داعيا السلطة التنفيذية والأجهزة المعنية كافة إلى تضافر الجهود، ليكون دور الانعقاد المقبل خلية عمل حقيقية يلمس فيه المواطن مقدار الجهد المبذول، والذي من المؤمل أن ينعكس على سبل ومستوى حياته ومعيشته». وعند سؤاله، ما توقعك لتعاون الحكومة معكم لإنجاز هذه المشروعات، قال مرهون: «أدرك تماما أن العمل السياسي يتطلب صبرا وعملا دؤوبا، وهو لا يتصف بالفردية، لذلك فمختلف المشروعات والقوانين لا تعتمد على نوايا فردية لشخص أو اثنين، بل تشكل قناعات تتجاوز هذه النسب، وأنا على يقين بأن بقية أخواننا وزملائنا النواب، لديهم رغبة تقل أو تكثر بحسب المعطيات».
وأضاف «أنا أفهم أن كل سلطة تنفيذية تعمل على تمرير مشروعاتها بسلاسة، أو إعاقة مشروعات قوانين غيرها من خلال مسائل إجرائية مفهومة، ولكن يجب أن نجدد رغبتنا بوضوح وطموحنا إلى أننا سنقوم بواجبنا في طرح الخيارات الديمقراطية بعيدا عن الصدام، فهو هدف لا نرغب فيه، بل نسعى بكل جد إلى بناء تعاون مثمر مع السلطة التنفيذية على صعيد تمرير القوانين والمشروعات والرغبات، فكلما بنينا جسورا من الثقة أعمق وأكبر، أصبحت المسيرة الديمقراطية أكثر تحصينا، غير أننا سنؤدي دورنا الحقيقي في التصدي وإعاقة المشروعات التي لا تدعم المطالب الشعبية، وتشكل انتقاصا لحقوق الإنسان والرأي، فهي مهمتنا التي انتخبنا من أجلها».
وبخصوص إعاقة الحكومة مشروعات النواب قال: «نأمل ألا يحدث ذلك وإن كان متوقعا، فمن خلال معرفتنا ومراقبتنا لأداء السلطات التشريعية في كل دول العالم، والتي تتمتع بعراقة تفوقنا بمراحل، لأسبقيتهم في البداية، نلاحظ أن هذا الموضوع يدخل في نطاق العمل السياسي، ان السلطة التنفيذية تحاول عرقلة مشروعات النواب التي لا تتفق مع برنامجها العام، لكن علينا نحن النواب والوطنيين والديمقراطيين مدعومين من مختلف شرائح وأوساط وطنية وسياسية في المجتمع، أن نكون صبورين مدركين أن عملنا هو إدارة صراع اجتماعي له أطرافه المتعددة وأحيانا المتناقضة في الأهداف والمنطلقات.
وأشار مرهون إلى أنه وغيره من النواب سيعملون على استنفاذ كل السبل التي من شأنها أن توصلنا إلى غاياتنا من دون أن نتوقع نتائج فورية، «فمهمتنا هي الإصرار على تحقيق مكاسب، فإذا لم تحقق لا أملك إلا السعي والنضال من أجلها».
العدد 387 - السبت 27 سبتمبر 2003م الموافق 01 شعبان 1424هـ